تحاول السلطات الجزائرية إحراز تقدم في عديد الملفات العالقة مع السلطات الفرنسية، لا سيما ملفات الحقبة الاستعمارية التي أفرزت عديد الخلافات بين الشعب، وحتى بين المسؤولين، ولعل أهمها، ملف التجارب النووية حيث لا تزال السلطات الفرنسية تتجاهل مسؤوليتها في تعويض المتضررين منها وتنظيف المناطق التي كانت مسرحا لتجاربها، إبان الحقبة الاستعمارية وبعد الاستقلال، من الإشعاعات النووية. وفي هذا السياق، ينتظر أن ينعقد اجتماع إضافي قريبا، بالجزائر، بعد ذلك الذي جمع كلا من وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي والأمين العام للخارجية الفرنسية السيد بيار سلال، أول أمس بقرطبة، على هامش أشغال الندوة ال7 لوزراء خارجية غرب المتوسط حول المسائل المتعلقة بالتعاون الثنائي، يجمع الجانبين الجزائري والفرنسي حول طاولة نقاش للخروج بالمواضيع المرجعية، لعمل يحدد الوضعية الخاصة بالمناطق الملوثة، ليتم، انطلاقا من ذلك، إعداد برامج عمل من اجل إزالة التلوث الإشعاعي. ويأتي الاجتماع، الذي لم يحدد بعد تاريخ انعقاده، تطبيقا لما اتفق عليه الرئيسان، الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والفرنسي نيكولا ساركوزي، منذ أكثر من سنة لدراسة مسألة التجارب النووية الفرنسية في رقان (جنوبالجزائر) بسرعة وعناية. وأكد مدلسي، في هذا الصدد، أن الجانبين ''يعملان، في هذا الإطار، بغية إحراز تقدم في عديد الملفات وتسريع عملية تجسيد ملفات أخرى تم التوصل بشأنها إلى اتفاقيات''. وتطالب الجزائر من فرنسا بتحمل مسؤولياتها في تنظيف المناطق التي أجرت عليها تجاربها النووية في الفترة الممتدة من 1960 إلى غاية 1966 والمقدرة، حسب الخبير في التجارب النووية الفرنسية بالجزائر، عمار منصوري، بأربعة تجارب نووية في رقان من مجموع 17 تجربة نووية أجريت خلال الفترة المذكورة أعلاه. وقامت فرنسا بأول تجربة نووية في رقان، التي تبعد بحوالي1500 كيلومتر جنوب العاصمة، في 13 فبراير ,1960 أسمتها آنذاك ''اليربوع الأزرق'' ثم أعقبتها ب ''اليربوع الأحمر، والأبيض، والأخضر''، وهي تجارب، قال عنها منصوري أنها ''نووية باطنية وسطحية''. ومنذ ذلك الحين، أصبحت منطقة رقان أكثر المناطق الملوثة بالإشعاعات النووية، حيث كثرت أمراض السرطان بالمنطقة، واتخذت أشكالا غريبة، وتواصلت هذه الظواهر إلى اليوم، فضلا عن تضرر الكثير من معتقلي السجون بها، إلى جانب ضباط عسكريين عملوا بالمنطقة. ولأن تلك التجارب لا تزال تحصد، لحد الآن، ضحايا في أوساط المدنيين والعسكريين الجزائريين، يتعين على السلطات الفرنسية الإسراع في وضع برنامج عمل يقضي بتطهير المنطقة من مخلفات تجاربها القذرة وتنظيفها من التلوث الإشعاعي لوضع حد نهائي لمعاناة شعب، دامت زمنا دون أن تحرك ساكنا. وتعي السلطات الجزائرية خطورة الإبقاء على الوضع القائم بالصحراء الجزائرية وبالمناطق التي تعرضت للإشعاعات النووية، نظرا لما تفرزه من أضرار على صحة الإنسان والحيوان على حد السواء، إذ لا يزال السكان القريبون من تلك المناطق، يسجلون حالات مرض غريبة وموتا جماعيا لقطعان الإبل والمواشي لمجرد شربها من مياه الآبار المنتشرة بالمنطقة.