يكون اليوم ولاة الجمهورية على موعد تنموي بامتياز، لتقييم مسار ملفات ذات الطابع المحلي تعوّل عليها السلطات العمومية، من أجل إرساء أرضية اقتصادية واسعة النطاق مبنية على الاستثمار المنتج والمولدة للثروة والقيمة المضافة، والمرتبط ارتباطا وثيقا بكل ما يساعد على ترقية هذا الجانب بواسطة عصرنة المرفق العمومي بمفهومه الواسع، أي أن تكون هناك إدارة قادرة على السير في هذا الإتجاه الجديد. هذا التقييم ليس تقنيا بحثا، بمعنى الاعتماد على لغة الأرقام، لكن الأمر يتعلق هنا بمدى الإلتزام بالتعليمات الصادرة عن الجهات المسؤولة بخصوص التفاعل والتعامل مع طلبات المستثمرين، بخصوص التسهيلات المقرر منحها إياهم من أجل الإنطلاق في نشاطهم. وهذا ما شدد عليه إجتماع السنة الماضية، الذي أقر جملة من الإجراءات في هذا الشأن، منها خاصة القضاء على الوسائط الإدارية والأمر يتعلق باللجان الولائية المكلفة بإدارة ملف الإستثمار وهو ما يعرف ب«كالبيراف»، وإحالة القرار النهائي إلى الوالي مباشرة، الذي يتمتع بكل الصلاحيات في هذا الشأن. وإستنادا إلى الأصداء الواردة من داخل الولايات، فإن الإدارة بصدد استلام العديد من الملفات الخاصة بالاستثمار منذ التدابير الأخيرة في أوت 2015، تم دراستها دراسة معمقة حسب احتياجات الولاية الأساسية، والكثير من المستثمرين استفادوا من كل التحفيزات المقررة منها العقار، الذي يعد حجر الزاوية في هذه العملية الاقتصادية. ولابد من الإشارة هنا إلى أن المئات من الملفات تم الموافقة عليها وقبولها آليا دون أي اعتراض بيروقراطي ومطالبة هؤلاء بالشروع فورا في العمل الميداني. والرهان المتوجه إلى الاستثمار هو قناعة راسخة لدى السلطات العمومية، في تحريك التنمية المحلية بشكل واسع، وهذا من نواحي حيوية منها توفير مناصب الشغل، وتعزيز مداخيل البلديات والولايات، وهذا ما فتئت الجهات المسؤولة تعمل عليه منذ تراجع سعر البترول، وهذا هو البديل الفعلي المطلوب من كل المسؤولين المحليين، في إيجاد مصادر تمويل جديدة، منها ما يعرف بالجباية المحلية، وهذا وفق نظرة متحكم فيها وكذلك هادئة، تكون وفق مسار قانوني، ونصوص تشريعية دقيقة، لا تثقل كاهل أي أحد. وحاليا فإن الأولوية كل الأولوية لهذا المحور الاستراتيجي بالنسبة للجزائر، بعد السقوط الحر لأسعار النفط، وما على هذه الجماعات المحلية إلا التفكير في صيغ جديدة وحتى مبدعة في تسيير شؤونها، وهذا بالإعتماد على قدراتها المادية ومواردها البشرية، التي بإمكانها تحقيق هذا الهدف. وفي هذا الإطار، فإن الورشات المفتوحة خلال هذا اللقاء الحاسم ستقترح أفكارا تدعم هذا التوجه الجديد أي إخراج الفعل الاقتصادي عن المفهوم الإداري، وهذا الفصل ضروري ولا رجعة فيه كونه المنطلق المتين لأي مسعى يراد له أن يتجسد ميدانيا وهذا العمل جربه المسؤولون المحليون مع الاستثمار، في الوقت الراهن ويحقق النتائج المرجوة منه، حسب المؤشرات الأولوية المسجلة عبر الولايات. هذه الحركية الملاحظة في الواقع تترجم التغييرات في سلك الولاة كانت آخرها في 5 أكتوبر المنصرم، الهدف منها الدفع بالجميع إلى مرفقة هذا النشاط المحلي المنجز إلى غاية يومنا هذا، وفق رزنامة وبرنامج واضحين لا غبار عليهما، يتطلب من الولاة متابعتها في الميدان قصد الوصول إلى ماهو مسطر. كما أن هذه الورشات مدعوة لطرح الانشغالات الملحة منها تعديل قانون البلدية والولاية، الذي مازال يكبل المبادرة المحلية، ويحد من ولوجها في أعماق العملية التنموية، مع التخفيف من حدة وجود المراقب المالي الذي يرفض في كثير من الأحيان المشاريع المقترحة، وتدعيم البلديات بالكفاءات والإطارات العليا في شتى الاختصاصات وتطعيم بها اللجان الداخلية، وتوسيع ما يعرف بالديمقراطية التشاركية، في صناعة القرار المحلي، وإبقاء التواصل مع الجمعيات ولجان الأحياء، لتبقى عيون البلدية في كل الفضاء الذي تشغل فيه. وبالتوازي مع ذلك، فإن المرفق العمومي حقق النتائج المتوقعة منه، وهذا بتحويل كل الوثائق الأساسية إلى البلدية (جواز سفر، بطاقتا التعريف والرمادية)، ناهيك عن عقود الحالة المدنية، تبقى فقط على المصالح الإدارية الأخرى نحو هذا المنحى على مستويات أخرى في المديريات الولائية.