عرض، الوفد الجزائري، في المؤتمر الثاني لرجال القانون في البحر الأبيض المتوسط المختتم اليوم بالقاهرة، التجربة الجزائرية في مجال تحصيل الديون والتحكيم الوسيلة المثلى لتسوية النزاعات التي يؤديها بأسرع ما يمكن واقل كلفة المحضر القضائي، وهي تجربة محل اهتمام المؤتمر الثالث الذي تحتضنه الجزائر من 16 إلى 20 جوان القادم. واطلع، الوفد المشكل من ممثلين عن وزارة العدل والغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين المشاركين في مؤتمر القاهرة الذي جرى على مدى ثلاثة أيام، على الطرق المبسطة للغاية في تحصيل الديون التي يلجأ إليها المحضر القضائي باستقلالية وحرية لتسوية مشكل مهما تعقد وكبر بين متنازعين، بالود ومحبة خاطر بعيدا عن طرق أبواب المحاكم والجلسات القضائية البطيئة المملة والمكلفة للوقت والمال على حد السواء. وتكرست هذه الطرق في الميدان بفضل إصلاح العدالة التي منحت الاستقلالية للقاضي والمحضر القضائي وتركتهما يعملان كل في موقعه ومهنته بحرية وأخلاقية ضمير ونقائه، بعيدا عن التداخل الوظيفي والاملاءات والاكراهات، وهي استقلالية أعطت نتائج في غاية الأهمية على مستوى مهنة المحضر القضائي تمثلها تنفيذ الأحكام بنسبة 90 في المائة بدل 26 في المائة في مرحلة سابقة، ولم يبق أي حكم غير منفذ من السداسي الأول للعام الجاري. وذكر بهذا الاستحقاق الذي هو محل الاهتمام الدولي رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين السيد شريف محمد في تصريح صحفي لنا قبل الذهاب إلى المؤتمر الثاني لرجال القانون، موضحا أن الثلاثي الأخير من السنة الجارية على وشك تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة خلال هذه المرحلة عدا التي هي داخل الأجل، وتنتظر دورها في التنفيذ. وبعد نجاح مهمة التنفيذ بفضل الإصلاحات التي أقرت مراجعة عاجلة لنصوص مهنة المحضر القضائي، وقانون الإجراءات المدنية، والاهتمام الدائم بالتكوين عبر الندوات القانونية في داخل الوطن وخارجه، بدأت الدول تعتني بالتجربة الجزائرية وتراها المرجع في تطوير تشريعاتها ونصوصها المسيرة للقطاع المنظمة له، وتعتبرها أساسية في علاج مشكل بطء تنفيذ الأحكام وتراكماتها التي ولدت حالة من الغضب والاستياء لدى طالبي الحقوق، وكرست نفورا من الجهاز القضائي الذي لم يفعل أي شيء تجاه الأمر بتنفيذ الأحكام المتراوحة في المكان، مبقية على النزاعات بلا تسوية والقضايا بلا حل رغم بساطتها في الكثير من الحالات. وتتضح الصورة اكبر في الدول المعروفة بأنها مهد القانون وموطن التشريع حيث تعيش مشكل تنفيذ الأحكام بسبب قدم نصوصها المنظمة لمهنة المحضر القضائي وعجزها على مواكب الحاجيات الوطنية. والأمثلة تعطيها فرنسا وبلجيكا وايطاليا وبريطانيا التي تأخرت عن الركب رغم أنها كانت مصدر القانون، وصارت تتطلع للتجربة الجزائرية التي توجد في موقع متقدم باعتراف أهل الاختصاص. اقر، خبراء الاتحاد الأوروبي والمنظمات القانونية الدولية، أكثر من مرة، بان للجزائر منظومة قانونية في غاية النجاعة والقيمة، وشددوا على أهمية تنفيذ الأحكام القضائية، مستندين إلى الأرقام. واعتمدت الدول العربية في اجتماع وزراء العرب ببيروت، القانون الجزائري المنظم لمهنة المحضر القضائي، مرجعا يؤخذ به لإقامة علاقة ثقة ومصداقية بين الجهاز العدلي والمواطن المغلوب على أمره اللاهث وراء استرجاع حقه الضائع. يحدث هذا لأول مرة في الجزائر وتتعدى الإصلاحات العدلية الحدود، ويتحول التشريع الجزائري إلى موقع استقطاب دولي بعد الجهود المنصبة على مهنة المحضر القضائي المكسر للحواجز والطابوهات بتنفيذ 80 في المائة من الأحكام بالطرق الودية، مكرسا الألفة والثقة بعيدا عن روح الانتقام والعنف وتداعياته الخطيرة على السلم الاجتماعي.