خلص المشاركون في اليوم الدراسي حول الوظيفة العامة واستراتيجية تسيير الموارد البشرية في ظل الإصلاحات الإدارية في الجزائر، إلى ضرورة إعادة النظر في المنظومة القانونية المتعلقة بالوظيفة العامة وفق ما تفرضه المعطيات الدولية وإعادة النظر أيضا في النظم القانونية التي تحكم هذه الوظيفة العامة لتتمشى مع جملة التحولات الإقتصادية، الإجتماعية والسياسية الراهنة، مع تحقيق الهدف الأرقى وهو الوصول إلى موظف محنك يتحكم في مجالات متعددة. هذا ما رصدته «الشعب» بعين المكان. اليوم الدراسي عرف مشاركة عديد الحقوقيين والمختصين من كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة الجيلالي اليابس بسيدي بلعباس، أين كانت النقاشات ثرية بعد طرح عديد الإشكاليات، أهمها الآليات التي اعتمدها المشرّع الجزائري لتسيير الموارد البشرية في ظل نقص الموارد المالية، وكيفية تحسين أداء الموظف والعامل لتحقيق خدمات ذات نوعية للمواطن. وقد أجمع جل المتدخلين، أن المتتبع لما هو قائم في الإدارة العامة، بعد الإصلاحات الإدارية، السياسية والاقتصادية التي قامت بها الدولة في الفترة الأخيرة، يدرك مدى استجابة الإدارة لهذه الإصلاحات، بتكييف الخدمة العمومية لمتطلبات التحولات الاجتماعية، الاقتصادية والإدارية وكذا مراجعة عامة للمنظومة القانونية وقيمها. فضلا عن المجهودات المبذولة لإصلاح الإدارة وعصرنتها والنجاعة في التسيير الأمثل للموارد البشرية واستجابتها للمتغيرات التي عرفتها البلاد في مجال التنظيم الإداري، بما يتفق ونظام العولمة، منها عولمة الوظيفة العمومية وما تتطلبه هذه الأخيرة من تحديث لأساليب تسيير الوظائف باعتماد استراتيجية لإدارة الموارد البشرية بدل التسيير الإداري للوظائف بهدف ضمان خدمات عامة ذات نوعية، مع التركيز على الجانب التخصصي وما ينجم عنه من موضوعية في مفهوم الوظيفة العامة وكذا انعكاسه الإيجابي في أساليب تسيير إدارة الموارد البشرية، وتثمين منظومة التكوين كآلية فعالة لعصرنة الوظيفة العمومية، بالإضافة إلى التخطيط الفعال لتسيير الموارد البشرية. وهو ما دفع السلطات العامة إلى إعادة النظر في هذا المجال، من خلال التركيز على التكوين، الترقية وحركية الموظفين في محاولة لتغيير الذهنيات وإيجاد آليات قانونية تسمح بالانتقال من ثقافة تقديم خدمة عامة، إلى ضمان خدمة نوعية وبأقل التكاليف، فضلا عن التفكير في إنشاء مشاتل لاستحداث الثروة والقضاء على ظاهرة البيروقراطية التي لطالما شكلت معاناة المتعاملين مع الإدارة وفي مختلف المجالات. وتطرق المتدخلون بالشرح المفصل للقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية 06-03 ومدى استجابته لمتطلبات التحولات الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية والإدارية الراهنة، والآليات القانونية التي يمكن اعتمادها للانتقال من خدمة عامة عادية إلى خدمة نوعية وكذا الارتقاء من ثقافة العموم إلى ثقافة التخصص في نظام التسيير، والتحول من التسيير الإداري إلى تسيير الموارد البشرية ومدى استجابة نظام تسيير الموارد البشرية لمتطلبات عولمة الوظيفة العمومية. كما ناقش الأساتذة أيضا، مدى استجابة القانون الأساسي الخاص بموظفي إدارة الجماعات الإقليمية 11-344 لانشغالات هذه الفئة ودورها في التنمية المحلية، ليخلصوا في الأخير إلى بيان الأهمية في استحداث وزارة خاصة بالوظيفة العمومية.