تعكف وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، على إعداد النصوص القانونية الكفيلة بحماية الأراضي الفلاحية، تنفيذا للمادة 19 من الدستور الجديد، حيث يجري التنسيق مع القطاعات المعنية والأمانة العامة للحكومة، لوضع قانون رادع لكل من تسول له نفسه التعدي على العقار الفلاحي أو تحويل وجهته.يأتي تحرك الوزارة في وقت فقدت فيه نحو مليون هكتار وتحولت إلى أراضي بور خاصة بالسهوب، مما يقلص حظوظ رفع الإنتاج الفلاحي، سيما في الشُّعَب الاستراتيجية كالحبوب والأعلاف الموجهة للأبقار لمضاعفة إنتاج الحليب، ويبقي الجزائر في تبعية دائمة للأسواق الدولية ويكلف الخزينة العمومية فاتورة باهظة. تحاشى وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري عبد السلام شلغوم، في أول اجتماع له مع إطارات القطاع، نظم، أمس، بمقر الوزارة، الحديث عن الحصيلة المسجلة في الموسم 2015-2016 وإن كانت الأرقام الأولية تشير إلى تراجع إنتاج الحبوب – أكثر مادة استهلاكا بالجزائر- بشكل لافت، إذ انخفض إلى 35 مليون قنطار، بسبب الجفاف الذي ضرب عدة مناطق معروفة بإنتاج الحبوب كتيارت، سيدي بلعباس وتبسة وغيرها... واكتفى الوزير في خطابه بتوجيه تعليمات للمسؤولين ومديري مختلف المصالح، طالبهم فيها بوضع خارطة طريق لمستقبل القطاع وفق نظرة جديدة تفرضها الوضعية الاقتصادية للبلاد. لعل التحدي الأول الذي يواجه القطاع ويفرض تنسيق جهود جميع الأطراف، خاصة الغرف الفلاحية ومصالح الديوان الوطني للأراضي الفلاحية، هو حماية الأراضي الفلاحية «الرأس المال الحقيقي للأمة»، مثلما وصفها الوزير، والتصدي لمن يحاول الاعتداء عليها أو تحويل وجهتها، وهو ما تنص عليه المادة 19 في الدستور الجديد. وعليه، «لابد من الحفاظ عليها بكل الوسائل»، يؤكد شلغوم، الذي أعلن عن الشروع في إعداد نصوص قانونية ردعية لكل من يعتدي على العقار الفلاحي، بالتنسيق مع القطاعات المعنية والأمانة العامة للحكومة، رافضا الخوض في تفاصيل الإجراءات الردعية التي ستصدرها مصالحه لوضع حد لاستنزاف الأراضي الفلاحية. وأمر رؤساء الغرف الفلاحية ومسؤولي الديوان الأراضي الفلاحية بتحسيس الفلاحين بأهمية استرجاع الأراضي البور التي تشكل 40 من المائة من المساحة المستعملة والعمل على استغلالها في زراعة الحبوب بنوعيها، والبقول الجافة، والأعلاف المخصصة للأبقار الحلوب، مما يساهم في رفع إنتاج المواد الاستراتيجية كالقمح والحليب، وتقليص فاتورة الاستيراد. وتشير التوقعات إلى إمكانية تقليص الأراضي البور إلى 576 ألف هكتار، أي ما يمثل 20 من المائة، منها 432 ألف هكتار تخصص لزراعة الأعلاف و144 ألف هكتار للبقوليات الغذائية، في حين وضعت الوزارة نصب عينيها هدف الوصول إلى رفع مساحة الأراضي المنتجة من 8.5 ملايين هكتار إلى 9 ملايين هكتار آفاق 2019، لتعزيز الأمن الغذائي للبلاد. ولأن تطوير الإنتاج الفلاحي لا يمكن إلا بمضاعفة المساحة المسقية، يتطلب الوضع القائم تجنيد مختلف الفاعلين، خاصة الاتحاديات المهنية، لإقناع الفلاحين بضرورة إدخال أنظمة الري الحديثة المقتصدة للمياه. فالإحصائيات تؤكد تفضيل أكثر من 50 من المائة من الفلاحين استعمال الطرق التقليدية في السقي، وهو ما يتعارض وأهداف الوزارة الوصية وبرنامج الرئيس الرامي إلى توسيع المساحات المسقية إلى مليوني هكتار آفاق 2019، 600 ألف هكتار مسقية ستخصص للحبوب، و300 ألف هكتار موجهة إلى أعلاف الأبقار. وشدد الوزير شلغوم، على استغلال كل الطاقات البشرية لتحقيق هذه الأهداف وتجسيد المشاريع الاستثمارية للقطاع على أرض الواقع، خاصة في ظل حشد الموارد المالية اللازمة من طرف السلطات العمومية. 100 مشروع بالصيد البحري لم ترَ النور رغم أن السلطات العمومية أولت اهتماما «لافتا» لتطوير قطاع الصيد البحري ونشاط تربية المائيات، سواء في البحر أو في المياه العذبة، إلا أن هذا الأخير مازال يعاني قيودا حالت دون تجسيد المشاريع المسطرة في إطار البرامج الخماسية. وأظهرت وثيقة لوزارة الفلاحة، أن 100 مشروع في قطاع الصيد البحري لم تر النور بعد، بسبب قيود مختلفة، تتعلق بالتمويل البنكي، العقار وتعارض استخدام المساحات والعمل المشترك للقطاعات في النشاط، في حين تم تنفيذ 20 مشروعا فقط في شعبة تربية المائيات. وقد أمر الوزير شلغوم القائمين على تسيير النظام البنكي، بتسهيل إجراءات منح القروض وجعلها في متناول الصيادين والمربين والفلاحين الذين غالبا ما اشتكوا من صعوبات في الاستفادة منها، كما حث على مضاعفة الجهود لتنظيم قطاع الصيد والحفاظ على هذه الثروة وتنويع مصادر الإنتاج.