يحاول الطاقم المسير لدار الثقافة «أبي رأس الناصري» بمعسكر، العمل على تحريك الساحة الثقافية بالمنطقة المعروفة بثرائها الفكري والتراثي من خلال جهود ينتظر منها التأثير في الفعل الثقافي وانتشاله من الجمود غير المسبوق الذي يعرفه منذ فترة. «الشعب»، حاورت مدير دار الثقافة «أبي رأس الناصري» المعين في منصبه الجديد منذ فترة قصيرة، وسعت من خلال هذا الحوار المبسط إلى تبيان وجهة نظر الوافد الجديد لقطاع الثقافة بمعسكر ومعرفة الأسباب التي تقف خلف سكون الحركية الثقافية كذا البرامج المعدة من أجل الخروج بقطاع الثقافة إلى النور. «الشعب»: ما يلاحظ هو جمود المشهد الثقافي بمعسكر، ما تفسيركم لذلك؟ مشيد رشيد: هناك نقص في الحركية والأنشطة الثقافية على المستوى المحلي، لربما ذلك يشمل باقي مناطق الوطن، ويعود أساسا إلى الأزمة الاقتصادية التي أرخت بظلالها على قطاع الثقافة، خاصة بعد أن تمّ تقليص ميزانية الأنشطة الثقافية .. حاليا نسعى إلى العمل بما هو متوفر من إمكانيات مادية وبشرية طبعا من أجل استكمال البرنامج الثقافي للسنة الجارية على أمل أن تخصص موارد مالية مستقبلا لإقامة برامج وأنشطة ثقافية كفيلة بتحريك القطاع، خاصة وأن المنطقة معروفة بموروثها الثقافي الثري وقدراتها البشرية الفنية الخلاقة. ماذا عن مساهمة الجمعيات والنوادي الثقافية في الفعل الثقافي؟ هناك جمعيات ناشطة وفعّالة ونحن نسعى إلى العمل سويا لإعداد وبرمجة نشاطات ثقافية وترفيهية لفائدة الجمهور، لكن وكما هومعروف بعض الجمعيات كثيرا ما تطالب بالتمويل المادي لقاء عملها وهو الأمر الذي يقف كحجر عثرة أمام العمل الجماعي والمنسّق، لكننا متفائلون رغم ذلك، لأن هناك نخبة من المثقفين تسير النوادي المحلية ولسنا نشك في إمكانياتها وقدراتها في تنشيط الحقل الثقافي. هل يمكن أن يُحدث شحّ الإمكانيات المادية القطيعة بين الجمهور؟ لن تكون هناك قطيعة بين الجمهور ودار الثقافة «أبي رأس الناصري»، لأننا وكما سبق وأشرت، نحاول بجهد مضاعف العمل على تحريك الساحة الثقافية بما هو متوفر من إمكانيات بسيطة، وأؤكد أن القطيعة لن تكون باعتبار الأعداد الكبيرة من المنخرطين في مختلف الورشات الفنية والثقافية التي تتيحها دار الثقافة «أبي راس الناصري» لجمهورها الواسع، ونحن نسجل إقبالا كبيرا للمنخرطين على ورشات الرسم والموسيقى وورشة المطالعة على مستوى المكتبة الموجودة بدار الثقافة الجديدة والقديمة، وعلى سبيل الذكر هناك أكثر من 170 طفل منخرط بورشة المطالعة بالمكتبة الجديدة و66 طفلا آخر بالمكتبة القديمة، فضلا عن 56 طفلا منخرطا بورشة الرسم والأشغال اليدوية التي يؤطرها طاقم مختص ومحترف في المجال، كما تلقى هذه الورشة على وجه الخصوص إقبالا كبيرا من طرف التلاميذ ومحبي الفن التشكيلي، ناهيك عن ورشة الموسيقى التي تشرف عليها جمعية المغديرية للطرب الأندلسي والتي تجمع حوالي 50 منخرطا من البالغين و66 منخرطا من فئات عمرية تقل عن 15 سنة . يبدو أنكم اكتسبتم جمهورا واسعا من شريحة الأطفال؟ أكيد، هناك المئات من الأطفال يتوافدون خلال أيام الأسبوع على دار الثقافة «أبي رأس الناصري»، سواء للمطالعة أو متابعة الأفلام الوثائقية والأشرطة الكرتونية التي تقدم لهذه الشريحة، كما لهذه الفئة المميزة من الجمهور علاقة وطيدة بدار الثقافة «أبي رأس الناصري» خاصة إذا ما تعلّق الأمر بأسابيع مسرح الطفل، لدرجة أننا نلاقي خلال هذه الفترة من التظاهرات ضغطا كبيرا من حيث استيعاب الأعداد الهائلة من الأطفال وأوليائهم، مما يعني أيضا أن لدينا جمهور واسع ومتشوق، وأن نشاطاتنا متواصلة رغم الإختناقات المالية . تعزّز القطاع بعدة انجازات ومرافق هامة منها دار الثقافة الجديدة التي أثير في شأنها الحديث عن عيوب في الانجاز، بصفتكم المسؤول الأول كيف تقيّمون المشروع المستلم؟ مقر دار الثقافة الجديد مكسب هام بالنسبة لسكان الولاية، رغم أن الجمهور اعتاد على الإقبال على المقر الأول القديم الذي لا زلنا نعتمد عليه في إقامة الأنشطة الثقافية، بسبب موقعه في قلب مدينة معسكر وتعوّد الجمهور عليه، أما بالنسبة للمقر الجديد لا بد من الحفاظ عليه طبعا كمكسب وإنجاز مهم، خاصة وأنه يعرف بعض العيوب في الانجاز حقيقة، تمّ تسجيل بعض التحفظات في شأنها ولا بد من الانتظار لحلول موسم الشتاء حتى نتأكد جيدا من ملائمة المقر لاستقبال أكبر عدد ممكن من الجمهور لأن هناك بعض التشققات على مستوى الجدارن والأرضية لا بد من إعادة النظر فيها ومعالجتها، ناهيك عن عدم وجود الموارد المالية الكفيلة لتجهيز المقر الجديد. ماذا عن البرنامج الثقافي الذي تعوّلون عليه لتنشيط الحركية الثقافية محليا؟ هناك برنامج ثري أعددناه بمناسبة الاحتفالات الوطنية بذكرى الفاتح نوفمبر، سيشمل تنظيم معارض للكتب التاريخية، الصور، الأدوات والوسائل التراثية، الحرف التقليدية وغيرها، إلى جانب الأفلام السينمائية والأفلام الوثائقية التي ستجوب طيلة أسبوع كامل المناطق النائية، وذلك سعيا لتعميم الأنشطة الثقافية لفائدة جمهورنا في القرى والبلديات البعيدة عن مقر الولاية، إضافة إلى عرض ملحمة تاريخية لجمعية المسرح بسيدي بلعباس التي تطوّعت لمشاركتنا الاحتفالية التاريخية، ومسابقة في الفن التشكيلي حول أحسن رسم يؤرخ للثورة المباركة لفائدة الأطفال وأشرطة وثائقية لهذه الشريحة الوفية من الجمهور للتعريف بأبطال الثورة المجيدة، كل ذلك يضاف إلى سلسلة الورشات والنشاطات اليومية التي تقام على مدار الأسبوع على مستوى دار الثقافة «أبي رءس الناصري» والبرنامج السنوي الذي يشمل تنظيم المهرجان الوطني للفن التشكيلي في طبعته الثامنة في الشهر القادم، وتظاهرة مسرح الطفل التي ستقام في شهر ديسمبر تزامنا مع عطلة الشتاء، وبرنامج المولد النبوي الشريف الذي اعتادت دار الثقافة «أبي رأس الناصري» تنظيمه لفائدة نزلاء دور العجزة بمشاركة العائلات المعسكرية. هل من كلمة أخيرة؟ أثمّن الثقة الموضوعة في شخصي لتولي مسؤولية القيام على تسيير وإدارة شؤون دار الثقافة أبي رأس الناصري، وأحيي طاقم العمل الإداري والفني والتربوي الذي ساعدني كثيرا على مسؤولياتي الجديدة، وتلك النخبة المميزة من مثقفي المنطقة وشبابها المتعطش للإبداع الثقافي والفني. أشكر الجميع على العمل الجاد والمنسّق الذي يقومون به، أتمنى أن يكلّل بالنجاح وأطلب من خلال هذا المنبر الإعلامي صاحب السمعة المرموقة والمقروئية الواسعة محليا، أن تمكننا الوزارة الوصية من الظفر بميزانية معتبرة لتجهيز مقر دار الثقافة الجديدة وتسمح لنا أيضا بتغطية نشاطات دار الثقافة «أبي رأس الناصري»، هكذا نتمكن من المضي نحوالإنتاجات الفنية الجديدة في مجال الموسيقى والمسرح وغيرها.