طوت الأحزاب السياسية عموما صفحة الخلافات والاختلافات، فاتحة صفحة الاستحقاقات الانتخابية المقررة في 2017. لعل ما يؤكد هذا الطرح، الخرجات الأخيرة للأمينين العامين لحزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي بخصوص المعارضة. لم يعد هناك من وقت في أجندة التشكيلات السياسية تخصصه للرد على الخصوم والدخول في تراشق بالتصريحات، إذ دخلت مرحلة “اعتكاف” تحضيرا للانتخابات التشريعية المقررة في غضون 2017. ما يؤكد هذا الطرح، تبنّي الأمين العام للحزب العتيد عمار سعداني، والأمين العام “للأرندي” أحمد أويحي، لهجة مغايرة تماماً تجاه المعارضة، ما يؤشر على حرصهم من أجل إنجاح الحدث، لاسيما وأنه يمكّن كل التشكيلات التي تخوض المعترك الانتخابي من التموقع بشكل يسمح لها بتقديم أداء سياسي في المستوى المطلوب. ويكون دستور 2016 قد ساهم في تكريس توازن بين كل التشكيلات، مهما كانت النتائج التي ستحرزها؛ ذلك أن الكلمة الأخيرة تعود للأغلبية وهو أمر منطقي، إلا أن وزن الأقلية لم يعد هشّا، بعد تمكينها من مكاسب تفعّل دورها، بينها حق الإخطار الدستوري ومعارضة تمرير مشروع قانون، حق أكد بخصوصه نواب المعارضة أنه لن يستخدم بطريقة عشوائية، على اعتبار أن تعطيل مشاريع القوانين ليس في صالح البلاد، وفق ما أكده النائب بالمجلس الشعبي الوطني نعمان لعور عن حركة مجتمع السلم في تصريح سابق ل “الشعب”. تغيّر لهجة سعداني وأويحي، يؤكد حرصهما ليس فقط على تواجد ومشاركة المعارضة، ولكن أيضا على دورها الفعال وممارستها التي دخلت منعرجا حاسما بموجب المكاسب التي حصلت عليها في الدستور بصيغته المعدلة في غضون السنة الجارية. بدورها المعارضة، التي تسعى جاهدة إلى فرض وجودها، تراهن على الانتخابات التشريعية، لافتكاك مكانة تليق بها من جهة، كما أنها تدرك تماماً أن المعطيات تبدلت لصالحها، بعد تعديل أسمى القوانين، وبالتالي فإن ممارستها ومعارضتها ستكون أقوى وفعالة، لاسيما وأنه بإمكانها معارضة تمرير مشروع واقتراح مشروع قانون في نفس الوقت. والأكيد أن المنافسة لن تكون بين الموالاة والمعارضة، بقدر ما ستكون ذات طابع فردي، لأن كل حزب يطمح إلى افتكاك وعاء انتخابي يمكنه من إحراز مرتبة محترمة في السباق، وعيا منها بأن التمثيل البرلماني في الغرفة السفلى يجعلها في موقع قوة، كما أن الكل يطمح إلى الأغلبية.