مازالت فئة المعوقين ببلادنا تعاني تهميشا وضغوطا نفسية على مستوى الادارة بالنسبة للشخص المعاق الموظف، في ظل وجود قوانين دولية ووطنية لا سيما قانون 2001 الذي أقره رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة والقاضي بمنح نسبة 1٪ من العمل على مستوى الشركات العموية والخاصة للشخص المعاق، لكن لاشيء تجسّد أضف إلى ذلك استحداث جائزة رئيس الجمهورية للرواد العرب في مجال الاعاقة بهدف ترقية هذه الشريحة وادماجها مهنيا واجتماعيا. زيادة على ذلك، فإن معظم المعوقين يرفضون تسمية »ذوي الاحتياجات الخاصة« بحكم انها التسمية لا تعبر عن وضعيتهم ومعاناتهم الحقيقية، بل يفضلون تسمية معاق حركيا، لأن هذا هو الصحيح. ضغوطات في العمل من قال ان المعاق، عاجز عن التفكير؟، السيدة مامي فاطمة احدى النساء المعاقات التي تحدت إعاقتها وضغوط المجتمع، وتحصلت على شهادات جامعية الأولى في شعبة العلوم السياسية والعلاقات الدولية والثانية في شعبة الأدب العربي، وهي بصدد التحضير لشهادة الماجستير وهي الآن موظفة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ولمدة 26 سنة دون كلل، أصيبت السيدة حمامي بإعاقتها المسماة شلل الأطفال بعد ستة أشهر من ولادتها، ومنذ الثامنة عشرة سنة (18)، لم تكن عالة على والدها الذي بدوره لم يقصر في التكفل بابنته، ولم تتوان هذه السيدة في اخبارنا عن وضعية الشخص المعاق الموظف ببلادنا، قائلة في تصريح »لجريدة الشعب« بأن المعاق اصبح يشكل عائقا للمدراء على مستوى الادارة ولا يعنى بالاحترام في أوساط زملائه، بالرغم من انه يحمل بطاقة المعاق، التي كفلها له القانون الجزائري، ويقوم بعمله بشكل أفضل من الشخص العادي معطية مثالا عن زميلتها التي رفض زملاء العمل التعامل معها لأنها مبتورة الساق. وأضافت المتحدثة، بأن هناك ضغوطات نفسية تمارس على الشخص المعاق الموظف، هو غير محمي بالادارة، فالمسؤولون يرفضون الاستماع لنا ويسعون بكل الطرق الى تحطيم معنوياتنا، لكنني أملك شخصية قوية، وتمكنت من مقاومة هذه الضغوطات وتهميش المجتمع لي، متأسفة في ذات الوقت على أن المثقف الذي لديه القدرة على مساعدت المعاق هو المبادر الأول لتكسيره وتهميشه. وفي هذا الاطار، أشارت الى أن المرأة المعاقة هي الأكثر معاناة وتعريضا للاهانة من طرف المجتمع الذي لا يرحم هذه الفئة بوصفها بألقاب مشينة وجارحة »كالعرجة، كعوانة..« ولحسن حظ السيدة حمامي، فهي تملك زوجا متفهما ويقدرها. ومن خلال حديثنا مع السيدة حمامي، لاحظنا فيها إصرار على تحديد اعقاتها، واثبات وجودها في المجتمع كي لا تتركه (المجتمع ) يدفعها الى التقوقع على نفسها، على عكس بعض المعوقين الذين لا يملكون شخصية قوية ويجهلون حقوقهم، مما دفع بالسيدة حمامي الى توعيتهم بحقوقهم المشروعة في القانون الجزائري. وطالبت المتحدث بضرورة احترام الأشخاص المعوقين، ومنحهم الأولوية على مستوى وسائل النقل والادارة، مفيدة بأنها في يوم من الأيام اضطرت الى احضار الشرطي الى موقف الحافلات، كي تصعد بعدما رفض أحد السائقين تخصيص مقعد لها وأضافت في بأن المجتمع الجزائري لم يرتق بعد الى درجة احترام هذه الفئة. نفس المعاناة يعيشها السيد لعجاني معمر بيطري معاق منذ 16 سنة الذي طالب بالاحترام وأن يعامل كمواطن جزائري، وكذا حدف عبارة ذوي الاحتياجات الخاصة واستبدالها بالأشخاص ذوي الاعاقة، وقال في هذا الاطار بأن الدولة وضعت المعاق في وضعية أصبح فيها عالة على عائلته، وبالتالي أصبح منبوذا وذلك من خلال المنحة الزهيدة التي يتقاضاها المعاق مقارنة بارتفاع القدرة الشرائية واحتياجات هذه الفئة. وأضاف بأن المعوق مهما كانت درجة اعاقته ونوعيتها سواء نتيجة حادث مرور او شلل الأطفال فهو مهمش ويصبح عالة على المجتمع عندما يكون بدون دخل مادي، مشيرا الى أن السلطات المعنية لا تتذكر شريحة المعوقين الا في ال 14 مارس المصادف لليوم الوطني للمعوق، اما سائر السنة فهو غائب عن اجندتهم. وقال ايضا، بأنه ينبغي التركيز على جانب الوقاية، والتكفل الجيد بالشخص لتفادي الاصابة بمرض »الإسكال« وللعلم، فإن السيد لعجاني أصيب بإعاقته نتيجة حادث وهو في سن السادسة عشر سنة لكنه درس بجد وذلك على كرسي متحرك الذي اشتراه من ماله ودون آية مساعدة من السلطات المعنية. علما أن عدد المعاقين يصل الى أكثرمن 1500 معاق في ولاية البليدة. الأعمال الحرة تنقذه من المعاناة حالة أخرى التقيناها بمقر جمعية البركة لمساعدة الأشخاص المعوقين وهوالسيد حيدر محمد من ولاية المسيلة وبالضبط من بلدية سيدي عيسي، أصيب حيدر بشلل الأطفال منذ كان صغيرا وهو الآن في سن ال 43 سنة، وبفضل والده الذي تكفل به ثم وظفه معه في الأعمال الحرة (التجارة)، كونه لم يجد منصب عمل نظرا لحالته استطاع العيش حياة كريمة ولم تعترضه مشاكل سوى مشاكل الدراسة التي لم يستطع مواصلتها. أفاد حيدر بأن المعاق ببلادنا غير مؤطر ولايحظى بمنصب عمل يؤهله للعيش حياة كريمة، بل يعرقل بمطالبته احضار مؤهلات وهو لايتوفر عليها. وأضاف المتحدث، بأن هناك اكثر من ألف معاق على مستوى بلدية سيدي عيسى، أما الولاية فالعدد اكثر مطالبا بضرورة مساعد الجمعيات الوطنية التي تعمل في اطار مساعدة المعوقين والعمل على إدماجهم في المجتمع عن طريق التوظيف كي لايكونوا عرضة للاهانة والتهميش. وفي رده عن سؤالنا حول سبب انخراطه في جمعية البركة قال، بأن هدفه هو الاندماج مع الفئة التي تقاسمه نفس المعاناة والتعرف على حقوقه بالرغم أنه لا يجهل بعضها ولديه بطاقة المعاق، مشيرا الى أن بعض المعوقين بولايته تجهل حقوقها لاسيما تلك التي تقطن في المناطق المعزولة. الحق في السكن معدوم من جهته، طالب قبلي معمر البالغ ال24 سنة من العمر، ولديه اعاقة حركية على مستوى اليد اليمنى التي بترت بعد حادث في العمل بتخصيص 1 ٪ من حصة السكنات لفئة المعوقين، طبقا لما ينص عليه القانون ا لجزائري، وكذا توظيفهم على مستوى المؤسسات، وفي هذا الصدد أفاد قبلي بأنه اودع ملفه على مستوى كل المؤسسات، ولكن لم يقبل بسبب اعاقته. وأضاف فيما يتعلق بقضية السكن، بأنه لاحظ خلو قوائم السكنات من فئة المعوقين وأنه من المفروض ان يستفيد الشخص المعاق، ومن سكن كما ينص عليه القانون مشيرا أن الوزير الوصي وعدهم بتوظيف المعوقين وذلك خلال زيارة قادته الى مركز بومرداس لتكوين المعوقين، لكن لا شيء تحقق منذ ذلك الوقت وفي هذا الاطار ثمن المتحدث مجهودات جمعية البركة لمساعدة الأشخاص المعوقين التي مكنته من التربص على مستوى هذا المركز. مشكل آخر تطرق له قبلي والذي يعد هاما بالنسبة له وهو تقليص مدة الاستفاد من الكراسي المتحركة والأيدي الاصنطاعية الى ثلاث سنوات بدل من خمس سنوات المدرجة في القانون، وذلك بحكم هشاشة الطرقات التي تؤدي الى اتلاف الجهاز في مدة قصيرة، مما يدفع المعاق للبحث عن من يشتري له كرسي متحرك نظرا للكلفة الباهضة لهذا الأخير. كما طالب بالزيادة في منحة الأشخاص المعوقين كل يتمكن من العيش باحترام دون مد يده الى الغير وتلقي الاهانة. ضرورة استحداث تجهيزات لإعادة التأهيل أكدت السيدة فلورة بوبرقوت رئيسة جمعية البركة لمساعدة الأشخاص المعوقين على أن هذه الفئة مازالت مهمشة، ومعزولة عن المجتمع في ظل وجود قوانين تحمي الشخص المعاق من كل تمييز، ولكنه للأسف اضافت لم تطبق هاته القوانين على أرض الواقع، لاسيما قانون 2001 الذي يمنح نسبة 1 ٪ من الشغل المعاق، لأنه حاليا يوجد قليل من المؤسسات العمومية والخاص التي تطبق هذا القانون وتتحجج بحجج واهية. واعتبرت رئيسة جمعية البركة العمل بمثابة استقلالية للشخص المعاق، ويجعله عضوا فعالا في المجتمع ويخدمه بدل ان يصبح عالة عليه، وبالتالي يكسب احترام المجتمع، داعية الى اعطاء هذه الفئة فرصة كغيرها من المواطنين العاديين. منحة لا تلبي أدنى الحاجيات طالبت السيدة فلورة المسؤولين بتدعيم فئة العوقين واعطائهم تسهيلات ليكون للمعاق مكانة في المجتمع، وتخفيض مدة اقتناء الكراسي المتحركة الى عامين، خاصة للمتمدرس والطالب الجامعي المعاق لمواصلة دراستهم وتوفيرالحفاظات المطلوبة كثيرا من طرف المعاق والتي تكلف كثير، نظرا لأن بعض العائلات الفقيرة لا تستطيع شراء هذه الحفاظات مطالبة بأن تتكفل مصلحة الضمان الاجتماعي بالتكاليف. وبالموازاة مع ذلك، أعربت السيدة فلورة عن سعادتها بزيادة منحة المعاق الى 4000 دج واعتبرتها خطوة جيدة لكنها أملت ان ترفع المنحة الى 000,120 دج مقارنة بارتفاع القدرة الشرائية، بالاضافة الى أن مبلغ 4000 دج لا يغطي كل احتياجات المعوقين، وبالمقابل طالبت المتحدثة بتوفير تجهيزات إعادة التأهيل الحركي الموجهة لهذه الفئة، مؤكدة بأن هناك نقص كبير في هذا المجال وانشاء مراكز خاصة بإعادة التأهيل. وعن مشاريع جمعية البركة أفادت رئيستها، بأنه هناك مشروع لاقتناء فضاء لفائدة المعوقين على مستوى دائرة الدارالبيضاء وضواحيها لكنها وللأسف لم تستطع تجسيده لأنه باهض الثمن واغتنمت الفرصة لدعوة المجتمع المدني للتجني في جمعيات للدفاع عن حقوق المعوقين وايصال معاناتهم الى السلطات المعنية بحكم أنهم (المجتمع المدني) يمثلون همزة وصل بين الدولة وهذه الفئة. وفي هذا الشأن كشفت فلورة عن توزيع درجات نارية وكراسي متحركة كهربائية لفائدة بعض المعوقين المتمدرسين وذلك اليوم بمقر الجمعية، حيث ستنظم أبواب مفتوحة ومعارض لأشغال النساء المعاقات وأكدت على أن برنامج التكوين المهني المدعم من طرف الوزارة الوصية، أعطى نتائج ايجابية خلال الفصل الأول، مضيفة بأنها ستواصل اختتام هذا البرنامج داعية كل الأشخاص المحسنين للتقرب من الجمعية والتضامن مع فئة المعوقين ومساعدتهم.