قرأت بتمعّن محتوى النّدوة المنظّمة من طرف “الشّعب الثّقافي”، العدد 16925 ليوم الحادي (11) يناير 2016 صفحات 11،12 و13، والتي خصّصت لمناسبة الاحتفال بيناير، وخاصة أن النّدوة، استضافت عالمًا مختصًّا في الأنثربولوجيا الثقافية، ممّا شوّقنا، وجعلنا ننتظر الكشف عن الموروث الاثنولوجي لهذه المناسبة، لكن للآسف، بعد قراءة كاملة لمحتوى تلك الصّفحات، خرجت خالي الوفاض، كما يقول المثل العربي، بل أكثر من ذلك، صدمت، كيف للأستاذ الباحث في الأنثربولوجيا، خرّيج الجامعات الغربية، كما (ص.11)، يقع في أخطاء لا تغتفر، ودون حرج، لأنه في رأيي، عندما يحاول الإنسان الخوض في الموضوعات الخاصة بالموروث الشعبي والذاكرة الجماعية للأمة، يجب أن يكون حذرًا، ويجب أن يكون على بيّنة تامة، بما يقول، لأنّه يمس الأمة في صميمها، وفي مكنونها، فإن أصاب وتمكّن الإتيان بالبيّنة، فيقبل منه ويكون مشكورًا على ذلك، لكن أن يمسّ ويحاول أن يزعزع هذا “المكنون”، دون وجه حقّ، ومن دكتور مختص في الأنثربولوجيا، وتخرّج من الجامعات الغربية، ووريث الكاهنة، فتلك هي الطّامة الكبرى. حتى لا أتطاول على الدكتور عيسى بن مكي، ولا غيره، وأنا على دراية بمحدودية معارفي الأنثربولوجية، التي كنّا نودّ أن يتعمّق فيها الدّكتور حتى ينير لنا الطّريق في هذا المجال، وأنا خرّيج الجامعة الجزائرية، لم أرضع من ثدي المدرسة الغربية، لكن يبدو أن الدّكتور فضّل الخوض في مجال تاريخي، وحتى فلكي، وهما مجالان لا يتحكّم فيهما، ممّا أوقعه في أخطاء واضحة. في الواقع، تردّدت كثيرًا وتحاشيت الرد لما قد يسبّبه من حرج لجريدتنا “الشعب” مع ضيفها الدكتور عيسى بن مكي، لكن ونظرًا لما أصاب تاريخنا من زيف وتزوير وطمس عبر مراحله من طرف المدرسة الغربية عمومًا والفرنسية خصوصًا بما نفثت فيه من أفكار هدامة للإنسان ذاته، ومازلنا نحن هنا وهناك، نردّد تلك الأفكار على وعي منّا وحبًّا في الانسلاخ عن الذّات أو دون وعي، رأيت من واجبي تجاه “تاريخ وطني وأمّتي” أن أقدّم بعض الملاحظات، التي قد تزيل بعض الغموض على ما قد وقع فيه الأستاذ من مزالق سواء عن قصد أو جهل، وحتى لا أبعث الملل في نفس القارئ بالدخول في تفاصيل الكثير من النقاط التي أثارها الأستاذ مع الصحفيين، سأكتفي بتقديم بعض الملاحظات التي تنمّ عن جهل الأستاذ بالموضوع، والتي بطرحها يستفز “الذاكرة الجماعية” للأمة، قد يكون عن غير قصد ولا وعي. ❊ أولاً: أول تلك النّقاط المستفزّة، قول الأستاذ أنّ شيشناق مرتزق إغريقي قدم من بحر إيجة وليس أمازيغيًا! فهذه الفكرة قبل الغوص في مناقشتها، ألاحظ أوّلاً أنّ الأستاذ يتكلّم عن قدوم شيشناق من بحر إيجة دون أن يقول من أين بالضبط، ممّا يعني أنّه لا دراية له بالموضوع. ❊ ثانيًا يعود الأستاذ في الصفحة 12، ويتحدّث عن شيشناق المرتزق الليبي، الذي انتصر على فرعون مصر “رمسيس الثاني”. أجد نفسي هنا أمام معاضل كثيرة إن صحّت العبارة، حيث لا أعرف من أين أبدأ، لكن حتى أكون مختصرًا، أكتفي بالتالي: 1 إذا كان الأستاذ يعترف أنّ شيشناق “ليبي”، فيكون بالتالي بعيدًا عن الإغريق، فهو “أمازيغي”، ولا يمكن إن قال أنه “إغريقي”، أن يصدق هو ويخطأ كل علماء المصريات (Egyptologues)، وكل المؤرخّين المصريّين الذين درسوا تاريخهم بكل حيثياته، والمؤرخّين الأمازيغ الذين تتبعوا هذا التاريخ وتمسّكوا به، فلولا هذا اليقين، لما اختلقوا هذا الشخص، وهذا التاريخ الرمز لبدء تقويمهم به والمعروف تاريخيًا والمتفق عليه بين كل علماء المصريات وكل المؤرخين المعروفين عالميًا بالإختصاص في تاريخ مصر الفرعونية، أن الأسرة الثانية والعشرين (22)، التي أسسها شيشناق سنة 950 ق م، هي أسرة ليبية (عندنا نقول ليبي معناه أمازيغي قديمًا) وبالتالي لا يمكن أن يكون كل هؤلاء على خطأ، ويكون الدكتور عيسى بن مكي هو وحده الصّادق، ولم يقل لنا حتى من أية منطقة من بحر إيجة يكون قد قدم. وشيشناق من مواليد مصر، ينحدر من قبيلة ليبية (أمازيغية)، كانت تعيش في الجنوب التونسي (منطقة الجريد)، هاجرت إلى مصر في الغالب في عهد أمنوفيس الرابع (1380 ق م)، وتركت جذورها في تونس فيما يسمى بقبيلة أمازير (أمازيغ) في الجنوب التونسي حاضرًا. القول السّابق يعني أنّ شيشناق يمثل الجيل السادس عشر لهذه القبيلة في مصر، ولولا ضيق المساحة المخصصة، لقدمت تفاصيل كثيرة حول مسار هذه القبيلة من المشواش وظروف دخولها مصر عبر واحة البحرية، وكيفية تدرجها في المناصب الكهنوتية والعسكرية وفي بلاط الفرعون بداية من الأسرة الثامنة عشرة (18) حتى تأسيسهم لأسرتهم الثانية والعشرين (22) على إثر وفاة بسوسينس الثاني آخر فراعنة الأسرة الواحدة والعشرين (21)، وكان شيشناق قد احتاط لأمر الشرعية بأن زوج ابنه أوسركون من إبنة الفرعون المتوفى، وبفضل هذه المصاهرة ونفوذه الكبير ضمن وراثة عرش مصر سنة 950 ق م، تاريخ الرمز لبدء التقويم الأمازيغي (950 + 2016 = 2966). 3 شيشناق لم يعاصر رمسيس الثاني، فكيف يحاربه، وينتصر عليه كما يقول الدكتور؟ ذكرنا أنّ شيشناق اعتلى عرش مصر سنة 950 ق م، يعني ذلك أنه عاش في القرن العاشر قبل ميلاد المسيح عليه السلام، بينما حكم رمسيس الثاني (1298 - 1235 ق م)، ممّا يعني أنه سابق لشيشناق بأزيد من ثلاثة قرون، وهذا الخطأ، وقع فيه الكثير من الباحثين الهواة. 4 القول أنّ الأكاديمية بباريس هي أول من طرحت الموضوع بقوة سنة 1968، في محاولة منها خلق عصر بربري على شاكلة العصر الروماني والإغريقي، فهذا كلام فيه مغالطات كثيرة، منها أنّ تلك الأكاديمية لم تحاول خلق عصر، لأنّ العصور لا تخلق حسب أهواء الأشخاص، وإنما ما حاولت القيام به، وبل بالأدق ما قامت به هو “بعث” تقويم “أمازيغي”، وأقول “بعث”، لأن ذلك التقويم كان موجودًا في “الذاكرة الجماعية للأمة” مع وضع بداية رمزية له لا أكثر، وحتى هذه البداية الرمزية في الواقع أيضًا، كانت ما تزال بعض بقاياها في الذاكرة الجماعية في تسمية يوم “يناير”، بيوم الفرعون في بعض المناطق، وفي ذلك إشارة إلى هذا الفرعون شيشناق. أما “فعل الفاعل” الذي يشير إليه الأستاذ، فيكفينا البكاء على ما فعله غيرنا فينا، إن كنا فعلاً على “وعي” بذاتنا، فعلينا أن نشمر على سواعدنا، ونتقدّم ونقدّم البديل، فلا يجب أن نجعل من أعمال هؤلاء مشاجب نعلّق عليها فشلنا، وحججًا لتثبيط عزائمنا، بل يجب أن تكون حافزًا ودافعًا لنا للمزيد من التحري والبحث، لأنه بغير ذلك، لا نقدم شيئًا لتاريخنا، ولا نزعزع أعمال هؤلاء التي ستبقى كالطود شامخة ما دام الضعف فينا. ❊ ثانيا: يقول الأستاذ: “أنّه لضبط التقويم التاريخي الصحيح، الأصح الرجوع إلى 21 ديسمبر الذي كان يعتمده البربر كبداية لسنتهم الزراعية، وفق حساب تقويمهم الذي كان يعتمد عشرة (10) أشهر فقط، قبل أن يتم استعمال التقويم الحديث الذي جاء ليخلف ويصحّح التقويمين اللّذين وضعهما كل من ملك الرومان الأول والثاني والتقويم الثالث الذي أعتمد 12 شهرًا، وهذا ما يفسّر انتقال اليوم والتاريخ من 21 ديسمبر إلى 12 جانفي”. في هذه الفقرة كشف الدكتور فعلاً عن عجزه وأبان عن ضعفه، وعدم تحكمه في الموضوع المعالج، وإلاّ كيف نفسّر حديثه عن تقويم أمازيغي، يستخدم سنة من عشرة أشهر دون سند له، ثم يتحدث عن تقويم حديث صحّح التقويمين القديمين، فعن أي تقويمين يتحدّث؟ ثم يقول ملك روماني أول وثاني، والتقويم الثالث الذي اعتمد سنة من 12 شهرًا، وهو ما يفسّر في نظره الانتقال من 21 ديسمبر إلى 12 جانفي، فهذا كله خلط في ذهن الدكتور وفي معلومات لا يتحكم فيها، فلا يوجد لا ملك أول ولا ثاني وضع تقويمًا كاملاً قبل يوليوس قيصر سنة 46ق.م، وهو التقويم المعروف بالتقويم اليولياني (le Calendrier Julien)، وقد عدله وصححه البابا قريقوار الثالث عشر خلال القرن السادس عشر 1582م، وهو التقويم المعروف بالتقويم القريقوري (le Calendrier Grégorien)، ومع ذلك أقدم الملاحظات التالية: 1) يتحدّث الدكتور عن سنة “أمازيغية” ذات عشر (10) أشهر، بدايتها بالواحد والعشرين 21 ديسمبر، ولا ندري من أين له هذا؟ وكيف اعتبر السنة الزراعية، تبدأ بالواحد والعشرين من ديسمبر، وهو ما يسمى بالانقلاب الشتوي في التقويم الحديث، ولا يمكن أن يكون لا بداية للسنة الزراعية ولا نهاية لها، مادامت عملية الحرث والبذر تبدأ مع تساقط الأمطار الأولى في شهر أكتوبر، ولا يمكن للفلاح أن ينتظر حتى العشر الأواخر من ديسمبر، والحصاد أيضًا بداية من شهر مايو. هذا من جهة ومن جهة أخرى المعروف تاريخيًا أن السنة الأمازيغية تتكون من سنة من 366 يومًا، مما يجعلها أطول (زائدة) عن التقويم المداري (السنة الشمسية) الحقيقي بحوالي ثلاثة أرباع اليوم، وهي موزعة بالشكل التالي: 1 1 فصل الصيف (أنبذو - اويل) يمتد من 29 مايو إلى 29 أغسطس، ما مجموعه ثلاث وتسعين (93) يومًا. 2 1 فصل الخريف (أميوان - أماون) يمتد من 30 أغسطس (أوت) إلى 27 نوفمبر بتسعين (90) يومًا. 3 1 فصل الشتاء (تاقرست) من 28 نوفمبر إلى 27 فبراير بثلاث وتسعين (93) يومًا. 4 1 فصل الربيع (تافسوت) من 28 فبراير إلى 28 مايو بتسعين يومًا. هكذا نلاحظ أن السنة المدارية الأمازيغية، كانت تعتمد منذ البداية سنة من أربعة فصول ذات ثلاثة أشهر لكل فصل، وداخل هذا التقسيم نجد تقسيمًا أكثر تفصيلاً لا مجال لتفصيله هنا. 2) خلافًا لذلك، التقويم الروماني، هو من اعتمد سنة ذات عشر أشهر (أربعة شهور ذات واحد وثلاثين (31) يومًا وستة أشهر ذات ثلاثين (30) يومًا) مما يعطي سنة أقصر حتى من السنة القمرية (304) أيام فقط هذا ما دفع الملك نونا (الملك الثاني في روما 715-672 ق م) أو الملك تاركوينوس (الملك الخامس 616 - 579 ق.م) إلى إضافة شهري يناير (Januarius) وفبراير (Fébruarius)، وأصبحت بذلك السنة الرومانية تتكون من 12 شهراً 355 يومًا (أربعة أشهر من 31 يومًا سبعة أشهر من 29 يومًا وشهر واحد من 28 يومًا)، وظلت مع ذلك السنة الرومانية أقل من مدتها الحقيقية، فلجأ الرومان إلى كبس شهر إضافي من تسع وعشرين (29) يومًا كل سنتين دون جدوى. ولمعالجة هذا الاختلال الدائم بين التقويم والفصول، جاء الإصلاح اليولياني، الذي يرتكز على سنة من 25 . 365 من ثلاثمائة وخمس وستين يومًا وربع يوم (أي ثلاث سنوات من 365 يومًا وسنة رابعة من 366 يومًا وهو ما يسمى بالسنة الكبيسة، واليوم الإضافي، يضاف بعد الرابع والعشرين من فبراير، ويعرف باليوم السادس مكرر من كالندا مارس أي التاسع والعشرين من فبراير عندنا). والسنة تقسّم إلى اثنتي عشر شهرًا تتناوب ما بين 31 و 30 يومًا في السنوات الكبيسة، وكان شهر فبراير يتكون من تسع وعشرين يومًا في السنوات العادية، وفيما بعد عندما كرّس الشهر الثامن للإمبراطور أغسطس، وأصبح يتكون من واحد وثلاثين (31) يومًا، حتى يعادل الشهر الذي كرّس ليوليوس قيصر (شهر يوليو)، أخذ هذا اليوم من شهر فبراير، فأصبح بذلك هذا الشهر يتكون من 28 يومًا في السنوات العادية، ومن 29 يومًا في السنوات الكبيسة، وبذلك يكون التقويم اليولياني، الذي أقرّه يوليوس قيصر سنة 46 ق م، وبدأ العمل به في الأول من يناير 45 ق م. قد اكتفى بكبس السنة كل أربع سنوات، وجعل أول العام في الأول من يناير بدل الأول مارس. الإصلاح الذي أجراه يوليوس قيصر على التّقويم الروماني، رغم أنّه يسجّل قفزة نوعية، بجعله السنة المدارية تساوي 25 . 365 يومًا، غير أنّ هذه المدة أكبر قليلاً من المدة الحقيقية التي تعادل 2422 . 365 يومًا، وهذا الفرق الذي يبدو بسيطًا يتراكم مع مرور السنين، بحيث يكون زيادة ثلاثة أيام كل 400 سنة أي سبعة أيام ونصف يوم (5 . 7 من الأيام) كل ألف سنة. هذا النّقص في التّقويم اليولياني، هو الذي دفع البابا قريقوار الثالث عشر (1582 - 1585 م) إلى إحداث تقويم أخذ اِسمه، وهو تقويم يختلف قليلاً عن التقويم اليولياني، إذ عمل سنة 1582 م على إعادة الفصول إلى نفس الوضعية، التي كانت عليها عند انعقاد مجمع نيقيا سنة 325 م، والذي حدّد تواريخ المواسم والأعياد الدينية المسيحية، وخلال 1257 (من 325 إلى 1582) بلغ الاختلال 10 أيام، فقام البابا باقتطاع هذه الأيام، لإعادة التطابق بين السنة المدارية والفصول، فانتقل من يوم الخميس 4 أكتوبر 1582 إلى الجمعة 15 أكتوبر، وحتى يتجنّب اختلالاً مماثلاً في المستقبل، قرّر إلغاء ثلاث سنوات كبيسة من أربع مطلع القرون، ولا يحتفظ إلا بتلك القابلة للقسمة على 400 وهي عام 1600، 2000، 2400، وبذلك تصبح السنة المدارية في التقويم القريقوري، تساوي في المعدل 2425 . 365 يومًا، ولا تتجاوز السنة المدارية الحقيقية إلا بثلاثة أيام كل عشرة آلاف سنة (3 / 000 . 10)، ممّا يشكّل دقة نسبية جعل معظم دول العالم تتبنّى هذا التقويم، خاصة العالم المسيحي، فتبنّته فرنسا منذ ديسمبر 1582، إذ أتبعت يوم الأحد 09 ديسمبر بيوم الإثنين 20 ديسمبر، وبريطانيا العظمى تبنّته منذ سنة 1752، وألحقت اليوم الثالث من سبتمبر بالرابع عشرين نفس الشهر وليس بالثالث عشر، لأن التقويم اليولياني كان قد فقد يومًا إضافيًا ما بين 1582 - 1752....بينما لم تتبن اليومية الأمازيغية التقويم القريقوري إلى الآن، ومازلنا نتعامل بالتقويم اليولياني الذي فقد يومًا إضافيًا منذ القرن الثامن عشر، مما يرفع عدد الأيام إلى 12، وهو اليوم الذي يحتفل به. وهكذا نلاحظ أنّ الرومان هم من اعتمدوا سنة من عشرة (10) أشهر، وليس الأمازيغ، ولا يوجد أي انتقال من 21 ديسمبر (الإنقلاب الشتوي) إلى 12 جانفي، وأنّ الاحتفال بالثاني عشر من يناير عوض الأول من يناير عند الشعوب المسيحية، هو أنّ المسيحيّين في معظمهم الآن يعتمدون التقويم القريقوري لسنة 1582 م، بينما يعتمد الأمازيغ التقويم اليولياني، فهذا إذن هو الفرق في عدد الأيام في التقويم اليولياني المصحّح في مجمع نيفيا سنة 325 والمعدل ثانية من البابا فريقوار الثالث عشر سنة 1582، ولا علاقة له بأي إنتقال آخر وكان واضحًا أن الدكتور عيسى بن مكي، لا يتحكّم في الموضوع. 3) وإن كنت لا أريد الخوض في أمور لا أهتم بها، وهي الجوانب الأسطورية في الموضوعات، لكن أشير فقط أنّ فكرة العجوز التي تحدّت يناير بالخروج وعنزاتها لطهي الطعام خارج المنزل وفي الهواء الطلق، إن كان جانبًا أسطوريًا، فنعرف أن الأسطورة تحمل بعض الحقائق، والحقيقة هنا تكمن في أنّ شهر فبراير ناقص في عدد الأيام بالقياس إلى شهور السنة المدارية، فحاول هؤلاء إيجاد مبرّر ذلك في استلاف يناير يوم من فبراير للانتقام من العجوز التي تحدّته، والواقع شرحناه “أنّ شهر فبراير يتكوّن من 29 يومًا في السنوات العادية، وفيما يعد عند كرّس الشهر الثامن للإمبراطور أغسطس (شهر أغسطس)، وأصبح يتكون من واحد وثلاثين (31) يومًا، أخذ هذا اليوم من شهر فبراير، فأصبح بذلك هذا الشهر يتكون من 28 يومًا في السنوات العادية و29 يومًا في السنوات الكبيسة”. في الأخير أستسمح الدكتور إن كانت في بعض ملاحظاتي غلطة، فلا أستهدف المساس بشخصه بقدر ما أهدف إلى تصحيح الأخطاء التي وقع فيها، خاصة أنها تمس الذاكرة الجماعية للأمة، كان يجب عدم الخدش بها، وهي التي كانت عرضة لضربات الأبناء قبل الأعداء.