سجلنا أولى نتائج مسعى التجديد الاقتصادي الاجتماعي دون الاستدانة طمأن عبد المالك سلال الوزير الأول، بتسجيل استقرارمحسوس على صعيد المؤشرات المالية والاقتصاد الكلي، متوقعا أن احتياطي الصرف الذي يناهز في الوقت الراهن 112 مليار دولار، سيعود إلى التماسك، نهاية السنة، ليحافظ على سقف 100 مليار دينار. قال سلال خلال ترؤسه قمة الثلاثية بعنابة، لأول مرة، أمس، إنه يرتقب تراجعا طفيفا وظرفيا لاحتياطي الصرف شهر جويلية، لكن لن يقل عن 96 مليار دولار، ليعاود الصعود قبل نهاية 2017. علما أن نسبة النمو المرتقبة على ضوء الميزانية المرصدة تكون في حدود 3,9 من المائة، والواردات مقرر خفضها إلى 30 مليار دولار، بحسب سلال، الذي كشف عن استحداث تنظيم يتمثل في لجنة يقظة لمكافحة البيروقراطية وإزالة عراقيل الاستثمار، مشددا على استمرار مواجهة ما يمس بالاستقرار والاقتصاد الوطني. أعلن سلال خلال ترؤسه قمة الثلاثية 20 بعنابة، التي قدم فيها تقييما دقيقا وبلغة الأرقام، مدى تطور مؤشرات الاقتصاد الوطني عقب إطلاق وسريان النموذج الجديد للنمو، الذي تمت المصادقة عليه، شهر جويلية الفارط، بهدف تبنّي سبل جديدة لدعم الإنتاج الوطني وترقية أدائه، أنه سوف يتم تعزيز وتشجيع الاستثمار من خلال إرساء مجموعة من التدابير المالية والشفافية، في ظل مواصلة ضخ القروض الموجهة للاقتصاد، حيث تقرر رفعها من 9100 مليار دينار في العام الماضي إلى 11400 مليار دينار في 2017، وينتظر أن ترتفع بنسبة لا تقل عن 25 من المائة. تعتزم الحكومة، بحسب ما كشفه الوزير الأول، تكريس أدوات بديلة أكثر فعالية، سيتم إطلاقها وتشجيعها، يتصدرها سوق المالية التي من شأنها أن تدعم الاستثمار. وينتظر أن يتم التركيز كذلك على عمليات الشراكة والمشاريع المهيكلة وتنمية القاعدة الصناعية والإنتاجية الوطنية، عن طريق توفير الضمانات الضرورية وإرساء محيط تنظيمي واقتصادي ومالي ملائم، بهدف تسهيل اكتساب المهارة واستغلال إمكانات التمويل المتاحة في السوق المحلية أو الدولية للمتعامليين الاقتصاديين الجزائريين. ودعا سلال المتعاملين الاقتصاديين، الذين وقفوا على الآثار الإيجابية للعقار الصناعي وقانون الاستثمار وإجراءات قوانين المالية، إلى عدم تكرار المشاريع والنشاطات المتشابهة والتوجه نحو التنويع، في ظل كثرة مشاريع المطاحن ومصانع الإسمنت وانتقاء فروع لم تستغل، على غرار النشاط الفلاحي والطاقات المتجددة وتكنولوجيات الإعلام والسياحة المحلية. ووقف الوزير الأول على تشريح الظرف الراهن، حيث قال إن الجزائر تتصدى للظرف الاقتصادي العصيب والمحاولات الرامية لزعزعة استقرارها. وشرعت في تسجيل أولى نتائج مسعاها للتجديد الاقتصادي والاجتماعي، الذي من بين المؤشرات الإيجابية المسجلة، ذكر تحقيق زيادة بنسبة 10 من المائة في الجباية العادية في 2015 و2016. ونفى سلال أن تكون ناتجة عن اقتطاعات من رواتب العمال، بل قال إن مصدرها القطاع الإقتصادي. نسبة النمو ستقفز إلى 3,9٪ شدد الوزير الأول على ضرورة التحلي باليقظة على الصعيد المالي، من أجل الحفاظ على مقاييس مقبولة للحياة الاجتماعية والاقتصادية، مذكرا بالجهود المبذولة لدعم النمو والوفاء بالالتزامات الاجتماعية، في ظرف اقتصادي عالمي صعب يتسم بتراجع النمو قائلا، إن الحكومة سهرت على التحكم في النفقات العمومية وتقليص الواردات ودعم الاستثمار المنتج وتمكنت من إرساء استقرار إطار الاقتصاد الكلي، دون اللجوء إلى التقشف، متحدثا عن النجاح في تحقيق استقرار ميزانية التسيير والتقليص في ميزانية التجهيز. الجدير بالذكر، أن احتياطي الصرف بلغ في الوقت الحالي 112 مليار دولار، بينما سيولة البنوك قدرت شهر جانفي 2017 بنحو 1037 مليار دينار، في حين الواردات تراجعت من 66.6 مليار دولار عام 2016 إلى 35 مليار في عام 2017. وتبذل الجهود لتخفيضها خلال العام الجاري إلى 30 مليار دولار. ويرى الوزير الأول، أن تقليص الاستيراد تحقق من دون إحداث اضطراب في عملية التموين. وخلص المسؤول الأول على الحكومة في هذا المقام، إلى القول إنه يتم السير نحو تحقيق نسبة نمو لا تقل عن 3,9٪ وتجسيد تقدم لقطاعات خارج المحروقات بنسبة 3,7٪، واستقرار التضخم عند مستوى 4٪ على الرغم من بلوغه، نهاية شهر جانفي الماضي، وبشكل ظرفي، نسبة 6,4٪. بخصوص التحويلات الاجتماعية، أكد الوزير الأول أن النموذج الاجتماعي مازال قائما على تضامن الأجيال، حيث بلغت هذه التحويلات 1630 مليار دينار وترصد من أجل إعانة الأسر ودعم المواد واسعة الاستهلاك والتربية والماء والصحة والسكن والتقاعد وذوي الدخل الضعيف والمعاقين والمعوزين، واعدا في ذات السياق بفرض رقابة وصرامة أكبر في أسعار الاستهلاك، حيث تمثل التحويلات الاجتماعية 23,7٪ من الميزانية. اشترط سلال استمرار النموذج الاجتماعي المرتكز على التضامن بين الأجيال، ومواصلة تجسيد البرامج العمومية في قطاعات السكن والصحة والتربية وإرساء اقتصاد يستحدث الثروة ومناصب الشغل ويكون للمؤسسة الإنتاجية في كل ذلك دور جوهري. وتحدث الوزير الأول، عن اهتمام الدولة بوضعية الظروف المعيشية للمواطنين، مع ضرورة قول الحقيقية للجزائريين حتى يقطع الطريق أمام مروجي الافتراءات والأكاذيب المغرضة والتي يقلقها استقرار، وحدة وتطور الجزائر. معالجة 3058 قضية فساد أثنى الوزير الأول كثيرا على الترسانة التشريعية التي تم مراجعتها في مجال الاستثمار والتجارة والجمارك والإجراءات الجزائية والعقوبات واحترافية مصالح الأمن في مكافحة الفساد، على اعتبار أنه تم خلال الثلاث سنوات الأخيرة معالجة على مستوى المحاكم 5498 قضية، من بينها 3058 تتعلق بالفساد و144 بسبب التهرب الجبائي و2299 تتمثل في المخالفات الجمركية والحركة غير المشروعة لرؤوس الأموال، واعتبرها معركة يومية تخوضها الهيئات المعنية، كون الفساد يفقد المواطن الثقة. قال سلال، الذي أبدى صدرا رحبا وكان على استعداد لدراسة جميع الحلول المقترحة والتي تمكن من إزالة العراقيل التي يواجهها المتعامل الاقتصادي، قال في ردّه على انشغالات منظمات أرباب العمل بصيغة التأكيد: “...نحن متفائلون مهما كلفنا الأمر. هناك اتفاق مع سيدي السعيد الأمين العام للمركزية النقابية بشأن تفعيل الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص”. وذكر أنه خلال هذه السنة، سيفعل الجهود لدعم الشراكة، لأن هناك إمكانات ولم يخف أنه حتى وزير الطاقة فتح المجال بالنسبة للاستثمار في الشراكة في الطاقات المتجددة، حيث يوجد برنامج كبير درس على مستوى الحكومة، وهناك موافقة إلى جانب السير نحو لامركزية الاقتصاد في الجباية. ولم يخف بالنسبة للمنتوج الوطني في اجتماع الحكومة الأسبوع الماضي، أنه تقرر أن كل ما يتعلق بأدوية المستشفيات يجب أن تقتنى من الإنتاج الوطني المحلي، في ظل الإمكانات الكبيرة والقيمة المضافة في صناعة الأدوية وإمكانية التصدير للدول الإفريقية، لأنه لا يوجد مفر آخر والسوق الوحيد للجزائر يتمثل في إفريقيا، في ظل وجود إمكانات مباشرة أو في إطار الشراكة مع الأجانب والتوجه معا إلى السوق وحتى عن طريق الصناعة العسكرية سوف يتم تصدير ما تنتجه. ويتوقع سلال في هذا المقام، أن يتم حتى بالشراكة مع الخواص، حتى تتمكن الجزائر من التصدير. ويعتقد أن التحدي الحالي يتمثل في غياب الثقافة الصناعية الغائبة عن المؤسسة،، لذا تحدث إلى نظيره الألماني للاستفادة من المتقاعدين الألمان لزرع الثقافة الصناعية، مشيرا إلى أن جميع القوانين والقرارات التي تتعلق بالاقتصاد الوطني سوف تدرس. وشدد على المتعاملين الخواص للتحرك بوتيرة أسرع، معترفا بصعوبة السير تنمويا بالوتيرة الحالية، أي تأهيل الشراكة في ظل وجود قدرات وإمكانات للتمويل. والتزم يقول: “...سوف نعمل ما بوسعنا للتحكم في الاقتصاد الكلي حتى لا نذهب للمديونية الخارجية، لأن لدينا القدرة للتصدير للسوق الإفريقية... نستطيع إيجاد الحلول... كل ما يجعل المؤسسة تنتج وتخدم المجتمع، ويمكن دراسة التسهيلات حتى لا نبقى جامدين”.