وضع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة المجتمع الجزائري برمته أمام مسؤولياته في مواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية مؤكدا على أنها وان كانت تدعو إلى التخوف مما يجري هنا وهناك فإن للجزائر طاقات تعتمد عليها لتفادي أي انزلاق، مسجلا أن البلاد توجد اليوم في وضع لا تدين فيه ولا تستدين وتوقف عند مسألة المديونية الخارجية ليوضح للرأي العام أن المديونية الخارجية القديمة قد تم التخلص منها، وهناك ما يعادل 5 ملايير دين خارجي ترتب في السنوات العشر الأخيرة بفعل تعاملات اقتصاد السوق ونشاط المؤسسات الخاصة على حد تعبيره، وبوضوح أضاف انه بالإمكان التخلص من هذا الدين فورا إن أريد ذلك. رئيس الدولة وهو يلقي خطابا أمس أمام المشاركين في الندوة الوطنية الثانية حول التكوين بالقاعة متعددة الرياضات 24 فبراير بسيدي بلعباس التي خصته باستقبال شعبي كبير رغم برودة الطقس وانهمار المطر خاطب الأمة كلها بان الاستقلال يبقى مرهونا في جوهره بالأمن الغذائي الذي ينبغي الوصول إلى التحكم فيه في عالم يتربص فيه العمالقة بالبلدان الناشئة وأعلنها صراحة قائلا .. إننا لن نساوم على الاستقلال والحرية ولا بد من التسلح للمستقبل. وبالمناسبة قدم حصيلة حول تطور قطاع التكوين المهني والمنظومة التعليمية بمختلف مستوياتها قبل أن يعلن عن جملة من القرارات لتعزيز انطلاقة جديدة منها رفع منحة المتربصين ابتدءا من موسم الخريف المقبل من 300 إلى 2000 دج كما سيتقاضى المتربصون الذين لم يستفيدوا من منحة إلى حد الآن من منحة شهرية بقدر 500 دج فيما سترفع منحة المتربصين من المستوى العالي من التكوين المهني بنسبة 50 بالمائة إلى جانب اتخاذ تحفيزات جبائية للمؤسسات التي تستقبل الممتهنين المتربصين. وفي ذات السياق ابدى الحرص على مواصلة مسار إصلاح المنظومة التعليمية بتقوية الشعور بالانتماء الوطني والتمسك بالهوية مذكرا بالمثل الشهير المتداول منذ الحقبة الاستعمارية السوداء ..عربي عربي ولو كان الكولونيل بن داود.. في إشارة إلى أهمية الحفاظ على علاقة الانتماء للوطن ليدعو الشباب إلى التمعن في التاريخ والتمسك بصلة الانتماء للجزائر إلى النخاع مهما كانت المغريات والصعاب لافتا الانتباه إلى تمسك كل الشعوب بأوطانها مهما كانت أوضاعهم، بينما يلاحظ على شبابنا حالة غريبة من الضياع ولديه بلد جميل وشعب شجاع، مذكرا بالإرهاب المقيت الذي ألهب البلاد في وقت سابق ليتصدى له الشعب في عالم غير مبال من الأشقاء والأصدقاء والأعداء بين متفرج ومتشفي ومتربص. وبصدد التذكير بعظمة الجزائر وتألقها في مراحل سابقة من خلال الرياضة كوجه نظيف لشبابها توقف عند أهمية بناء فريق كبير لكرة القدم يضحي كل منتسب إليه من اجل الألوان الوطنية ويشرفها كما حصل في الماضي من تفوق على الفريق الفرنسي وتصدر للعالم العربي، وكاد أن يبلغ مستوى متقدم في نهائيات كأس العالم بمدريد سنة 1982 فأشار بهذا الصدد إلى وفرة الإمكانيات ولا يبقى سوى تفجير العزائم وصدق القائمين على هذا الشأن وتفانيهم في التوصل إلى الغاية ليبقى العلم الوطني حاضرا مع كبار العالم. ولم يكن بالإمكان القفز على الموعد الانتخابي القادم لرئاسيات التاسع افريل ليطلب عبد العزيز بوتفليقة الدعم الشعبي بكل حرية وديمقراطية وشفافية قائلا .. اختاروا من شئتم لكن دعموه، وأحسن برهان على ذلكم الدعم هو المشاركة في الانتخابات.. وأضاف يقول ..إننا نخشى عليكم من العولمة والمستقبل ومكائد الأقوياء لذلك نرجع دائما إلى التاريخ الذي يمثل الحصن المنيع ومصدر التمتع بالقوة أمام كل التحديات مشيدا ببطولات وشجاعة جيل نوفمبر الذي تحيي الأمة قريبا ذكرى عيد النصر الموافق ل19 مارس الذي توج مسارا كفاحيا جلب احترام العالم فكان بمثابة عنوان لثورة التحرير الخالدة التي قهرت الاستعمار الفرنسي وطردته من هذه الأرض الطيبة يجر ذيول الهزيمة بكل مفاهيمها بما فيها الأخلاقية. وحظي التعليم الجامعي باهتمام هو الآخر من منطلق أن التعليم بصورة عامة مسألة خطيرة لمستقبل الشعوب محييا سلك التعليم برمته لما يقدمه للأمة، فأعلن أن المنحة الجامعية سترفع بداية من الدخول الجامعي المقبل بنسبة 50 بالمائة وسيتضمنها قانون المالية التكميلي في جوان 2009 وأوضح يقول .. سواء انتخبتموني أم لا سيطبق هذا القرار الذي سيشمل مستويات التدرج وما بعد التدرج، كما ستخصص منحة شهرية ب12 ألف دج لطلبة الدكتوراه بدون دخل ما يكلف ميزانية بحوالي 1440 مليون دج سنويا من منطلق أن البلاد تحتاج للجامعيين داعيا إلى مواصلة السعي لاكتساب المزيد من العلوم وبالمقابل نبه وبشكل مسؤول لأهمية إقبال الشباب عامة ومن ليس لديه تأهيلا علميا خاصة على العمل في جميع قطاعات النشاط التي ترتكز على قوة عضلات وسواعد الإنسان مثل الفلاحة والصيد البحري والبناء والأشغال العمومية والتوقف عن سلوك الانتظار أمام أبواب الإدارة . وواصل رئيس الدولة زيارته إلى ولاية سيدي بلع الاستعداد لتحديات المستقبل باس التي خصته باستقبال شعبي وسط المدينة يعكس قوة الانتماء وص دعا رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بسيدي بلعباس الشباب الجزائري إلى البقاء متمسكا بوطنه والاستعداد للتحديات المستقبلية . وأوضح رئيس الجمهورية في الكلمة التي ألقاها بمناسبة افتتاح الندوة الوطنية حول التكوين أنه بالرغم من كل الكوارث والصعاب والمغرياتڤ يتعين على الشباب الجزائري الاعتزاز بوطنه وبأجداده . دق مشاعر الضيافة من جانب سكانها رغم ثقل يوميات البسطاء من الناس الذين يعلقون آمالا واسعة ومشروعة على الدفع بوتيرة التنمية إلى مستويات جواريه من شأنها أن تقلب معطيات عالم الشغل لتستوعب حجم الطلب بإقحام المؤسسات بما فيها القطاع الخاص الذي يطالبه الظرف بالانفتاح على المجتمع. وفي هذا الإطار وقف عند عدد من المنجزات والمشاريع شملت قطاعات التربية والثقافة والصحة والسكن والأشغال العمومية، كما سجل موقف عرفان وتقدير لتضحيات أسرة التعليم بإطلاق أسماء 12 معلمة ومعلم اغتالتهم أيادي الإرهاب الغادر يوم 27 سبتمبر 1997 على ثانوية 800 مقعد ببلدية سيدي إبراهيم. وتابع الرئيس بوتفليقة مخاطبا فئة الشباب وحاثا إياها على التمعن في إمكانيات وقدرات وطنها : إن الله أعطاكم بلدا من أكبر البلدان وشعبا من أكثر الشعوب شجاعة . فالجزائري يبقى جزائريا مهما ذهبت به الأيام. وحذر الرئيس بوتفليقة من عواقب عدم تشبث الشباب بوطنه وعدم سعيه إلى بنائه مؤكدا أنه لا خوف على الشباب في حالة دراسته لتاريخ الآباء والأجداد، مضيفا أن الخوف كل الخوف عليه في رغبته وتشبثه في الهجرة إلى بلدان أخرى مثل كندا واستراليا. وقال في ذات السياق أن الشباب عبء ثقيل غير انه ثروة هائلة تتطلب الاستغلال. من جهة أخرى عرج رئيس الجمهورية في كلمته على التحديات التي تواجه الجزائر في الفترة الراهنة بحيث نبه إلى انه بالرغم من الإجراءات التي اتخذتها الدولة لمجابهة الأزمة العالمية وتخطيها بسلام إلا أننا - كما قال- نبقى متوجسين خوفا من عواقب ما يجري هنا وهناك. وأضاف أن الجزائر ليست في معزل عما يجري هنا وهناك لكنها تملك طاقة تعول عليها . ولدى تطرقه إلى المديونية الخارجية للبلاد قال الرئيس بوتفليقة نحن في وضع لا ندين فيه ولا نستدين موضحا أن الديون القديمة للجزائر تم التخلص منها في حين أن الخمس ملايير دولار الباقية المسجلة في العشرية الأخيرة "جاءت من خلال اقتصاد السوق والمؤسسات الخاصة. وأضاف في هذا الصدد أن الجزائر لديها الإمكانيات للتخلص من هذه الديون خلال 24 ساعة (...) غير أنه مهما اتخذنا من إجراءات - يضيف رئيس الجمهورية - نبقى تابعين واستقلالنا مرهون بعلاقاتنا بالخارج. وحث الشباب في هذا الشأن على ضرورة الاستعداد وتأهيل أنفسهم والتسلح لما ينتظرهم من مسؤوليات، موضحا في هذا المجال أن البلاد في حاجة إلى الجامعيين والجامعيات من أبنائها، داعيا الطلبة إلى المثابرة للوصول إلى أعلى الرتب في التحصيل العلمي خدمة لبلادهم. وفي هذا السياق تطرق الرئيس بوتفليقة إلى الشباب الجزائري الذي يذهب للدراسة في الخارج وينال المراتب الأولى في دفعاته مؤكدا ان الجزائر بحاجة الى هذه الطاقات وأعلن رئيس الدولة بالمناسبة عن رفع المنح الجامعية إلى 50 بالمائة لفائدة طلبة التدرج وما بعد التدرج مشيرا إلى أن هذه الزيادة سيتم أخذها بعين الاعتبار في قانون المالية التكميلي لشهر جوان المقبل . من جهة ثانية أبرز الرئيس بوتفليقة أن البلاد في حاجة إلى اليد العاملة في مختلف المجالات كالفلاحة و البناء والأشغال العمومية، فالجزائر - يضيف رئيس الدولة - ينبغي ألا تنتظر أن تبنى من طرف يد عاملة أسيوية أو من أمريكا اللاتينية. وتأسف الرئيس بوتفليقة في هذا الشأن لكون بعض الشباب غير المؤهل علميا يطلب العمل في الإدارات. وبخصوص الندوة الوطنية حول التكوين شكر رئيس الجمهورية الشباب الجزائري المشارك في الندوة والقادم من كل أنحاء الوطن مشيدا من جهة أخرى بانجازات أبطال الرياضة الجزائرية الذين ادخلوا الفرحة الى قلوب الجزائريين في أحلك الظروف على غرار حسيبة بولمرقة ونورالدين مرسلي المتواجدين بالقاعة. وقال أن بولمرقة بطلة اولمبياد 1992 في سباق 1500 متر ومرسلي بطل اولمبياد 1996 في ذات المسافة رفعا رأس الجزائر وعلمها وحولا أحزانها الى افراح في وقت كانت الجزائر تعيش سنوات الارهاب الذي وصفه "بالأمقت من الاستعمار''. كما أشاد رئيس الدولة بانجازات الفريق الوطني في مونديال 1982 ممثلا في لخضر بلومي المتواجد هو الاخر بالقاعة متسائلا "أين الفريق الذي كان يتسيد القارة الافريقية و العالم العربي. وأكد على ضرورة تكوين فريق وطني لكرة القدم قوي يستعيد أمجاده مشيرا إلى استعداد الدولة لوضع الإمكانيات اللازمة لذلك وللرياضة الجزائرية بصفة عامة. وبشأن الانتخابات الرئاسية للتاسع أفريل المقبل أكد رئيس الجمهورية ان الجزائر محتاجة الى مكانة في العالم وهذه المكانة ليست مرهونة برئيس فحسب وانما برئيس مدعم بقوة من شعبه. ودعا رئيس الدولة الجزائرين إلى التصويت بكل حرية وديمقراطية وشفافية ودعم المترشح الذي يرغبون في ان يكون رئيسا لهم .