بدأت حمّى الانتخابات التشريعية وكذا المحلية المرتقبة في غضون العام 2017، تطفو إلى السطح، رغم أنه يفصلنا عنها أزيد من سنة. ولعل ما يؤكد هذا الطرح، تطرق قادة مختلف التشكيلات السياسية إلى المحطة الانتخابية، التي تكتسي أهمية بالغة في تموقعهم لاحقا في الساحة السياسية وفي الجهاز التنفيذي. المنافسة الشرسة بين التشكيلات السياسية عموما، بدأت متزامنة مع السنة الأخيرة من الفترة التشريعية السابعة، استعدادا لخوض الفترة الثامنة من موقع قوة في البرلمان بغرفتيه وعلى مستوى المجالس المحلية المنتخبة، أمر طبيعي بعدما أصبح دستور 2016 الذي حمل ضمانات وتعزيزات من شأنها أن تكون بمثابة منعرج في الممارسة السياسية، ليس لأحزاب الموالاة فقط، وإنما للأحزاب المنتمية للمعارضة. ولأن الانتخابات التشريعية والمحلية، امتحان حقيقي ومقياس للوعاء الانتخابي ومدى حفاظ التشكيلة على موقعها، فإن المنافسة ستكون على أشدها، ليس بين أحزاب المعارضة والموالاة، بقدر ما ستكون بين الأخيرة؛ ذلك أن أحزاب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر «تاج»، وإن جمع بينها قاسم مشترك ممثلا في الالتفاف حول برنامج رئيس الجمهورية والتنسيق على مستوى البرلمان بغرفتيه لتمرير القوانين بأريحية، إلا أن البحث عن افتكاك الريادة يفرض عليها الحصول على الأغلبية المطلقة. وإذا كانت أحزاب الموالاة تتنافس على الأغلبية، فإن أحزب المعارضة دخلت منعرجا جديدا في الممارسة السياسة، لاسيما على مستور المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة؛ ذلك أنها لم تعد في حاجة إلى الأغلبية، بعدما خول لها الدستور بصيغته الجديدة ثقلا وقوة من خلال تمكينها من حق الإخطار الدستوري، وصلاحيات التشريع، وبالتالي بات لها ثقل يفعّل ممارستها السياسية. ورغم أن الأحزاب تختلف فيما بينها وتتبادل الانتقادات، مهما كان انتماؤها، إلا أن اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية يجعلها دائما على نفس الطريق، إذ تدخل كلها مرحلة التحضير للانتخابات، في محاولة منها لفرض وجودها في الساحة بالنسبة للبعض، أو الحفاظ على الموقع الحالي، أو العودة للتمركز بقوة، أو عدم التدحرج على الأقل، كل حسب موقعه والنتائج المحققة خلال الانتخابات الأخيرة.