عندما تصبح الصورة أقوى من الرشاش والدبابة التي تقمع بها السلطة المغربية كل شخص ينادي باستقلال الشعب الصحراوي وبعودة اللاجئين إلى ديارهم من أجل إعمار أرضهم واستثمارها لبناء دولة الصحراء الغربية الحرة بأبنائها الصامدين في كل مكان. “الحياة في انتظار: تقرير المصير والمقاومة في الصحراء الغربية”، هو فيلم وثائقي للمخرجة البرازيلية يارا لي رئيسة الشبكة الدولية لثقافة المقاومة، الذي شرح في لقطات مثيرة مأخوذة من داخل الأراضي الصحراوية المحتلة لشباب ونساء يناضلون من أجل حريتهم بالكلمة وبالموسيقى، رجال ونساء سجنوا وراء جدار كبير يفصل الأراضي الصحراوية المحتلة عن حريته المسلوبة. مشاهد الفيلم الوثائقي صورت قناعة ترسخت لدى الصحراويين بأنهم شعب لا يموت لأن تلك الأرض المغتصبة لا تحيا إلا بهم ولن تكون لغيرهم وإن أحاطوها بالجدران لأن كل تضاريسها تتكلم صحراويا ولا أحد غيرهم، ولعل الشاب “فليتوكس” الذي عذب في السجون المغربية بأبشع الوسائل رغم أن سنه لم يتجاوز حينها السادسة عشرة من عمر، أثار الكدمات والعنف الذي مورس على هذا الفتى واضحة على جسمه النحيل ولكن لم يقهره ذلك ولم يقتل داخله الأمل في الحرية وفي غد أفضل يجتمع فيه الصحراويون تحت رايتهم وفي أرضهم التي تئن تحت أقدام الاحتلال. هذا الفيلم الوثائقي الذي عرضت بعض مشاهده في منتدى «الشعب» بصور أطفال يضربون ويعذبون في كل يوم في الأراضي الصحراوية المحتلة، حاولت المخرجة يارا من خلاله كشف الحقيقة المرة والقاسية التي يعيشها شعب يناضل في كل يوم من أجل حريته التي قالت عنها مخرجة الفيلم أنها رهينة الإيديولوجيات والمصالح بين الدول الكبرى التي تستنزف الثروات الصحراوية تحت وصاية مغربية. وأكدت يارا وهي رئيسة الشبكة الدولية لثقافة المقاومة بان السلطة المغربية مارست عليها الكثير من الضغوط لمنع عرض الفيلم الوثائقي وبالفعل منع من العرض في لبنان والبنين ولكن كما قالت يارا لي لن يثنيها شيء عن إبلاغ رسالة الشعب الصحراوي إلى كل العالم لأنها قضية عادلة ولن تسكت يد البطش الأفواه المنادية بالحرية. وصرحت مخرجة الفيلم في ندوة نقاش بمنتدى «الشعب» يوم أمس أن النضال السلمي للصحراويين طيلة الأربعين سنة أربك المحتل وجعله يريد تحويل العيون وكثير من المدن الصحراوية بالأراضي المحتلة بتطبيق سياسة الاستيطان، فمقابل صحراوي واحد نجد عشرة مغاربة وهذه السياسة البغيضة للمحتل المغربي جعلت من العصا اللغة الوحيدة التي يتعامل بها مع الشعب الصحراوي الذي يعيش أغلبه مهاجرا بعيدا عن دياره. لكنه لم يفلح في اقلاع الصحراويين من جذورهم وثقافتهم وتطلعهم إلى الاستقلال. ولعل العنوان الذي اختارته المخرجة يارا لي “الحياة في انتظار...” هو رسالة قوية لهذا المستعمر الذي لا يريد الانصياع لقوانين حقوق الإنسان، ولا إلى الدعاوى التي تطالب بإجراء استفتاء لتقرير المصير تكون الكلمة الأخيرة فيه للشعب الصحراوي المضطهد، وهو تأكيد على أن الحياة لا تنطفئ شمعتها لأن نورها نابع من قلوب تنبض بحب تراب الوطن المغتصب، ولن تكون هناك حياة بعيدة عن الأرض التي ستجمع يوما ما الشعب الصحراوي تحت راية بلدهم بألوانها التي ترمز للسلام والحب.