تسببت وسائل الإعلام الجزائرية والمصرية في إشعال نار الفتنة بين شعبي البلدين بسبب التنافس بين الجزائر ومصر حول تأشيرة التأهل لمونديال 2010 بجنوب إفريقيا، ووجدت مختلف وسائل إعلام البلدين في التنافس فرصة لزرع بذور الفتنة والشقاق بين البلدين وبغض النظر على المتسببين في هذه الفتنة بات من الواضح تدخل مختلف الهيئات لإعادة المياه إلى مجاريها والترفع عن مثل هذه السلوكات التي قد تؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها . في الوقت الذي تم الإعلان فيه عن اكتشاف لقاحات ضد أنفلونزا الخنازير وتوزيع جوائز نوبل في مختلف الاختصاصات وزيادة العدو الصهيوني من عنجهيته تجاه الأمة العربية ووصول العديد من الدول لاكتشافات نووية ,دخلت الجزائر ومصر في حرب إعلامية هم في غنى عنها، فالمقابلة الحاسمة التي ستجرى في 14 نوفمبر المقبل مهما تكن نتيجتها ومهما كان المتأهل للمونديال فلا شيء سيتغير في واقع البلدين اللذين يعرفان مشاكل أكبر من أن يحلها التأهل للمونديال. إن هذا الصراع المحموم الذي استغلته وسائل الإعلام الأجنبية للحديث عن عداوة وكره بين الجزائر عمره 20 سنة يعكس مدى غياب أدنى أخلاقيات المهنة في إعلام البلدين ومعظم وسائل الإعلام- حيث فتح الجميع العنان لأنفسهم واطلعنا وسمعنا مواد إعلامية غريبة بعيدة كل البعد عن الأهداف التي أنشيء من أجلها الإعلام,وما لم يعلمه إعلاميو البلدين أننا أصبحنا أضحوكة في مختلف دول العالم، خاصة وأننا نظل نتشدق في مختلف كتاباتنا بأننا إخوة وأشقاء وهو ما أدهش الأجانب الذين لم يعودوا يفهمون شيئا في مختلف القيم التي تروج إليها وسائل الإعلام العربية والإسلامية ثم ينقلبون عليها لأتفه الأسباب. إن ما وصلت إليه وسائل الإعلام العربية من مستوى يعكس هشاشتها وضعف استراتجياتها وتحويل مسار السلطة الرابعة إلى وجهات بعيدة عن آمال الشعوب والحكومات وباتت وسائل الإعلام تنشر وتبث كل شيء إلا المصالح العليا للبلاد العربية التي انتقلت من صراعاتها مع الأعداء حول أمهات القضايا إلى التصارع فيما بينها حول قضايا تافهة على غرار كرة القدم، وصراع أهل الفن بين قوسين تاركين القضايا الحساسة والمهمة للعدو الصهيوني ومختلف القوى الجديدة في الشرق الأوسط. والملاحظ على مختلف القنوات العربية الفضائية حاليا وما عدا التي تختص في صناعة الأخبار الهدامة والموجهة لخدمة توجهات معينة بعيدة عن المصالح والتقاليد العربية فمعظم المواضيع تركز على الغناء والمسلسلات والأفلام التي تدعو للعولمة والترويج للمخدرات والعلاقات الاجتماعية الغريبة عن تقاليدنا وكأن الأمة العربية وصلت إلى نهاية التاريخ ولا يخصها سواء الترفيه وتتبع المواضيع الكمالية. إن واقع الأمة العربية اليوم يندى له الجبين وما يحدث بين الإعلام المصري والإعلام الجزائري مهما كانت المبررات ومهما كان الخاسر ومهما كان الرابح ومهما كان المتسبب أوالمعتدي أو الظالم أو المظلوم ومهما كان الموضوع المتصارع عليه إلا قطرة من بحر من مئات المشاكل البسيطة التي تمنع العالم العربي من اكتساب التكنولوجية النووية وحل قضايا البطالة والسكن والتجارة، لأن الاهتمامات تغيرت وبات كل شيء يعمل في الاتجاه المعاكس تحت غطاء الحريات والديمقراطية وحرية التعبير والصحافة والغيرة على الوطن وهو ما ينبأ بمستقبل غامض وأسود للأمة العربية إذا لم يتم تصحيح الاختلالات والترفع عن سلوكات داهس والغبراء.