الشّهيد عبد الحق قويسم من طلبة الثانويات الذين التحقوا بالثورة قبل 19 ماي 1956، كانت له خصال فذّة كمثقّف وسياسي وعسكري، وأخلاق رفيعة مكّنته من تولي مسؤوليات كبرى في الثورة، آخرها قائد منطقة برتبة صاغ ثاني (نقيب)، وكان آخر طالب استشهد في ثورة التحرير الجزائرية الكبرى، وكان ذلك يوم الجمعة 16 مارس 1962م، أي قبل وقف إطلاق النار بثلاث أيام فقط. ولد عبد الحق قويسم في يوم السبت 24 ماي 1931، بمدينة القل بولاية سكيكدة حاليا، وهو الابن الأكبر في أسرة تعتمد في حياتها على التجارة كمصدر لقوتها، دخل المدرسة الابتدائية الخاصة بالجزائريين في سنة 1936م، مدرسة الأنديجان أو الأهالي، وأظهر فيها عبد الحق تفوّقا كبيرا، حيث تحصّل على الشهادة الابتدائية باللغة الفرنسية سنة 1942م بتفوّق ممّا لفت أنظار أقرانه ومعلّميه. وبسبب شغفه للعلم ألحقه والده بإكمالية دومنيك لوتشياني العربي التبسي حاليا، لتفوّقه في الدراسة، حيث اضطر والده لبيع قطعة أرض يملكها لتمكين ابنه من مواصلة تعليمه الثانوي، وكان من أنجب الطّلبة. وهو طالب بإعدادية ليسياني؛ التحق بصفوف الكشّافة الإسلامية منذ بداية 1940م، وأصبح عضوا بفوج الكشافة بمدينة القل الذي كان يشرف عليه المناضل السعيد يونس المدعو سندسي، وفي أحضان الكشافة تعلّم الشاب عبد الحق معنى التضحية وحب الوطن، وعرف الوطنية الصادقة، وقدّم عبقريته في تطوير النظام الكشفي من أجل مواجهة العدو، والتناقضات الصارخة في الحركة الوطنية خلال الأربعينات وبداية الخمسينات، وذلك من خلال الاحتكاك بأقرانه من مختلف جهات الوطن في مهرجان الكشافة بتلمسان 1944، وكذا مدينة خنشلة. التحق بالثورة وهو طالب ثانوي قبل 19 ماي 1956م، وخرج إلى قالمة التي كانت في التنظيم الثوري تعني الناحية الثالثة بالمنطقة الثانية الشمال القسنطيني بقيادة زيغود يوسف، ثم بعد مؤتمر الصومام 20 أوت 1956م بالمنطقة الرابعة من الولاية الثانية، حيث لعب دورا هاما في التعبئة والتنظيم في المجالين السياسي والعسكري، حيث تولّى رتبة مسؤول عسكري تابع للمنطقة الرابعة برتبة ضابط أول، وذلك في فترة لا تتعدى العامين 19 ماي 1956م - 19 ماي 1958م، وذلك بفضل خبرته العسكرية ومهارته الميدانية فضلا عن شجاعته وإقدامه. من المعارك التي أشرف عليها بنفسه تخطيطا وتنفيذا معركة المقطع بناحية بني صبيح شرق الميلية في 1960، معركة بني مسلم بالعنصر والملعب بجيجل في 1961، معركة أولاد عربي شرق الميلية في نفس السنة، ومعارك أخرى بالمنطقة الثانية التي حقق فيها جيش التحرير انتصارات كبيرة. وتقديرا لبطولاته وتفانيه في خدمة الثورة، أسندت إليه قيادة المنطقة الرابعة من الولاية الثانية برتبة ضابط ثاني، فأظهر من جديد ما لديه من خبرة ميدانية وحنكة سياسية، حيث طوّر عمليات المواجهة مع العدو بشكل يتماشى مع مرحلة حرب الإبادة ومفاوضات، ممّا ترك نتائج إيجابية على المستويين العسكري والسياسي، وترك صدى واسعا وقويا بين المجاهدين والمواطنين على حد سواء، كان وقعه شديدا على الأعداء وعملائه، واستشهد قويسم في 16 مارس 1962 بغوط قرب مدينة سكيكدة في اشتباكات مع العدو