أي قرار خارج «أوبيك» لن يرفع أسعار النفط يكشف الخبير الاقتصادي، فارس مسدور، في حوار مع جريدة «الشعب»، عن تقييمه لإجراءات التقشف التي اتخذتها السلطات، وكيفية تخفيف الضغط عن جيب المواطن، كما تحدث نفس المصدر عن إمكانية الرهان على الفلاحة لتنويع الاقتصاد الوطني والتقليل من التبعية للمحروقات وعن البنوك والسوق الموازي، وحظوظ منظمة «أوبيك» في رفع أسعار النفط وأمور سنكتشفها في هذا الحديث. - «الشعب»: كيف تقيم إجراءات التقشف التي اتخذتها الحكومة لمواجهة أزمة انهيار أسعار النفط،وهل هناك بدائل أخرى لتخفيف الضغط على جيب المواطن؟ الخبير الاقتصادي فارس مسدور: إن إجراءات التقشف التي اتخذتها السلطات عادت بالنفع على الخزينة العمومية، من خلال جني أموال مختلف الزيادات لكنها كانت ثقيلة على جيب المواطن، الذي سيتحمل حتى أعباء مختلف المؤسسات الاقتصادية الأخرى، وعليه فارتفاع الضغط على جيب المواطن وارتفاع تكاليف المعيشة سيؤدي إلى مظاهر سلبية جديدة على غرار ارتفاع درجات الفقر والبطالة. وما سيزيد من معاناة المواطن عدم الاستفادة من زيادات في الأجور، وحتى التضخم وانخفاض قيمة العملة الوطنية، كلها أمور تحالفت ضد المواطن البسيط. وأعتقد أنه للحفاظ على التوازنات الاقتصادية والتخفيف من الصدمة النفطية لابد من فتح المجال للمستثمرين الأجانب والوطنيين من خلال تخفيض الضرائب إلى مستويات دنيا، وهذا ما سيؤدي إلى جلب الكثير من المؤسسات الأجنبية التي تصنع بجودة عالية وتوظف الكفاءات والشباب وبعدها تجني السلطات الكثير من الضرائب وتكون عائدات النفط أكثر مردودية، وقد نجحت روسيا في هذا المسعى حيث تفرض ضريبة واحدة على المؤسسات الاقتصادية تقدر ب5٪ من الأرباح وهي اليوم تعيش في نعيم كبير ولا تتأثر بالتقلبات التي تميز أسعار النفط ومختلف البورصات، داعيا القائمين على مصالح الضرائب إلى التخفيف من الجباية لاستقطاب المستثمر الأجنبي. ويبقى على المنظومة البنكية الوطنية مواكبة التحولات وعلى الأقل الاقتداء بالبنوك الأجنبية التي تستثمر في الجزائر، فنحن نحتاج لنقلة نوعية من خلال تفعيل المعاملات التي تفرضها البنوك الإسلامية التي تلقى رواجا كبيرا في أوروبا ومختلف الدول العربية بينما نحن من يجب المبادرة لتفعيل المعاملات المالية الإسلامية لما لها من انعكاس إيجابي على الأداء الاقتصادي. وأشير إلى ضرورة السعي دائما لترسيم السوق الموازي وجلب أكثر من 370 مليار دينار تدور في فلكه أي ما يعادل 12 مليار دولار وهي مبالغ ضخمة جدا يمكن أن تخدم الاقتصاد الوطني وتخلصه من التبعات السلبية. ومن الملفات التي يجب التعامل معها بحزم هو سوق العملة الصعبة الموازي ومحاربة البيروقراطية وتحديث المنظومة الجمركية. - هل تملك منظمة «أوبيك» حظوظا في رفع أسعار النفط في ظل التجاذبات واتساع الهوة بين مختلف الأعضاء،وحرب الكواليس بين القوى البترولية الكبرى؟ إن حظوظ «أوبيك» في رفع الأسعار تبقى ضئيلة نوعا ما في ظل الظروف الدولية والإقليمية، ويبقى أهم عامل هو تخفيض الإنتاج ومن القوى البترولية الكبرى على غرار السعودية التي بإمكانها التأثير مباشرة على تطور الأسعار، وحتى الاتفاق الحاصل بين روسيا وقطر والسعودية وفنزويلا لن يكون له تأثير كبير لأن القرار اتخذ خارج منظمة «الأوبيك»، ولو كان العكس كان سيحدث طفرة نوعية في الأسعار. كما أن عودة إيران من شأنها أن تحدث زوبعة سلبية في الأسعار ولهذا يبقى الاتفاق داخل «أوبيك» والقرار السعودي أكبر عامل مرجح لتحسين الأسعار. - لقد تمكنت الفلاحة الجزائرية أخيرا من التصدير في عز الأزمة وباتت البطاطا الجزائرية تغزو الأسواق العالمية، هل يمكن للاقتصاد الوطني أن يعتمد على الفلاحة كمورد أساسي للواردات بالعملة الصعبة؟ إن الدراسات والخبرات تؤكد أن من أصل 40 مليون هكتار أراضي ذات جودة من الدرجة الأولى، والتي تضم أربعة فصول في العالم تملك الجزائر 32 مليون هكتار منها، وللمقارنة فجزء من هذه الأراضي ينتشر بالولايات المتحدةالأمريكية (كاليفورنيا) ويدر على واشنطن 600 مليار دولار سنويا من خلال تصدير منتجات هذه المنطقة التي تصنف منتجاتها بأنها مضادة للأكسدة، وتملك إسبانيا 1.6 مليون هكتار تضمن لها عائدات بملايير الدولارات،والسؤال ما ينقصنا نحن لاستغلال كل هذه الأراضي الهائلة وتحقيق اقتصاد متنوع؟، وأقول في هذا السياق بأن الجزائر بلد فلاحي بامتياز. ويمكن أن نستغل علاقتنا مع الصين الشعبية لتصدير منتجاتنا الفلاحية، فالسوق الصيني يعتبر أكبر سوق استهلاكي وعلاقتنا السياسية ممتازة ومنه لنا ألف حل لتطوير اقتصادنا بعد نجاح تجربة البطاطا. - هل تراجع الفساد في الجزائر؟ إن الفساد آفة لا تمتلك لون، وبقدر ما توجد إجراءات لمكافحته، فالكثير من الأشخاص بمقدورهم المراوغة وتحقيق مصالحهم الشخصية بطرق يصعب التنبه لها، وعليه فالتصدي للمتحايلين يجب أن يكون بقوة وبطريقة ردعية. وعلى السلطات أن تحمي الممتلكات الوطنية وتعزيز التشريعات التي تسير في هذا الطريق.