أشادت السيدة ''جميلة خيار''، رئيسة فدرالية جمعيات أولياء التلاميذ لولاية الجزائر، ونائبة رئيس الفدرالية الوطنية، بالدور الكبير والحساس الذي يؤديه المعلم، ويستحق من الجميع كل التقدير والإحترام، لأنه يسهر على تكوين أجيال المستقبل. وقالت السيدة ''خيار''، في حوار مع ''الشعب''، أنه رغم هذا الدور الأساسي والفعّال الذي يلعبه المعلم، إلا أن هذا الأخير لم تعط له القيمة الحقيقية، ولم يحض بالإهتمام اللازم وبحلّ كل المشاكل التي لايزال يعاني منها مهنيا وإجتماعيا، معتبرة أن مشاكل المعلم التي لا تزال عالقة ستنعكس مباشرة على التلميذ، ولذا فإنها لا تفصل بين مصلحة التلميذ ومصلحة المعلم. وعن الإضراب الذي دعت إليه بعض النقابات الممثلة في قطاع التربية المقرر اليوم الإثنين تزامنا مع يوم المعلم، قالت السيدة ''خيار'' إن الإضراب حق دستوري، لكنه لا ينبغي أن يكون على حساب الآخرين، مؤكدة على ضرورة التكفل بهذه الشريحة، أي المعلمين، لتمكينها من نقل المعارف للتلاميذ وتكوين الأجيال القادرة على مواجهة العالم، على حدّ تعبيرها. وحول الدخول المدرسي وظروفه وحيثياته، أكدت ممثلة جمعيات أولياء التلاميذ، على مستوى العاصمة، أنه كان عاديا على العموم في يومه الأول، لكن ما نغّص على الجميع وأربك المؤسسات التربوية وأولياء التلاميذ، على حدّ سواء، هو قضية المآزر التي ليست بالجديدة في المدرسة طالما أن المآزر كانت دائما ضرورية وإجبارية أيضا، لكن الجديد أن الوزارة قررت توحيد لون المآزر حسب المستويات التعليمية وحسب الجنس، وقرار التوحيد كان يفترض أن تسبقه تحضيرات ليست بالهيّنة، تجنبا للإرباك الذي حدث في بداية السنة الدراسية، كأن ترسل تعليمة إلى أولياء التلاميذ قبل الخروج المدرسي للموسم الدراسي السابق، تحظر فيه كل المعنيين بالأمر بإجبارية الألوان التي حدّدتها الوزارة، حتى تكون لأولياء التلاميذ التصرف كل حسب قدرته. وفي نفس السياق تضيف المتحدثة، أن مثل هذا القرار ما كان عليه أن يبقى محصورا في وزارة التربية، فالقضية ليست قضية قطاع واحد مثل التربية، وإنما كان يفترض أن يبحث ذلك على الأقل على مستوى مجلس وزاري مصغر للتنسيق مابين القطاعات الأخرى المعنية مباشرة بهذا الملف، مثل الصناعة والتجارة والجماعات المحلية، على اعتبار أن للبلدية دور في تسيير المؤسسات التربوية من حيث الهياكل والتجهيزات. وسجلت المتحدثة، بكل أسف، غياب التنسيق اللازم وعدم التكفل الجيِّد بهذه القضية، مشيرة إلى أن التُّجار لم يكن لهم علم بمثل هذا القرار الذي كان من بين أحد تداعياته طرد تلاميذ من المدارس، مما أدّى إلى تدخل الوصاية التي أعطت مهلة إلى غاية 13 أكتوبر الجاري لتنفيذ قرارها. واعتبرت ''خيار'' أن المآزر أصبحت منتوجا نادرا وكانت محلّ مساومة وتحقيق أرباح كبيرة من قبل بعض التجار الذين رفعوا الأسعار إلى مستويات لم تسجل سابقا، حيث عانى أولياء التلاميذ الأمرّين من أجل إقتنائها بالألوان المطلوبة، مسجلة عدم رفضها لفكرة توحيد المآزر وإجباريتها داعية الحكومة ومنتخبي مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني إلى مزيد من التحضير المسبق والتنسيق، لأن الأمر، من وجهة نظرها، يتعلق بأزيد من ثمانية ملايين تلميذ وتلميذة، وتضيف نفس المتحدثة أن الوزارة ليست وحدها المسؤولة، إنما المسؤولية مشتركة بين عدة قطاعات، وتساءلت في ذات السياق عن دور ممثلي الشعب المنتخبين في الهيئات الوطنية. وردا على سؤال حول تصريح ممثل الوزارة في القناة الإذاعية الأولى الذي جاء فيه أن التعليمة الخاصة بالمآزر وزعت في 20 جانفي الفارط على المدارس، قالت السيدة ''خيار'' إذا كانت التعليمة قد صدرت قبل ثمانية أشهر، لماذا لم يتم متابعتها من قبل الوزارة عوض إنتظار الدخول المدرسي، متسائلة عن دوافع عدم الأخذ بعين الإعتبار لما جاء في التعليمة من قبل الجهات المكلفة بتنفيذها وتطبيقها ومتابعتها. وعن التوقيت الجديد، أوضحت السيدة ''خيار''، أن بعد تشاور الوزارة مع ممثلي النقابات المختلفة التي لم تستقر على رأي واحد حول عطلة نهاية الأسبوع في قطاع التربية، بينما رأي الفدرالية كان واحدا، تقرر رسميا اعتماد يومي الجمعة والسبت راحة لكل تلاميذ المراحل التعليمية، ولكن بقي المشكل مطروحا حول المدارس التي تعمل بنظام الدوامين والمقدر عددها بحوالي 700 مدرسة، وفي هذا الصدد، وجوابا على سؤال طرحته ''الشعب'' لممثلة جمعيات التلاميذ في العاصمة حول التعليمة التي تكون الوزارة قد أرسلتها للمدارس المعنية بنظام الدوامين تجيز فيها الدراسة يوم السبت، نفت المتحدثة علمها بالأمر، مشددة على ضرورة أن يعطى لهؤلاء حقهم في الدراسة دون أن تبتر الساعات الأربعة التي كانت مقررة يوم الخميس في التوقت السابق. الأمر لايزال يكتنفه الغموض والسؤال الذي تطرحه السيدة ''خيار'' هو ماهو دور البلدية التي تقع على عاتقها المدارس الإبتدائية، معتبرة أن هذه الأخيرة لم تؤد دورها في توفير الهياكل القاعدية القادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من التلاميذ مما أنتج وضعا تميز باعتماد نظام الدوامين. وتؤكد نفس المتحدثة، أن على الحكومة العمل على القضاء على هذا النوع من المدارس معتبرة أن المدرسة ليست قضية قطاع واحد فقط، وإنما قضية دولة وحكومة، طالما أن الأمر يتعلق بثمانية ملايين تلميذ وجب التكفل بهم على أحسن وجه للرفع من مستوى النوعية وتحسين المردودية. وتؤكد السيدة ''خيار'' على أن نفس المشاكل لاتزال تسجل مع بداية كل موسم دراسي كمشكل الإكتظاظ الذي لا يلاحظ في كل المدارس، ولكن الأغلبية منها لعدم وجود مؤسسات تستوعب العدد الكافي من التلاميذ، ولكن أيضا لغياب التخطيط والتنسيق في حالة إما بناء مناطق سكنية جديدة أو ترحيل أعداد كبيرة من العائلات بسبب حوادث أو كوارث طبيعية، حيث لا توفر لأبناء هؤلاء مؤسسات تربوية جديدة، مما يؤدي إلى حالة من الإكتظاظ في المؤسسات الموجودة. وفي محور آخر، يتعلق بكثافة الدروس، أوضحت ''خيار'' أن الفدرالية كانت تطالب بالتغيير الجذري في القطاع التي رحبت بفكرة الإصلاح وأيّدته، وهذا الإصلاح تضيف نفس المتحدثة كان يفترض التخفيف في البرامج وإعطاء الوقت الكافي للتلميذ لممارسة نشاطات أخرى ثقافية، رياضية وحتى للتسلية ويترك الوقت الكافي للراحة والإسترخاء وكذا لتحضير الواجبات، لكن للأسف تقول ''خيار''، لاحظنا تلاميذ السنة الخامسة إبتدائي على سبيل المثال محافظهم تزن أكثر من 8 كلغ في وقت لم تحقق فيه الوعود بتهيئة أدراج خاصة على مستوى قاعات الدراسة لتجنّب التلاميذ مشقة حمل الأثقال يوميا، وهنا بدأت قضية صحة الطفل تطرح نفسها بإلحاح، داعية إلى إيجاد الحلول المناسبة قبل فوات الأوان. الإنتقادات التي وجهتها السيدة ''خيار'' لهذا الجانب من الإصلاح لا يعني أن كل الإصلاح لم يعط البعض من نتائجه، مؤجدة أن هذا الأخير سمح للتلاميذ بتنمية قدراتهم الفكرية وبالمشاركة الفعّالة في الدرس عكس النمط السابق الذي كان يعتمد على الحفظ بدون مشاركة، أي التلقين فقط، في إطار نظام التعليم الأساسي. محيط المدرسة لم ينج من تداعيات بعض الآفات الإجتماعية التي انتشرت على نحو خطير ودخلت المدرسة من بابها الواسع وأبرزها ظاهرة العنف التي مسّت التلميذ والمعلم على حدّ سواء وفي هذا الإطار، أوضحت السيد ''خيار'' أنه لا يمكن إنكار هذه الظاهرة الخطيرة إلى جانب ظاهرة أخرى لا تقل خطورتها عن الأولى وهي المخدرات، وفي هذا الشأن، عقدت لقاءات عديدة مع وزارة التربية، وتم تكوين لجان على مستوى المؤسسات التربوية مهمتها مراقبة ومتابعة ومواجهة هذه الظواهر السلبية ووجهت المتحدثة نداءا إلى كل المعنيين بالأمر ولاسيما أولياء التلاميذ والجهات المكلفة بالأمن لتوفير الأمن أمام المدرسة ومواجهة مروّجو المخدرات الذين يتواجدون في محيط المدرسة لبيع السموح للتلاميذ، وفي مرات عديدة، تقول السيدة ''خيار''، تدخلنا وطلبنا الأمن في محيط المدرسة. أما العنف الممارس في المدرسة إما من المعلم ضدّ التلميذ أو العكس، فإن تطبيق الإجراءات الردعية لمواجهة هذه الظاهرة من شأنها التقليل من حدّتها من خلال تظافر جهود الجميع، أولياء، تلاميذ ومعلمين ومسؤولين حتى يصبح المعلم قدوة حقيقية تلاميذه وللمجتمع ككل. وقد آن الأوان لكي يأخذ المعلم مكانته الحقيقية التي تليق به وبالدور المسند إليه في تربية الأجيال، ومن وجهة نظر السيدة خيار، فإن يوما واحد لا يكفي للوقوف عند المكانة الحساسة للمعلم، إنما التذكير بهذه المكانة ينبغي أن يتم على مدار السنة، لذا وجب إعطاءهم كل الإهتمام اللازم.