سيحتاج المنتخب الوطني ل «معجزة حقيقية» في المباراة الأخيرة أمام السينغال يوم الاثنين القادم لامكانية المرور الى الدور الثاني من منافسات كأس افريقيا للأمم 2017 الجارية بالغابون، حيث أنه رهن حظوظه بشكل كبير بعد الخسارة التي سجلها أمام نظيره التونسي مساء يوم الخميس في اطار الجولة الثانية للمنافسة القارية. خيبة الأمل كانت كبيرة بعد الهزيمة في الداربي المغاربي بالنسبة ل «الخضر»، الذين ضيّعوا نسبة معتبرة من حظوظهم للبقاء في المنافسة من جهة، ومن جهة أخرى الطريقة التي لعب بها زملاء براهيمي التي لم ترق للمستوى الذي تمنّاه الجميع بالنسبة لهذه التشكيلة التي تنقلت الى الغابون بهدف التأهل الى الدور النهائي على الأقل، ولم لا العودة بالتاج القاري الذي ينتظره الجمهور الرياضي الجزائري منذ سنة 1990؟ استراتيجية لا تتوافق مع امكانيات اللاّعبين فلم يقم الفريق الوطني بالمجهود الذي كنّا ننتظره للتألق وتحقيق نتائج كبيرة في هذه المنافسة التي صنف فيها من ضمن المرشحين للعب الأدوار الأولى فيها، بالنظر لنوعية التشكيلة التي تزخر بلاعبين ممتازين، يتقدّمهم رياض محرز أحسن لاعب إفريقي لعام 2016 إلى جانب كل من براهيمي، غولام، سليماني وماندي. بالرغم من التعثر الأول الذي سجّل أمام زيمبابوي كانت الطموحات كبيرة بعودة «الخضر» الى المستوى في الداربي أمام تونس، لكن الأمور كانت عكس ذلك وظهر المنافس أحسن منا في معظم فترات اللعب لأسباب تبقى مبهمة. ويمكن القول أنه ما عدا الربع ساعة الأول الذي ظهر به أشبال المدرب ليكنس في المستوى، فإن بقية المباراة كانت فيها الغلبة للفريق التونسي الذي عرف كيف يدرس نقاط ضعف الفريق الجزائري واستغلالها بشكل أحسن. وفي تحليل للاستراتيجية التي اختارها ليكنس، فإنّه يظهر جليا أنه لم يتمكّن من معرفة الامكانيات الحقيقية للتشكيلة الوطنية كونه لم يعمل معها كثيرا، حيث تمّ تنصيبه منذ 3 أشهر فقط وكانت له العديد من الورشات التي عليه إكمالها في وقت قياسي، ؤلى جانب الضغط الكبير الذي كان يسير فيه. ليكنس جاء متأخّرا مقارنة بالأهداف المسطّرة... فالمدرب البلجيكي قدم إلى الجزائر عشية المباراة «الفاصلة» أمام نيجيريا في إطار تصفيات كأس العالم 2018، والتي للأسف الشديد رأينا الأداء المخيب للفريق الوطني الذي وقع في أخطاء بدائية وانهزم بنتيجة ثقيلة، وبعد أسابيع قليلة وتربص وحيد لم يتمكّن ليكنس من إعادة القطار إلى السكة من ناحية استراتيجية اللعب التي ألفناها في السنوات القليلة الماضية مع المدربين هاليلوزيتش وغوركوف، وحتى المدرب ليكنس أكد ذلك خلال الندوة الصحفية التي نشطها عقب الخسارة أمام تونس قائلا: «لا يمكننا بناء فريق قوي في ظرف وجيز»، وبالتالي، فإنه اعترف بصعوبة مهمته في تقديم تشكيلة قوية في «كان الغابون» التي يقترب المنتخب الوطني من الخروج منها اذا لم تحدث «المعجزة» في فوز «الخضر» على السينغال وانتظار نتيجة مباراة تونس – زيمبابوي. والورشة التي أضعفت استراتيجية ليكنس كانت واضحة ويعرفها الجميع، والمتمثلة في «المنظومة الدفاعية» التي بقيت على حالها بالرغم من التغييرات المتكررة للعناصر التي تكوّنها، حيث أن الطاقم الفني وصل الى تشكيل محور الدفاع الذي يشغله ماندي وبن سبعيني، إلا أن ذلك لم يعط الصلابة المنتظرة لهذه المنطقة التي لا تستفيد من «الحركة الكبيرة» لثنائي الوسط الدفاعي، فلا قديورة ولا بن طالب كانا في يومهما في مباراة تونس، وعانى الدفاع الجزائري كثيرا حتى أصبح يرتكب الأخطاء التي سمحت للتونسيين توقيع هدفين من أخطاء دفاعية، الأولى من ماندي الذي أخطأ في طريقة تأمين المرمى وخطى النظر على عسلة، والهدف الثاني أتى من خطأ فادح من غولام الذي قدم الكرة للمهاجم التونسي الخزري الذي تحصّل على ضربة جزاء. ورشة المنظومة الدّفاعية تتواصل... وفي تحليل للقطة يظهر جليا أن التغطية لم تكن موجودة من طرف محور الدفاع، الذي غادر المنطقة كلية وتحول الى الهجوم في الوقت الذي كان بالامكان البقاء في مراكزهم وترك المبادرة لخطي الوسط والهجوم لامكانية تعديل النتيجة والصعود الى الهجوم في الدقائق الأخيرة لاعطاء التفوق العددي. كما أنّ عدم إجراء تغييرات على التشكيلة كانت صادمة مقارنة بالتعداد الذي لعب المباراة الأولى، حيث أن الاعتماد على عبيد منذ بداية المباراة كان من الأجدر أن يكون لإعطاء حركية أكثر لهذه المنطقة التي تأثرت كثيرا، الى جانب التفطن للمستوى المتدني لبن طالب وإعطاء الفرصة للاعب آخر وإدخال هني في وسط الهجوم،. خاصة وأن دخول لاعب أندرلخت كان مميّزا وأعطى فعالية للخط الأمامي مباشرة ووقّع الهدف الوحيد، مقارنة ببراهيمي الذي اعتمد على اللعب الفردي ولم ينقل كرات عديدة لرأس الحربة سليماني، الذي بالرغم من «الحرارة الكبيرة» التي لعب بها إلا أن الكرات لم تصله بشكل جيد لتحويلها الى الشباك. في حين تساءلنا عن تواجد محرز في وضعيات غير مناسبة مع سير اللعب، فلاعب ليستر كان غائبا أمام الفريق التونسي، أين كان الجميع ينتظر تأكيد المستوى الذي ظهر به أمام زيمبابوي، لكن حمل ثقل المباراة في كل مرة لم يكن في الموعد بالنسبة لأحسن لاعب افريقي. غولام شارك وهو يعاني من زكام...؟ فالحديث عن الاستراتيجية التي اعتمدها ليكنس لا تجد إجابات عديدة في ظل وجود عدة اختلالات في أداء «الخضر»، حيث استفاد مساكني من عدم تماسك الخطوط ليظهر في المستوى ويكون بمثابة اللاعب المميز للفريق للمرة الثانية مع المنتخب الجزائري، ذلك أنه سبق له وأن وقّع هدف الفوز للفريق التونسي في 2013 في كأس افريقيا التي جرت في جنوب إفريقيا، وهذه المرة الى جانب توقيعه للهدف الأول ب «مساعدة» ماندي، فإنه كان نشيطا في تقديم الكرات لزملائه مستغلا البطء في منطقة المنتخب الجزائري. وللاشارة، فإن إشراك غولام كأساسي أضعف أكثر مردود الخط الخلفي للفريق الوطني كون لاعب نابولي كان يعاني من زكام، ولم يتدرّب بشكل منتظم مع زملائه في الحصص التي سبقت مباراة يوم الخميس، ولم يقدم المردود المعتاد حتى أنه دغع زملاءه الى التغطية المستمرة لمنطقته على غرار بن سبعيني الذي قدم الكثير في المباراة..لكن غولام لم يتمكن من الاستقرار في لياقة بدنية بسبب الزكام، وارتكب الخطأ الذي أتى بضربة الجزاء، وبالتالي الهدف التونسي الثاني.