منصوري: ظاهرة في تاريخ المسرح الجزائري مفتاح: ألقى المسرح للشعب فاحتضنه الشعب بن عاشور: علاقة الفنان بالركح والمجتمع ...طردية متكاملة لا انفصال لها دعا المشاركون في الندوة المنعقدة، ضمن فعاليات الطبعة ال 9 للمهرجان العربي بوهران والموسومة ب «شهيد المسرح الجزائري عبد القادر علولة» إلى ضرورة الاستثمار في هذه النماذج المسرحية والتفكير الجدي في إعادة انتاجها برؤى جديدة، استنادا إلى وصيّة الراحل قبل أن يموت ب»أنّه في مرحلة البحث وعلى الشباب والباحثين أن يحملوا هذا الإرث ويطوروه». كما أجمع المختصون من النقاد والخبراء على الرؤيا الإنسانية لأيقونة المسرح الجزائري، عبد القادر علولة وإعلائه صوت المجتمع على الخشبة، خدمة للشعب ومصالح البلاد في فترة وصفها هؤلاء أنها بالصعبة، مشتركين في كونه «إرثا إنسانيا بالدرجة الأولى» يستدعي الاستثمار والتطوير. وقد ثمّن الدكتور لخضر منصوري، خبير في أعمال عبد القادر علولة إنجازات هذا الاسم الذي يقف شامخا مشكلا الظاهرة المسرحية في تاريخ المسرح الجزائري من إنتاج إبداعي متميّز، استحوذ على اهتمام بالغ من الدراسين والباحثين في محاولة منهم لإنصاف هذه التجربة المتميّزة عن باقي التجارب في الريبرتوار المسرحي الجزائري. نماذج من بسطاء الناس في قالب تراثي كالمداح والقوال والحلقة والراوي تطرّق الدكتور منصوري رئيس قسم الفنون بجامعة وهران إلى تجربة علولة التي يزيد عمرها عن 30 سنة، طغت عليها النظرة النقدية التي يتميّز بها الراحل في معالجة قضايا العصر، محاولا في ذلك ارساء تقاليد مسرحية، تنبع من التراث وتتوجّه إلى المجتمع الجزائري بمحاورة هذه الفنون والقضايا الاجتماعية عبر شخصيات تمثّل نماذج من بسطاء الناس في قالب تراثي كالمداح والقوال والحلقة والراوي. قال الدكتور متحدّثا عن الشخصية موضوع الندوة إنّه « استطاع أن يقفز ويحقق جلّل أعماله، كونه استفاد أولا من تجاربه المسرحية الماضية، مستمدا قوته من ينابيع التراث والفنون الشعبية»، مذكّرا في الوقت نفسه بأهم أعمال الراحل داخل فضاء ثاني قديم جديد في نفس الوقت، عرف من خلاله كيف يستضيف الآخرين ويدعوهم للإسهام معه في عملية الابداع المسرحي. كما لفت في سياق متّصل إلى طريقة عمل فريقه وزملائه في المهنة، قائلا كان علولة يعرف كيف يستضيف الآخرين ويدعوهم للإسهام معه في عملية الإبداع المسرحي، منطلقا في ذلك من إرادة ورغبة قوية لتغيير الواقع من حوله نحو ما هو أفضل»، مستندا إلى أفكارهم المختلفة وتناقضاتهم وقدراتهم وتجاربهم الخاصة وأفكارهم المختلفة، مما مكّن علولة أن يقف عند هذه التجارب الشخصية وبكل تسامح محاولا التأمل فيها للخروج بعمل إبداعي جديد، يبحث عن قالب جديد، يجعله يرى الأشياء بكثير من التمعّن ويؤدّي في النهاية لتغيير مشاهدي مسرحياته من المسرح إلى المعمل إلى الأحياء الجامعية. تجربة علولة الفنيّة التي يزيد عمرها عن 30 سنة من العطاء المتواصل، حسب نفس المصدر «فتية كانت في طور التشكّل، استنادا إلى قوله بأنّ ما توصّل إليه من نتائج مزال في مرحلة الصيانة والتجريب، إلا أنّها كانت حافلة بالمشاهد تارة نحو الكشف والبحث عن نماذج وشخوص لمسرحياته، وراء السؤال الذي ظل دون إجابة حتى بعد موته في العاشر من مارس من عام 1994 حول نجاحه أو إخفاقه في إيجاد قالب مسرحي جديد يتلاءم وطموحه الفكري». كما أشار إلى عديد الأعمال التي أنجزت حول الراحل عبد القادر علولة، ونماذج مسرحية هامة، سجّلها باسمه وأعادت عديد الفرق المسرحية من الداخل والخارج إنتاجها بصيغ مختلفة، لافتا في الختام إلى أنّ علولة عبر تجربته كان يبحث عن قالب جديد يجعله يرى الأشياء بكثير من التمعّن لإدراكه تمام الإدراك دور المسرح في توعية الشعب وتعليمه والتعلّم منه دور المسرح في توعية الشعب وتعليمه والتعلّم منه كما قّدمت بالمناسبة السيدة نجاة ايبوني مشاهد حول الراحل عبد القادر علولة، تلتها عرض مسرحية التفاح، عن المسرح الجهوي لوهران، وهي واحدة من النماذج المسرحية التي تركها علولة وتعتبر آخر إنتاج لتعاونية المثلث المفتوح الذي أسسها الراحل سيراط بومدين وبن زيان بلاحة، فيما ترجمت إلى اللغة الانجليزية وتم تقديمها إلى جمهور مختلف. بدوره، قدم سمير مفتاح، مدير الإعلام بالديوان الوطني للثقافة والإعلام، ورقة تاريخية، تحمل عنوان «هو لم يرحل» شبّه فيها الفنان الراحل عبد القادر علولة بالشهيد العربي بن مهيدي في موقفه حين قال «ألقوا بالثورة للشارع يحتضنها الشعب» وفعل علولة وأنّه ألقى المسرح للشعب فاحتضنه الشعب»، وفق نفس المتحدّث الذي ارتأى أن يلقّب الراحل ب» ابرخت العرب». قال إنّه « الإنسان الذي لم تكن الإنسانية عنده عملا ركحيا أو شعارا انتخابيا فقط وإنّما وقّعها بالصدق طيلة مسيرته الحافلة وقاتل بشراسة لأجل حلم حمله ورحل به رفقة رفقاء الدرب من الفنانين، كما وقف عملاقا في أحداث اكتوبر 1988 ووجه الذين أرادوا حرق المسرح الذي يحمل اسمه اليوم، ليكون لكل الناس ولا يبقى حبيسا للعلب وملكا للبعض على حساب الأغلبية. لا يبقى حبيسا للعلب وملكا للبعض على حساب الأغلبية وردّ على المتسائلين حول إن كان للمسرح شهداء، قائلا «أجل أنّ هذه الارض الطيبة والتي قدمت مليون شهيد في ثورة الحرية الخالدة، قدّمت أيضا شهداء للفكر والفن، يضاهون قدسيّة هذا الوطن الذي يحتضنكم اليوم، ونحن نذكر سويا هذا الرجل الذي أرسى فكرا جديدا في الحركة المسرحية العربي» وأوضح مفتاح بأنّ»النقطة التي ننطلق منها لتحقيق المسرح المحكي، ليست ماثلة في أنّ لنا تراثا قصاصيا يمكن اعادة تشكيله مسرحيا وإنّ القضية أنّ لدينا تراثا قصاصيا ذا طبيعة مسرحية يصدر عن خيال مسرحي وفهم متميّز لمطالب المشهد والموقف والشخصية وسائر عناصر البناء المسرحي، غير أنّه كتب بأسلوب الحكاية وليس الحوار»، مضيفا أنّ «أسلوب الحكي كان الأسلوب المستقر والممكن ولأنّ الأذن العربي هي الطريق المدرب لالتقاط الجمال وليس العين ولأنّ التمثيل لم يكن نشاطا فنيا اجتماعيا يتعامل مع المستويات الأدبية الكتابية». الدعوة إلى رعاية هذه الظاهرة الفنية في تراثنا الحكائي والتأصيل لفنون الابداع ولعلّ منطلقه في ذلك الدعوة إلى رعاية هذه الظاهرة الفنية في تراثنا الحكائي والتأصيل لفنون الابداع العربية المعاصرة والقادمة بتحريرها من شروط أنتجتها حضارة أخرى، وفق نفس المتحدّث الذي دوّن شهادة حق في هذا الرجل الذي «أدخل حسبه المسرح للأرياف والاسواق والمصانع والمدارس وجعله شمس لا تغيب». بدوره الإعلامي والكاتب بوزيان بن عاشور، قال في تدخّله إن الشاب علولة داعب الخشبة بدل الكراس ليجسد معترك الحياة، فيما تعد علاقة الفنان بالمسرح والمجتمع في نظر الكاتب علاقة طردية متكاملة لا انفصال لها، اقتناعا منه أنه الفن الأقرب إلى العصور والأزمنة لما يجري في ثنايا الإنسان. ووفق الكاتب كان شهيد الخشبة والذي كرس حياته لخدمة قضايا بلاده على الركح وناضل بالتمثيل والإخراج من أجل فن شعبي طلائعي متفائل لا يخشى العقبات، كان «دائما يردّد أننا في حاجة للإستفادة من الروائع الفنية» بدليل أنّه « ترجم واقتبس أعمالا عالمية نجح فيها مع ما لا يتنافى وتراثنا المحلي». وأردف قائلا إنه رجلا ملم بالإنسانية حتى النخاع، انتقد واستهجن بشجاعة السلوكات المشينة في المجتمع ووضع أصابعه على مظاهر التخلف وأزاح الأقنعة ولن يوظف فنه لطمس الحقائق، كما أحدث نقلة نوعية في المسرح الحديث بقناعاته السياسية من خلال أعماله «الخبزة»، «حمام ربي» و»الأيتام» وفق نفس المتحدّث. كما جاء على لسان ذات المتحدّث أن عبد القادر علولة كان يتردد على الأحياء الشعبية للاحتكاك والاستفادة من رؤية المواطن البسيط، حيث كتب عن البيروقراطية في «العلق» وتخطى حدود الزمن ورغم الشهرة لم ينحرف عن سنة تعاطه مع البسطاء. من جهته، اعتبر مدير المسرح الجهوي عبد القادر علولة عزري الغوتي، أن تجربة شهيد الركح بدأت في سنة 1972 مستذكرا خرجتهم المسرحية حول الثورة الزراعية «المايدة» حين قال» قمنا بجولة حول قرى وهران ومن خلال العرض لاحظ علولة بعض المتفرجين يشاهدون العرض جنب الخشبة، فسألهم عن السبب، فاستنتج علولة أن الطاقة السمعية أكثر منها بصرية «. علولة شهيد المسرح والموقف وقالت الدكتورة لميس عمار، بأن علولة شهيد المسرح والموقف وأن الهدف من وراء استذكار علولة توجيه نداء إلى محبيه وكل من يعمل في الحقل الثقافي أن يعرف صديقه ويسوق لفنانيه لمقارعة الجريمة وإعلاء صوته عالميا. أين نوهت في هذا الصدد أنها ترجمة مسرحية الأجواد المتكونة من 100 صفحة إلى الإنجليزية مشيرة إلى أنها تسوق من خلالها صوت عبد القادر علولة في العالم. الجيل الصاعد التركيز على التكوين والكتابة على شاكلة المؤلفين الكبار وعاد الفنان الجزائري بلاحة بن زيان ليؤكد، أنه بصدد العمل على إتمام الجزء الثاني من السلسلة الفكاهية «عاشور العاشر2» بتونس وقصد وهران لتمثيل مسرحية التفاح لأيقونة المسرح والكشف عن أحداثها لمن لم يساعفه الحظ لمتابعتها سنوات التسعينات. وبخصوص الجيل الصاعد من فناني الخشبة قال بلاحة بن زيان « نطلب من الجيل الصاعد التركيز على التكوين والكتابة على شاكلة المؤلفين الكبار على غرار عبد الرحمن كاكي وعبد القادر علولة وميسوم سعيد ومحمد بختي «. وعبّر ذات المتحدث أنه مهما يعطى لعبد القادر علولة من تكريمات، يبقى الأغلى بوزنه وقدره، حيث قال «مهما تعطي لعبد القادر علولة ومهما بلغت التكريمات، سيبقى علولة غالي « مشيرا إلى أن الجزائر ضاعت منها أيقونة ومعلم من معالم الركح.