ضرورة توجيه المواطنين للانخراط في المسار الانتخابي وتجاوز العزوف كسبنا رهان الترشح في 12 ولاية وندخل المعترك بقوائم موحدة في ولايات المبادرات الحزبية تحتاج إلى حوارات والنخبة مستقيلة قررت جبهة الجزائر الجديدة للمرة الثانية خوض غمار التشريعيات، وهي تسعى من خلال المشاركة في هذا الاستحقاق، إلى إيجاد موقع لها في الخارطة السياسية التي ستفرزها انتخابات ماي المقبل، محاولة الاستفادة من الإجراءات التي أقرها الدستور الجديد، الذي منح جميع الأحزاب والتشكيلات فرص أكبر، من خلال الأطر التشريعية والقوانين، كل هذه الجوانب تناولتها “الشعب” في هذا الحوار مع جمال بن عبد السلام الذي أجاب عن الأسئلة بكل صراحة . الشعب : تدخلون التشريعيات لثاني مرة، في ظل عديد المستجدات، منها دستور جديد و إجراءات قانونية تمس مشاركة الأحزاب في الاستحقاقات وغيرها .. كيف تحضرون لهذا الاستحقاق ؟ جمال بن عبد السلام : تعتبر تشريعيات ماي المقبل، محطة هامة بالنسبة لحزب جبهة الجزائر الجديدة، لثلاث مسائل : * تعد محكا لتقويم وتقييم أداء 5 سنوات، وبالتالي لا بد للحزب من هذه الوقفات، لنشاطاته وانتشاره ولنموه . هي محطة للانطلاق إلى المواعيد الأخرى، لأنها ستعطينا موقعا سياسيا و ميدانيا أحسن من الاستحقاقات السابقة . تعد فرصة للتعريف بالحزب، لنشر أفكاره ومواقفه، وبرنامجه في أوساط الرأي العام الوطني، حتى يتجذر في الأوساط الشعبية و الفئات الاجتماعية، وانطلاقا مما سبق تعتبر هذه الانتخابات محطة حيوية لا يجب على أي حزب أن يفوتها . من بين المستجدات التي برزت على الساحة السياسية تحضيرا لهذا الموعد الانتخابي، تشكيل تحالفات بين أحزاب التيار الإسلامي، كيف ترون ذلك ؟ بالنسبة لنا لا فاعل في الحياة السياسية، نكيف أنفسنا معها، نحن مناضلون، وبالتالي نتعاطى ونتكيف مع كل الأوضاع، مثل القرار الذي أضفى نسبة 4 بالمائة، وهذا مستجد قانوني، يفرض شروط جديدة على الحزب . سندخل في بعض الوليات بقوائم موحدة هل يعجزكم هذا الشرط القانوني، كيف تتعاطون معه ؟ نحن نتعامل مع هذا المعطى بواقعية، وبطريقة عملية في الميدان، سحبنا الاستمارات في جميع الولايات، لكن نحن مطمئنون، فنحن حزب ناشئ، تمكن من فرض مكانته في الساحة السياسية، مستقبلنا أمامنا، لا نواجه ضغوطات من أي جهة، و نحن نعمل بنوع من الأريحية، ومهما كانت نتائج الانتخابات فهي في صالحنا، و هي تحقق لنا هدفا من الأهداف التي أشرت إليها سابقا . سندخل في جميع الولايات في الجزائر وفي فرنسا، لدينا 12 ولاية حققنا فيها شرط 4 بالمائة في الانتخابات التشريعية السابقة، أما الولايات التي لم نحقق فيها هذا الشرط، فسنلجأ إلى جمع التوقيعات، و هناك فرضية الدخول بقوائم موحدة في الولايات في حالة عدم تمكننا من جمع التوقيعات، و لدينا عروض من عدة أحزاب، و نتعاطى بواقعية في هذا الجانب، وندخل مع الأحزاب التي تحقق مكاسب للحزب، بالإضافة إلى العامل التكتيكي، و أؤكد لك أننا ننظر إلى الأحزاب الجزائرية بالإيجاب، محكوم علينا أن نتعامل وأن نتعايش، وأن نتوحد في ظروف معينة عندما تمسّ قضية ما المصالح العليا للدولة الجزائرية . هل هذا الشرط يجعلكم تفكرون في الدخول في تحالفات أو في قوائم موحدة مع حركة الإصلاح الوطني مثلا، خاصة وأنكم كنتم من مؤسسيها، قبل أن تؤسسوا جبهة الجزائر الجديدة ؟ جبهة الجزائر الجديدة كحزب، تأسست على أساس المرجعية الوطنية، وبالتالي لا يمكن أن أستثني الإسلام من هذه المرجعية، ونحن نعمل في هذه الدائرة، “إخواننا في الإصلاح”، و بخصوص الأستاذ فيلالي غويني، تربطنا علاقات طيبة و فيه حوارات ولقاءات بيننا، لكنها لم تصل لحد الآن إلى موضوع تحالف أو تكتل بين الحزبين . المبادرات بين الأحزاب السياسية تحتاج إلى المزيد من الحوار لماذا ترفضون التحالفات خاصة وأنكم ترأسون حزبا فتيا يحتاج إلى مثل هذه المبادرات التي لجأت إليها أحزاب لها تواجد في الساحة السياسية ولديها وعاء انتخابي ؟ لأوضح أكثر، أنا لي تجربة في مثل هذه المبادرات منذ 1992، وكنت شاهدا، وفاعلا ومشاركا في عدة مبادرات، ومبادرا في 2012 عندما كنت لازلت في حركة الإصلاح، وفي مبادرة الذاكرة و السيادة التي تأسست من 14 حزب جزائري ، ... لكن وصلنا إلى نتائج كثيرة، و الواقع يؤكد في كل مرة، أن هذه المبادرات لا تملك عوامل الاستمرار و الدوام و النجاح، آخرها مبادرة “مازافران”، و ما تبعها من التراشق الإعلامي الذي حدث ما بين أصحابها، واستنتاجا لذلك توصلت إلى قناعات، عمادها أن المبادرات بين الأحزاب السياسية تحتاج إلى المزيد من الحوار و التعميق في النقاش، و المزيد من خلق فرص التقارب، و التعارف و التنسيق و التفاهم، لعلنا نصل إلى مبادرات جادة . من بين الآليات التي وضعتها السلطة لضمان نزاهة العملية الانتخابية استحداث الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات ، التي كانت مطلبا ملحا من قبل أحزاب المعارضة، كيف ترى هذا المستجد ؟ لا يوجد مشكل في الآليات، والهيئة إحدى الآليات التي استحدثت، من قبل كان أعوان الإدارة هم الذين يقومون بعملية المراقبة ، ثم استحدثت اللجنة القضائية، أقول وبكل وضوح إذا لم تتوفر الإرادة السياسية عند السلطة في تنظيم انتخابات حرة و نزيهة، فلا معنى لوضع آليات واستحداث آليات جديدة، وأنا أعرف أن أعوان الإدارة الجزائرية لهم من الكفاءة والاحتراف والتجربة ما يمكنهم من أن ينظموا انتخابات بكل المعاير الدولية، وأعرف أن القضاة الجزائريين على كفاءة عالية، حتى أعضاء هذه الهيئة المستحدثة، قادرون على القيام بواجبهم في تنظيم انتخابات بكل المقاييس، و لاشك في ذلك. البزنسة في القوائم الانتخابية “كارثة كبرى” أعتقد أن الخلل موجود في ثلاث مواضع التزوير الذي يحدث بنزع أصوات من حزب وتعطى لآخر، وهذا ما جعل المواطن يفقد الثقة في نجاعة وفائدة الآلية الانتخابية، والأحزاب السياسية مسؤولة وبعضها “كارثة”بأتم معنى الكلمة، لا تنشط إلا في المواعيد الانتخابية، و هناك رؤساء أحزاب تقدم خطابات لا يفهمها المواطن، لأن لا مستوى برنامج و لا خطاب مفهوم، لا أفكار، لا لغة، وبالتالي مثل هذه الأحزاب شوهت الحياة السياسية، والكارثة الكبرى، تتمثل في البزنسة في القوائم الانتخابية، و هذا ما جعل المواطن يفقد الثقة في الانتخابات، كما تتحمل النخب الوطنية جانبا من المسؤولية، في العالم الشعب تقوده النخب الوطنية، وعندنا النخبة لا تترشح وتترك المجال فارغا يملؤه غيرها، ولا تقوم سوى بتوجيه انتقادات للأحزاب وتنعتها بالرداءة . و أبعد من ذلك، أؤكد أنه حتى وإن ترك تنظيم الانتخابات لأحزاب المعارضة والإشراف عليها وعلى إعلان النتائج ، “لن تكون بالنزاهة و الشفافية المطلوبة “، وأوضح هنا نقطة أساسية أن الرقابة ليست مهمة الأحزاب السياسية، التي تقتصر في الترشح و السعي لإقناع المواطنين بالانتخاب، و إقناعهم للتصويت لصالح برامجها، و معروف في العالم أن الإدارة هي التي تنظم الانتخابات . نجاح الاستحقاقات متوقف على نسبة المشاركة، غير أن العزوف أضحى إشكالية تطرح كلما تجددت المواعيد الانتخابية، ما هي الأسباب التي تدفع بالجزائريين إلى العزوف حسب رأيكم ؟ العزوف الشغل الشاغل وهي مسألة متعلقة بالأحزاب، وبالسلطة وبالمثقفين،وبالإعلام الوطني، يجب أن نعمل جميعنا على إخراج المواطن من حالة العزوف، والمعالجة ليست بالتحالفات، ولكن بالتوعية . من يتحمل مسؤولية هذا العزوف الذي يؤثر سلبا على العملية الانتخابية، ويفتح في كل مرة باب الشكوك والتأويلات ؟ سأجيبك بكل صراحة، السلطة لها مسؤولية كسر هذا العزوف، من خلال إيجاد الأجواء الملائمة و المناسبة لتشجيع المواطن للعودة إلى الساحة السياسية، والطبقة السياسية من أحزاب وناشطين ومثقفين، مطالبة بأن تقوم بجهد كبير لتوعية وتثقيف المواطن، بنية العودة والاندماج في الحياة السياسية، والمجتمع المدني مطالب كذلك بالقيام بدوره في هذا المجال، كما أن للإعلام دور لابد أن يقوم به . الطبقة السياسية ساهمت في العزوف و النخبة مستقيلة ذكرتم أن للإعلام مسؤولية، كيف يكون انخراطه في المسار الانتخابي في ظل الانفتاح الذي يعرفه قطاع السمعي البصري ؟ أتأسف أن أجد بعض القنوات تعمل على دفع المواطن إلى العزوف، من خلال تكريس اليأس في الأنفس، وهذه وضعية غير طبيعية، بالرغم من أنني أسجل أن الإعلام العمومي متوازن ، “غير أنه ليس فعالا ، وأنا أخص هنا بالذكر الإعلام الثقيل”، الذي يمتلك من الإمكانيات والكفاءات ما يؤهله للقيام بدوره كما يجب، فهو يحتاج إلى مزيد من الجرأة، لاسترجاع مصداقيته . بعض القنوات الخاصة تعمل على تعميق الياس في أوساط المواطنين أما الإعلام الخاص، ففيه إيجابيات وسلبيات، هناك قنوات تعمل على إعادة الثقة في أنفس المواطنين ودفعهم إلى العودة إلى الحياة السياسية، وأخرى تقوم بجمع انطباعات لشباب يعاني من مشاكل اجتماعية، و تسأله عن الانتخاب، وتسجل رفضه للمشاركة في عملية الاقتراع وتبثه، وتتهجم “ في حملة بالقصف الثقيل على ممثلي الشعب”، وتقدمهم على أساس أنهم هم المشكلة الأساسية في البلاد، وأرى أن هناك عملا موجها لتعميق اليأس في أوساط المواطنين، من طرف بعض هذه الوسائل الإعلامية. والبديل عن الفعل الانتخابي شيئان، إما العزوف عن المشاركة، وهو تصرف ينم عن عدم مبالاة تامة بوضعية البلد، وعن المخاطر التي تواجهها و هذا “أمر خطير”، أو أن المواطن يتصرف خارج النشاط السياسي الرسمي، فيتجه إلى العنف والتكسير، وهذا “أخطر أيضا”، و لا أخفي عليك أن مثل هذا الوضع يجعلنا - على كف عفريت - ، والحمد لله أننا لم ندخل في متاهات “الشتاء العبري”، و أؤكد أننا في حاجة إلى توجيه الشعب الجزائري للإنخراط في العمل السياسي، وفي العمل الجمعوي في إطار قوانين الجمهورية . هل تعتمدون على نسبة 30 بالمائة للتمثيل النسوي في جبهة الجزائر الجديدة ؟ و هل تتصدر النساء قوائم الترشح ؟ في المكتب الوطني هناك ( 12 عضوا) لدينا 3 نساء ما يمثل 33 بالمائة، ولدينا رؤساء مكاتب ولائية نساء في غيليزان، وتمنراست و بشار، و هناك انفتاح كبير على العنصر النسوي، وأنا شخصيا أشجع المرأة على الانخراط في العمل السياسي أي في هياكل الحزب وفي الترشح، ونسعى أن تكون قائمة العاصمة تتضمن أكبر عدد من النساء . كيف تتصورون الخارطة السياسية التي تفرزها تشريعيات ماي المقبلة ؟ أعتقد أنه سيحدث تغيير طفيف، وسنذهب إلى “فسيفساء “سياسية “، ربما تشكل خطوة أولى في إطار فرز الساحة وترتيبها، فمنذ 1989 و الساحة لم تستقر، دخلنا مرحلة التعددية، لكننا لم نعش الاستقرار، وأعتقد أن الإجراءات التي اتخذتها السلطة من خلال الدستور الجديد وقانون الانتخابات وقانون الأحزاب فيما بعد وترقية الممارسة السياسية للمرأة وقانون الجمعيات وقانون الإعلام، يعني أنها تبحث عن ميلاد خارطة سياسية وطنية، بدأت تتشكل ملامحها، ولكن ما يزال أمامها خطوات، والانتخابات التشريعية المقبلة ستعطينا خطوة أخرى في إيجاد هذا الملمح، وأتوقع أن تفرز لنا وصول أحزاب ناشئة لمقاعد البرلمان بنسب مختلفة، وهذه الأحزاب ستساهم في “تجديد الدم” في الخارطة السياسية.