أطلق رئيس الجمهورية، أمس من سيدي بلعباس، العديد من الرسائل المشفّرة ردّ فيها على منتقديه خاصة بعد قرار ترشحه لعهدة رئاسية جديدة، حيث قال إن الجزائر ليست بحاجة إلى رئيس بقدر ما هي بحاجة إلى "رئيس يدعمه الشعب بقوة حتى يكون لها مكان بين الأمم"، مشيرا إلى أن للشعب كل الحرية في اختيار رئيسه المقبل، معيدا إلى الأذهان عبارته الشهيرة "ارفع راسك يا بّا". شدّد الرئيس بوتفليقة على الشباب ضرورة التصويت بقوة في الانتخابات الرئاسيات المقبلة، وقال إن الجزائر أمام تحديات صعبة تنتظرها في المرحلة المقبلة خاصّا بالذكر تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية التي توقع أن تلقي بظلالها على بلادنا إن لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة أي انعكاس سلبي لها، وقد ترك الانطباع بأنه لن يهدأ له بال إلا إذا أوصل البلاد إلى برّ الأمان، ولذلك قال معترفا: "إننا نخشى عليكم من المستقبل ومن العولمة ومن مكائد الأقوياء.."، وتابع مؤكدا في هذا الشأن "مادام الشباب لاصقين في الانترنيت ويشفوا أستراليا وكندا فنحن نخشى عليهم". وكانت زيارة رئيس الجمهورية إلى ولاية سيدي بلعباس مناسبة مواتية ليجدّد نداءه إلى كل الجزائريين بضرورة التصويت بقوة في الرئاسيات المقبلة، وجاء على لسانه أن "الجزائر تحتاج إلى مكان لها في العالم"، والمكانة التي تحدّث عنها بوتفليقة هي أن "يكون لها رئيس يدعمه الشعب بقوة.. هذه هي العهدة التي نريدها"، مضيفا "اختاروا من شئتم بكل حرية وديمقراطية وشفافية"، قبل أن يؤكد مرة أخرى عندما تعالت أصوات الحاضرين مردّدين "عهدة ثالثة"، بقوله: "اختاروا من شئتم.. ولكن دعّموه ودعّموه.. وأحسن برهان على ذلك هو المشاركة، صوّتوا معه أو ضده". وبالنظر إلى كون الخطاب الذي ألقاه بوتفليقة أمس في الندوة الوطنية للتكوين موجّها بالأساس إلى الشباب، فإن ذلك دفعه إلى الحديث عن أهم الانشغالات التي تعاني منها هذه الفئة، حيث أورد أن التشغيل يتصدر اهتمامات الدولة معترفا بأن وجود أزمة عالمية "يجعلنا نتوجس خوفا مما يجري هنا وهناك لأننا لسنا بمعزل عنها"، ورغم هذا التخوف فإن رئيس الدولة تابع مطمئنا "ولذلك لدينا طاقاتنا وسنعتمد فقط على طاقاتنا لأننا في وضع لا ندين فيه ولا نستدين". وتكمن الطاقات التي ستعتمد عليها الجزائر في المرحلة المقبلة في الشباب الذين دعاهم رئيس الجمهورية إلى استثمار جهودهم في البناء، متحدثا عن الإنجازات التي تحققت في السنوات الأخيرة كون "المديونية القديمة تخلصنا منها وبقيت 5 ملايير دولار جاءت في العشرية الأخيرة في اقتصاد السوق والمؤسسات الخاصة"، وأضاف أنه بإمكان الدولة التخلص منها في ظرف 24 ساعة، معتبرا أن مشاكل الشباب أصبحت اليوم معقدة ومتنوعة وعلاجها يتطلب كثيرا من الوقت. إلى ذلك قال رئيس الجمهورية في خطابه الذي دام ساعة من الزمن، إنه يؤلمه هجرة شبابنا نحو الخارج بفعل البطالة ومشاكل أخرى، ولكن مع ذلك أكد أن البلاد بحاجة إلى الجامعيين والجامعيات وفي نفس الوقت تحتاج إلى يد عاملة تبني البلاد بالاعتماد على التكوين الذي توفره مؤسسات ومراكز التكوين المهني، وقال هنا "إن العمل اليدوي شريف إلى حد القداسة" ما جعله يهاجم كل من يترفع عن ذلك خاصة الذين لا يملكون شهادات ولم يبلغوا مستوى دراسيا عاليا، قبل أن يستطرد: "هناك الشغل وما أدراك ما الشغل وأنا هنا لتقترحوا عليّ حلولا لأنه ما بيدي خاتم سليمان ولا عصا سيدنا موسى". ولم يفوّت بوتفليقة المناسبة لترديد العبارة الشهيرة "ارفع راسك يا بّا" في إشارة إلى أن الشباب عليه أن يخدم بلاده، وخاطب الشباب يقول "ربي أعطاك بلاد من أحسن البلدان.. ارفع راسك يا بّا، ارفع راسك يا بّا"، مضيفا "جزائري مهما أدت بك الأيام إلى ألم كبير، جزائري مهما كانت الكوارث والصعاب والمغريات"، كما أبرز بأن الرهان قائم على "الشباب وما أدراك ما الشباب.. أنتم الشباب جايين ونحن مسافرون". والتزم رئيس الجمهورية بمواصلة تكريس الجهد الخاص لامتصاص البطالة في أوساط الشباب ومن ضمنها إدراج حوافز جبائية جديدة لتوظيف الشباب البطال على مستوى المؤسسات، موجها الدعوة للمتعاملين الاقتصاديين بتقديم يد العون لتحقيق هذا الهدف خاصة في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي يتم إنشاؤها بفضل الحوافز العمومية، مؤكدا أن الوصول إلى الاستقلال الغذائي يتطلب استقلال الجميع، حيث أبدى تفهما لما تقاسيه هذه الفئة رغم كل ما تحقّّق