إنشاء مصلحة مركزية للبصمات الوراثية شدد وزير العدل حافظ الأختام، طيب لوح، أمس، على ضرورة تفادي الخطاب السياسي المشكك في استقلالية القضاة ونزاهة السلطة القضائية، مؤكدا أنه لا يمكن لأحد التشكيك في مصداقيته، متأسفا على تصريحات بعض السياسيين ونواب البرلمان التي تسعى إلى خلق الإثارة، مضيفا أن إصلاحات العدالة ترمي إلى شفافية تامة في الأحكام ونزاهتها. تأسف لوح على تنامي الخطاب المشكك في السلطة القضائية، التي تقوم بعملها على أكمل وجه لاسيما التحقيق في قضايا الفساد والدعاوى المرفوعة ضد الأشخاص، داعيا إلى عدم المساس بسمعة القضاة الذين يتعرضون إلى خطاب يسعى إلى تشويه صورتهم والتشكيك في نزاهة عملهم التي لا يمكن لأحد التشكيك فيها سوى القاضي الأول في البلاد. وأضاف حافظ الأختام، في ندوة صحفية نشطها على هامش الجلسة العلنية بالمجلس الشعبي الوطني ترأسها العربي ولد خليفة، خصصت للرد على أسئلة النواب حول مشروع قانون العقوبات، أنه لن يقبل الضغط على القضاة في أداء عملهم، قائلا أن المعركة متواصلة لتكريس مبدأ الفصل بين السلطات، موضحا أن المساس بالعدالة هو مساس بمبادئ الدولة. وشدد وزير العدل في رده على سؤال صحفي حول تعامل العدالة مع سياسيين اتهموا بتحريك القضاة في قضية الوزير الأسبق شكيب خليل، على ضرورة رفع مستوى النقاش فيما يخص القضاء، وذلك فيما يخص النائب العام السابق لدى مجلس قضاء الجزائر، بلقاسم زغماتي، حيث تحدثت جهات عن تحركه بإيعاز في قضية شكيب خليل. وأكد ذات لوح بأن القضاء الجزائري، يعرف استقلالية تامة ويجب العمل على تكريسه من قبل الجميع، وتصريحات مماثلة قد تضرب المجهودات المبذولة من أجل تكريس استقلاليته في الواقع، موضحا بأنه يجب حل المشاكل التي تهم المواطن وليس الإثارة التي تضرب استقرار البلاد. وفي رده على انشغالات نواب البرلمان بخصوص مشروع القانون المعدل والمتمم للأمر رقم 66 -156 والمتضمن قانون العقوبات المعروض، أكد بأن العقوبة التي نصت عليها المادة 87 مكرر 11 من المشروع القانون المتمم للأمر رقم 66 -156 المتضمن للقانون العقوبات التي تتراوح بين 05 و10 سنوات سجنا مؤقتا والمؤبد ودفع غرامة مالية تصل إلى 10 ملايين دينار في حق كل شخص تثبت في حقه ممارسته لأعمال تجنيدية لحساب الجماعات أو التنظيمات الإرهابية، ودعم أعمالها ونشر إيدلوجياتها باستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال، أنها ستكون وفق السلطة التقديرية لكل قاضي. وقال وزير العدل إن قانون العقوبات يأتي تماشيا مع التغيرات الدولية الراهنة، حيث يتطلب مواكبة القوانين الدولية الرامية إلى محاربة الإرهاب ومكافحته دوليا لاسيما وأن الجزائر تعد سباقة في ذلك ولها تجربة كبيرة، موضحا أن إثبات قرينة الجريمة يمنح للقضاء منع تنقل المتهم، مشيرا إلى أن المادة 87 مكرر 12 المتعلقة بالسجن المؤقت تم التطرق إليها في سنة 2009. ولدى عرضه لمشروع متعلق بالبصمة الوراثية في الإجراءات القضائية والتعرف على الأشخاص، أعلن لوح أنه سيتم إنشاء مصلحة مركزية للبصمات الوراثية مهمتها إنشاء وحفظ القاعدة الوطنية للبصمات الوراثية المتحصل عليها من تحليل العينات البيولوجية، موضحا بأنه سيتم بمقتضى هذا النص إنشاء مصلحة مركزية للبصمات الوراثية تكون تحت إشراف قاض، مع العلم أنه يوجد في الوقت الحالي مصلحتين مختلفتين، الأولى تابعة لمصالح الدرك الوطني والثانية للأمن الوطني. برلمانيون يطالبون بتكييف قانون العقوبات مع التغيرات الراهنة وخلال طرح انشغالاتهم حول قانون العقوبات أجمع نواب برلمانيون أن قانون العقوبات جاء ليعزز إصلاحات الدول في المجال القضائي الذي يتماشى والاتفاقيات المبرمة مع المنظمات الدولية في مجال مكافحة الإرهاب، مؤكدين أن الجزائر تحظى بمكانة دولية هامة في مكافحة الإرهاب والتصدي لأي محاولة تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد. وتطرق نواب البرلمان خلال مناقشتهم لقانون العقوبات وقانون البصمة الوراثية إلى أهمية تعديل قانون العقوبات، الذي يحمي الدولة من التجاذبات السياسية والإقليمية التي تطالب بالتدخل في شؤون الدول بذريعة مكافحة الإرهاب، وفي هذا الصدد ذكر نائب جبهة التحرير الوطني معاذ بوشارب أن الجزائر كانت السباقة في مكافحة الإرهاب ومشروع المصالحة الوطنية اكبر مثال على جهود مكافحة الإرهاب. من جهتها ثمنت النائب عن التجمع الوطني الديمقراطي زهيرة بلعطوي مساهمة الجزائر في التصدي لظاهرة الإرهاب والتكييف مع الاتفاقات الدولية الرامية إلى تجفيف منابعه، انطلاقا من تجربتها الفريدة في المجال، منوهة إلى دور رئيس الجمهورية في إرساء قوانين ثابتة وصارمة في هكذا مجالات. كما أبرز النواب في طرح انشغالاتهم أهمية تجفيف منابع الإرهاب، حيث ذكر النائب عن «الأفلان»، برابح زبار، إلى ضرورة تمكين قانون العقوبات من مواكبة التطورات الحاصلة على الساحة الدولية، مؤكدا أن قطاع العدالة خطة خطوات هائلة في تعميق الإصلاحات، الأمر الذي اعتبرته المجموعة البرلمانية لحزب التحالف الجمهوري مكسبا هاما يحسب لوزارة العدل التي تسعى إصلاحات جادة وبناءة. لجنة الشؤون القانونية تثمّن مشروع قانون البصمة الوراثية وبخصوص التقرير التمهيدي عن مشروع القانون المتعلق باستعمال البصمة الوراثية في الإجراءات القضائية والتعرف على الأشخاص، ثمنت لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات الأحكام الواردة في مشروع هذا القانون، حيث ذكرت بأن الجزائر تعد من البلدان التي توجهت نحو استعمال هذه التقنية العلمية منذ سنوات عدة. كما أشارت إلى أن مشروع هذا النص يرمي إلى تحديد القواعد التي تضمن عدم التعسف في اللجوء إلى البصمة الوراثية دون ضرورة موضوعية تبرر ذلك، مع مراعاة خصوصية مجتمعنا وحقوق وحريات الأفراد. وجاء مشروع القانون المتعلق باستعمال البصمة الوراثية في الإجراءات القضائية والتعرف على الأشخاص لسد الفراغ القانوني الموجود في هذا المجال، حيث كان لوح قد أوضح بأن هذا الوضع استدعى وضع نص قانوني يؤطر العمليتين، ويهدف مشروع النص إلى تحديد قواعد استعمال هذه التقنية استنادا إلى عدة مبادئ أهمها حماية الحياة الخاصة للأشخاص وتحقيق الموازنة بينها وبين ضرورة حفظ الأمن وحماية المجتمع من الإجرام بمختلف أشكاله. وفي هذا الإطار سيسمح مشروع القانون باستعمال البصمة الوراثية للأشخاص في الإثبات أمام القضاء، غير أنه يعطي لهذا الأخير وحده سلطة الأمر بأخذ عينات بيولوجية من الأشخاص وتحليلها تلقائيا أو بناء على طلب الشرطة القضائية في إطار التحريات التي يقومون بها.