أمارس هواية القراءة كحب للفعل وليس إبرازا لعضلات النّقد تختال مشيا على حافة الألوان، تصنع من كلمات أشعارها جسورا للمحبة والجمال والعشق، من شموخ جبال هوارة تحمل مجد الأرض وعزها، مخملية حين تبوح بأسرار الكتابة، وثورية حد النخاع لما يتعلق الدفاع عن ارض المجاهدين والشهداء. من اسمها تختزل كل المسافات البعيدة لتصل إلينا قصيدة جميلة تشبهها، هي الأستاذة والشاعرة شامة درويش، ابنة مدينة قالمة تستعد لحضور فعاليات صالون الكتاب الدولي بعملين أحدهما في الشعر والآخر أوراق نقدية أشرفت على جمعها. ❊ الشعب: تستقبلون الصالون الدولي للكتاب بإصدارين هل لك أن تحدّثين عنهما؟ ❊❊ الشّاعرة شامة درويش: “كعب يمشي على حافة الألوان” هي ألوان الذات المرسومة، هي الآخر بفرشاة الشعر، هي أنت بحروفي، هي الهناك حيث الهنا يألف المسافة، هي المسافة الأخرى للانفلات. تحتوي المجموعة على خمسة عشر لوحة بنكهة الشعر، تنقّلت فيها بين عديد القضايا والمواضيع الوجودية الإنسانية. هي لوحات نثرية انحزت فيها لقصيدة النثر، أردت أن أخوض هذه التجربة واكتشف زوايا جديدة في الكتابة، هي نصوص تخمّرت في الذاكرة منذ ثلاث سنوات، فبعد تلك المجموعة الأولى “جدائل متمرّدة” التي اعتبرها بطاقة تعريف لاسم شامة درويش، توقفت عن الكتابة قليلا، ثم قرّرت نشرها العام الماضي، لكن الكاتب يبقى دائما مهووسا بتنقيح نصوصه التي يركنها على جانب الاهتمام، فعدت إلى خربشاتي وأخرجت منها هذه المجموعة التي فرضت لونها عليْ، وكان الغلاف من تصميم الشاعر”طيب لسلوس” وكذلك تصفيف النصوص. لا يمكنني أن أغوص أكثر في تفاصيل المجموعة لأترك الحرية للقارئ في تأويل اللوحات. ❊ وماذا عن الإصدار الثّاني؟ ❊❊ أما ما يخصّ الكتاب الجماعي الذي كان بالتنسيق معي رفقة ثلّة أكاديمية شابة، وبرعاية الدكتور حبيب مونسي والدكتور إبراهيم الكاسح من ليبيا، فقد تطرق إلى محور الرواية من منظور إنساني؛ إذ كان المجال محصورا بين الوطني والإنساني، لكنها نصوص تجاوزت حدود أوطانها وضيق لغاتها وهي لا ترفع شيئا أكبر من همها الخاص الذي قد تضيق دائرته فلا يتجاوز عتبات القرية، أو الحي، أو الشخص، غير أنّها عرفت كيف تجعل من ذلك الضيِّق الخاص، أفقا يتراءى فيه كل قارئ فيجد شيئا من ذاته قد كتب في هذه اللغة، ونشر في هذا السرد، وحملته تلك اللغة. فلا يقرأ الرواية باعتبارها شرقية أو غربية، وإنما يقرأها وكأنها له لم تكتب لغيره.وكان وينظر إلى أخرى وهي تحمل بين دفتيها قضية إنسانية كبيرة، شغلت الناس بحادثة أو أثر أو غيره، وهي الآن تعيد بناء حيثيات كل ذلك في لغة ساردة آسرة، وكأنها تؤرخ للحادثة وتقدّم شكلها المنتهي الصحيح، كما تفعل بعض الأفلام حينما تعيد عرض الحوادث الضخمة عرضا استعراضيا أخاذا مستعملة من أجل ذلك كل طاقاتها الفنية والتقنية. ونحن اليوم في هذا الكتاب الجماعي “ رؤى روائية... تأملات نصية وتناصية في هواجس الإبداع في الرواية الجزائرية” نحاول استعراض بعض ملامح الموضوع، كل حسب رؤيته، وثقافته، وفهمه للقضية المثارة. كتاب تشارك فيه أقلام غضة، جديدة، تقرأ بصدق، وتحاول أن تكون موضوعية في رأيها، علمية في منهجها، واضحة في رؤيتها، بيِّنة في أسلوبها، نصِّية في مقارباتها. أقلام تكتب على هامش قراءاتها للنصوص الروائية الجديدة نقدا يضع بين ناظريه قضية واحدة، وهي لا تزعم أنها انتهت إلى القول الفصل في الموضوع، بل ترى أنها تثير النقاش فيه على أسس علمية تحاول مَوْقَعة الرواية الجزائرية في محيطها الإنساني الكبير..للتذكير الإصداران كانا مع دار الألمعية للنشر والتوزيع. ❊ مشاريعكم القادمة القصّة والرّواية؟ ❊❊ كان لدي مشروع مجموعة قصصية، لكنني أجّلته لأرى مدى انصهاري في الشعر. أما الرواية فهي مشروع كبير ينبغي لكاتبه أن يكون مالكا لآليات السرد ومستوعبا لأهمية المغامرة. فما ينشر حاليا من روايات فيه الكثير من التقصير في حق هذا الفن. والحديث نفسه يمكن أن يصلح على بقية الفنون الإبداعية، لذلك أستبعد كتابتي السردية حاليا، أو على الأقل إلى حين إنهاء مشواري الأكاديمي، فهو يحتاج تركيزا واهتماما كبيرين. ❊ كيف تقيّمون مستوى النص الجزائري خلافا لما يكتب في المغرب والمشرق؟ ❊❊ ما أحببت قوله منذ بداية الحوار أنّني أؤسّس لكتابة إنسانية خالية من الجغرافيا والتاريخ والعقد المبرمجة. وعليه أبني كلامي القادم وإنتاجاتي اللاحقة، وأقول: ليتنا نخرج من ضيق التصنيف والتقسيم لنخرج إلى فسيح السرد بما هو إنسان يحمل حضارة واحدة، وأفقا يخلو من الاستعلاء الموجود في بعض النقود الأكاديمية (للأسف). ثم إني لا أملك المؤهلات الكافية لأصنّف المستوى، ولكنّي أمارس هوايتي المفضّلة (القراءة) كحب للفعل وليس إبرازا لعضلات النقد. وحتى وإن كنت أمتلك آليات النقد فهو على سعة المناهج الحداثية، يمكنه أن يولّد نصوصا أخرى لو أردنا ذلك.