قدم السفير الصينيبالجزائر يانغ غوانغيو، صورة دقيقة عن التطور المدهش، الذي تعرفه بلاده اعتمادا على نموذج إنمائي خاص تقرر باستقلالية خيار دون إملاءات الآخر. عاد السفير في احتفالية تأسيس جمهورية الصين، نظمت أول أمس، إلى أولى البدايات والمراحل التي قطعت متحدية الصعاب متخذة من العراقيل والظرف الوعر وتقلبات الزمن محطة تقييم وإصلاح دون السقوط في اليأس والتحجج بالعراقيل والتوقف عند المسار. حفظت الصين التاريخ واتخذت منه درسا في الانطلاقة نحو الأعلى موظفة الجغرافيا، جاعلة من الأزمات وفترات الاحتلال لها وسياسة الباب المفتوح التي اعتمدتها القوى الغربية لنهب ثرواتها، قوة وإرادة في تغيير الواقع الميؤوس واللحاق بركب الآخر، مطبقة المقولة «عندما ينهض البلد يهتز العالم». بسياستها الهادئة الوفية لمبادئها الثابتة وقناعة اختياراتها وتشبعها بقاعدة عدم التدخل في شؤون الآخرين، شقت الصين طريقها نحو العلا، فارضة نفسها قوة اقتصادية وسياسية يحسب لها الحساب. ورغم كل هذا المسار والإنجازات والتفوق على الدول الغربية الرائدة في الليبرالية، لا زالت الصين تخوض معركة لإصلاح العلاقات الدولية والأنظمة المصرفية جريا وراء دمقرطة عالم يئن تحت الجرح، يغرق في التناقض ولا يقوى على إدارة شؤونه وتداعيات ما أفرزته الحرب العالمية الثانية. أعطى السفير هذه التفاصيل وهو يسرد في احتفائية تأسيس الجمهورية، التي حضرها وزير التعليم العالي والبحث العلمي الطاهر حجار، شخصيات وطنية برلمانية وإعلامية وممثلو السلك الدبلوماسي المعتمد، مجيبا على السؤال الكبير كيف تقدمت الصين وتأخر غيرها من الدول السائرة في طريق النمو، وأي نموذج إنمائي اتبعته للتفوق على الآخرين واحتلال موقع الريادة. أعطى السفير هذه الصورة لبلد اعتمد نموذجين انمائين اشتراكي في حقبة الزعيم ماو تسي تونغ (1949 – 1979)، والتحول الاقتصادي والإصلاح في عهد القائد دانغ سياو بيغ، ومن خلفه من القادة حتى شي جين بينغ الرئيس الحالي. بفضل هذا التحول المرفق بإصلاحات عميقة نجحت في تحقيق نمو وتحسين معيشة 1.4 مليار صيني يعيشون في 34 مقاطعة ممتدة على مساحة تفوق 9 ملايين كلم مربع. وتخطط الصين لتقليص حجم الفقر على 57 مليون شخص يقيمون في مناطق نائية معزولة بعد نجاحها في التكفل ب700 مليون شخص خلال 30 سنة من عهد التقييم والانفتاح مراهنة على الشراكة مع الآخر في إقامة مشاريع استثمارية ومعامل تقاسم الثروة والعمل بعيدا عن الاحتكار. أكد الرئيس الرئيس شي جين بينغ على هذا التوجه في مخاطبة قادة أكبر 20 اقتصادا في العالم عقب قمة مجموعة ال20 التي استضافتها الصين لأول مرة، داعيا إلى التجند لحماية النمو الاقتصادي في محيط مضطرب متميز بأزمات في منطقتي «الأوروزون» والدولار، رافضا عودة سياسة الحماية بكبريات دول تراجعت عن قاعة حرية السوق التي كانت تراها مقدسة بمجرد مساس مصلحتها ونفوذها. في شق العلاقات الثنائية، جدد السفير ارتياحة للتعامل مع الجزائر التي وصفها بالبلد الصديق، الذي رافع من أجل استعادة بكين مقعدها الدائم في مجلس الأمن والعضوية الأممية. وهي مرافعة قامت بها الجزائر في مختلف الدوائر والمنابر حتى بلغت الهدف في الدورة العامة الأممية التي ترأسها وزيرنا للخارجية أنذاك رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. وقال السفير بنبرة تفاؤل وأمل وتطلع للغد: «إن الصين لديها الثقة الكاملة في الجزائر لاستكمال مسار السلم والأمن في المنطقة. وهي تدعم بلاقيد أو شرط جهود الدبلوماسية الجزائرية ومقاربتها في التسوية السياسية لأزمات ساخنة مثلما جرى بمالي وليبيا». وحسب السفير يانغ غوانغيو، فإن العلاقات الجزائريةالصينية، التي احتفت بقيمتها واستقرارها على مدى العصور. وهذه الروابط ولدت ثقة في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية ببلوغ 8 ملايير دولار للتبادل التجاري وتجسيد شراكات في قطاعات استراتيجية مفتوحة حولت بلادنا إلى ورشة كبرى.