إن استكمال تنفيذ البرنامج الخماسي 2015 - 2019 وتجسيد القرارات المتخذة في بداية السداسي الثاني لسنة 2015 مع التدابير المتخذة في قانون المالية التكميلي لسنة 2015، هي تلك المحطات التي صنعت بعض الأطراف منها جعجعة بلا طحين، وهي تهدف من وراء ذلك إثارة الشكوك والفوضى، دون الأخذ بالاعتبارات التي وضعتها لجنة الميزانية والمالية، قصد التخفيف من الآثار الناجمة عن انخفاض أسعار النفط وأيضا التقليل من الأعباء وجعل التوازنات المالية الداخلية والخارجية للدولة، مما يعني، بحسب الدكتور بدة محجوب رئيس لجنة الميزانية والمالية، تعميق التوجه نحو الاستغلال الأمثل للموارد المالية مع ترشيد النفقات، والتحكم في نفقات التسيير وفرض نجاعة أكثر في نفقات الاستثمار العمومي. اتخاذ التدابير التي من شأنها تقوية الإنتاج الزراعي والصناعي يستوقفنا على المتابعة الجيدة للمصالح المعنية من خلال التسهيلات التي تقدمها الدولة من جهة متابعتها ومراقبتها مع وضع آليات النجاعة والاستمرارية، ومن جهة أخرى مراقبة أموال الخزينة إلى أين تذهب ومحاربة العراقيل التي قد تفرضها المنظومة المصرفية في بعض الحالات، فتنويع النسيج الإنتاجي من السلع والخدمات على مستوى عديد القطاعات المختلفة، سيساهم حتما في تغطية الطلب المحلي. وبما أن تحقيق الأهداف المسطرة في قانون المالية 2016 يستوجب تأطير الاقتصاد الكلي والمالي لضمان تكفل أمثل يساير الاقتصاد الوطني بسبب تراجع النمو الاقتصادي العالمي وانخفاض أسعار البترول في السوق الدولية، وبعيدا عن أي ضغط اقتصادي آخر يخلّ بالتوازنات المالية. هناك عدة طرق يجب اتباعها للتقليل من الأعباء والحفاظ على ترشيد النفقات، سواء المتعلقة بالتسيير أو التي تدخل في إطار تحسين أداء الاقتصاد العمومي وضمان نجاعته، كتعزيز تنويع الشبكة الإنتاجية للسلع ومنها الخدمات، كذلك تنويع الاقتصاد الوطني خارج المحروقات، الأمر الذي كان يتطلب التركيز عليه أيام البحبوحة والأريحية المالية، مما يمكن القطاعات الإنتاجية الأخرى المساهمة في مداخيل مباشرة للخزينة العمومية، لا أن تكون العبء المالي من خلال زيادة نفقات التسيير والتجهيز في قطاعاتها كالسياحة والثقافة والفلاحة والصناعة، هذه الأخيرة التي كان يعول عليها كثيرا من خلال الشراكات مع القطاعات الأجنبية وفتح رأس المال أمام المستثمرين الخواص والأجانب، حتى نضمن موارد إضافية خارج المحروقات، لأن التجارب التي نتحدث عنها الآن ليست بعيدة المنال وليست من العمليات الاقتصادية صعبة التجسيد، بل هي متوفرة كنماذج حية لدى الكثير من الدول الصديقة التي يعتمد اقتصادها على التنوع المواردي، وهو ما نطلق عليه تنويع الاقتصاد الوطني خارج المحروقات، هذا الاستغلال يقابله الاستغلال الأمثل لتكنولوجيات الأعلام والاتصال ومن بينها الإمكانيات المادية والبشرية. إن تطوير أي اقتصاد، مهما كان نوعه، يتطلب الإرادة والعزيمة في كل عملية من شأنها دفع التنمية الاقتصادية والتسريع في ديناميكيتها، من خلال تجنب زيادة الأعباء الضريبية على دافعي الضرائب مع تسهيل الإجراءات الإدارية المنظمة لأنشطة المؤسسات مع التحفيز.