أكد المخرج المسرحي عيسى مولفرعة في حوار ل"الشعب"، أنه بإمكان النهوض والارتقاء أكثر بالمسرح الجزائري، إذا ما أعطيت الفرصة للشباب، وتلقينهم الأبجديات المثلى لفنون المسرح، مشيرا إلى أن الجيل الجديد بحاجة إلى التكوين، فضلا عن الانفتاح على النصوص العالمية.. الشعب: ما هو تقييمكم لواقع المسرح الجزائري في الوقت الراهن؟ عيسى مولفرعة: هناك اقتراحات جادة بمضامين جادة وإمكانيات رائعة، والتي تجعل المضمون يطرح أو يلقى عن طريق شكلية مسرحية، فنية وعلمية جمالية، كما أن هناك من لديهم تجارب، فقط تنقصهم الخبرة والتكوين.. وهنا يمكن القول أن هناك مسرحا في الجزائر. خلال تواجدكم بقالمة أشرفتم على تكوين فرقة مسرحية من الجنوب؟ لا يخفى على أحد بأن تداول النشاط الثقافي عامة في الجنوب قليل، ربما ذلك راجع للمساحة أو ظروف أخرى، ولهذا يبقى أبناء الجنوب متعطشين للمسرح والتكوين والفعل الفكري والعلمي، الأمر الذي جعلنا نعمل على تكوين فرقة مسرحية، وقد كانت مبادرة من المهرجان الثقافي المحلي للمسرح المحترف، حيث قام باستدعاء الفرقة لأول مرة لتعتلي الخشبة، وكان لي الشرف أن قمت بتزويدهم ببعض الخبرات التي اكتسبتها من خلال معايشتي للمسرح التي امتدت على مدار سنوات، حيث لقنتهم أبجديات أبي الفنون. وما تزال هناك عدة تربصات بالجنوب سأقدمها لهم مجانا، فلن نبخل على شباب المستقبل، مثلما تعلمت وأخذت فرصتي في المجال المسرحي، سنعطي للشباب فرصتهم لتكوين ممثلين وفنانين، وتلقينهم أيضا فنون الكتابة والإخراج. فنانون جزائريون أرادوا التأسيس لمسرح بهوية جزائرية كمسرح الحلقة، لماذا لم يتمكن جيل ما بعد علولة من تجسيد الاستمرارية لهذا النوع الفني؟ مسرح القوال نموذج يعتمد على السرد ويعبر عن هموم الناس وانشغالاتهم، والقوال حامل التراث الشفهي بكامله، فهو يؤلف ويغني ويروي الحكايات والأساطير المتداولة، كما يحمل هذا النموذج المسرحي الكثير من المعاني في التراث الشعبي، حيث يأخذ من نبرات المجتمع وتاريخه. كما أنه ينبع من تاريخ حياتنا كعرب، كالحكواتي في سوق عكاظ بسوريا، كما ظهر في مراكشوالجزائر في شكل طقوس وحلقات، وهذا نوع من المسرح الجزائري أريد توظيفه في القالب الأرسطي، وأظن من سنة 1990 شهد المسرح وجود أناس دخلاء، وبجهلهم لتاريخ المسرح، قاموا بخلق نموذج آخر وترعرع فيه أناس لا يمتلكون المهنية.. لكني متفائل بعودة المسرح من جديد، فحسبما نراه هناك طموح للعمل والإبداع. الشباب بدأ يستدرك ما فاته، ما دام لديهم الآلية الأساسية وهي العلم، ولهم أرضية التحليل والسؤال، فلنترك الشباب يبحثون والمهنة ترجعهم للحقيقة. فلن يكون هناك نجاح إلا إذا تم الحديث والتطرق على الركح إلى يوميات المجتمع، وما دام يتكلم عن خبايا المجتمع والمتلقي ويرى حضارته ونفسه على الخشبة، هنا نقول إن المسرح سينجح، على غرار ما نراه من شخصيات فضائية وهمية وشخوص لا يوجد لها أساس بالمجتمع. ما هي العوامل التي تجعل المسرح يتطور والشباب يبدع؟ المسرح في الأساس علمي ثقافي فكري، وحركي على الخشبة، لابد من الدراسة بإتقان، والإشراف على التكوين علمي وفني ومهني، هذا ما يجعل المسرح قائما بذاته، إضافة إلى ذلك لابد من الانفتاح على النصوص العالمية، كونها مكسب عالمي، حيث نتعلم كيف نكتب النصوص، وكيف يتم لعب أدوار المسرحية. ماذا عن مشاريعكم المستقبلية؟ هناك الكثير من الأعمال، من بينها 7 ملاحم كبرى تمجد تاريخ الجزائر، حيث أن العمل الأخير تم بثه 35 مرة على القناة الوطنية، لأنها مسرحيات ظرفية، كما أخرجت مسرحية "سي فاكس" بوهران في إطار تلمسان عاصمة الثقافة العربية، وكتبت نص "ما بقاتش هدرة" في إطار تظاهرة القدس عاصمة الثقافة العربية، و«اللؤلؤة" في الذكرى الأربعين لاندلاع الثورة التحريرية، وهذه السنة كتبت مسرحية للأطفال بعنوان "الدمية والملك"، كوميدي ميوزيكال مع العلمة، وحاليا أنا بصدد عمل مسرحية فكاهية في إطار مهرجان الضحك بالمدية، ولدي عمل آخر يتمثل في "ملحمة سيدي عقبة" يعرض في المغرب مع ممثلين جزائريين، وقد قمت باختيار المغرب، حيث بها منطقة سيتم عرض العمل فيها على الهواء الطلق.