مازالت رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة عيد الثورة تتصدر تحاليل الخبراء وقراءاتهم الاستشرافية للثابت والمتغير في جزائر قررت مواصلة الإصلاحات بروح المسؤولية والتحدي، اعتمادا على استقلالية قرار دون اتكالية على الآخر ووصفاته المرهنة للسيادة والخيار. لازالت الرسالة تحتل أولى صفحات العناوين الإعلامية الوطنية والأجنبية وينظر إليها كورقة طريق تعالج صعوبة المرحلة بتدابير ذاتية ورؤية متأنية تقويمية وتقييمية، اعتمدها الرئيس بوتفليقة منهاج عمل يتخذ من التعقيدات محطة انطلاق لمواجهة التحديات اعتمادا على أصحاب الكفاءات والتنظيمات السياسية والاقتصادية. وهي رؤية شاملة ترصد آفاق المستقبل وتجعل من مختلف مكونات الأمة طرفا فاعلا مساهما يقدم الاقتراحات ولا يسقط في المرثيات والتشكيك في كل مكسب وإنجاز بترديد العبارة السلبية الميؤوسة «كلّ ليس على ما يرام». رسم الرئيس خارطة طريق تفتح المجال للطبقة السياسية، التي كثيرا ما تبالغ في مقارعة الواقع وتقفز على إنجازات بلد يسابق الزمن من أجل بناء اقتصاد متنوع يلبي حاجيات الداخل ويصدر إلى الفضاءات الخارجية التي تضيق تحت المنافسة، مراهنا على النوعية، شرط التواجد والتموقع في الأسواق القريبة والبعيدة. رسم الرئيس هذه الخريطة، مجددا دعوته للأحزاب التحرر من خطب الصالونات والاندماج في صيرورة التحول الهادئ والبناء الوطني التي يعالج الاختلالات باقتراحات الحلول ولا يبقى أسير التحليل الستاتيكي المولد لكل أشكال اليأس والبؤس والمرسخ لثقافة التيئيس وما تحمله من تهديدات على التماسك الاجتماعي والسلم الوطني والاستقرار الذي تحقق بشق الأنفس ويشكل رأسمال ثابت وأغلى ما كسبته الجزائر بعد عشرية الدم والدمع. جزائر خرجت من أزمة مستعصية بفضل مصالحة وطنية باتت مرجعية لوحدات سياسية تنخرها النزاعات الداخلية وتهزها صراعات وتداعيات أجندات خارجية. على هذا الأساس، كانت توجيهات رئيس الجمهورية للمواطنين والأحزاب منصبّة على وجوب الأخذ في الحسبان التطورات الجيواستراتيجية والصراعات السياسية التي تحركها القوى الكبرى، في معركة تأمين المصالح والنفوذ، وما تفرضه من قراءة دقيقة واستلهام للدرس، واليقظة من أجل جبهة داخلية قوية متماسكة لا تخترقها الحملات الخارجية. وهي جبهة تفرض على كل طرف، أن يستلهم الدرس من نوفمبر الذي حدد معالم المشروع الوطني الذي تعد حمايته في الظرف الاستثنائي فرض عين.