بزيه العسكري الزيتي القاتم وكوفيته الفلسطينية التي لم يتخلى عنها في أي محفل من المحافل، وبشخصيته الكاريزمية أصبح ياسر عرفات رمزا للنضال الفلسطيني وللقضية الفلسطينية ، فلقد كان أبو عمار يجيد لفت الأنظار إذا ما اعتلى أي منصة ليرتجل كلمة، يختلط فيها ما هو فصيح بما هو عامي، في لكنة فلسطينية مصرية مختلطة، حيث كان خطاب عرفات المعهود عنه بسيطا تلقائيا وغير متكلف تخرج الكلمات من القلب لتلامس القلب .فكانت أقوله لها فعل السحر تشد الجميع لسماعه ، له حضور شعبي واسع ، وكان يتميز بالحنكة السياسية لذا اعتبروه الرقم الصعب في معادلة الشرق الأوسط . حيث كان ياسر عرفات في أسلوبه يصعد الكفاح المسلح وفي الوقت نفسه يفاوض ، و كان يقاتل حتى الطلقة الأخيرة. لقد كان دائماً يبحث فيما يمكن الاستفادة منه لصالح الشعب والقضية الفلسطينية، فهذا جانب من جوانب شخصه حيث كان دائما يتعالى على الجراح فهذه هي صفات القائد وكان يقول 'ليس المهم الكرامة الشخصية بل المهم كرامة الوطن وقضيته.' لقد كان دوما محافظا على استقلالية القرار الوطني ورفض أن يخضع الشعب الفلسطيني تحت أي وصاية ، ولا ننسى خطابه ذات مرة حيث قال رحمه الله' -إن القضية ليست قضية 'أبو عمار' إنما قضية حياة الوطن واستقلاله وكرامة هذا الشعب وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف' .'لن ننحني إلا لله سبحانه وتعالى، كما لن ننحني أمام التهديد والوعيد، فحياتي ليست أغلى من حياة أي طفل فلسطيني، وهي ليست أغلى من حياة الشهيد الطفل فارس عودة، فكلنا فداءً للوطن الغالي فلسطين الأرض المباركة'، رحمه الله حافظ على القرار الوطني المستقل وكان مستعد للتضحية بنفسه من أجل استقلالية القرار . وقال أيضا في مقابلة مع إذاعة رويترز، وهو يشير إلى سلاحه داخل مكتبه في رام الله' :أنا جندي فلسطيني وقبلها كنت ضابط احتياط في الجيش المصري وأنا لا أدافع عن نفسي فقط، بل وأيضاً عن كل شبل وطفل وامرأة ورجل فلسطيني وعن القرار الفلسطيني.' وبعد الذي ألم بنا منا من فرقة وانقسام نفتقد البدر أبو عمار رحمه الله- الذي كان عنوانا للوحدة الوطنية وكان صدره واسعاً لكل ألوان الطيف السياسي والفصائلي والوطني وكان باستمرار يرفض الاحتكام إلى السلاح في تسوية الخلافات الفلسطينية، وكان الدم الفلسطيني محرم عنده بأي شكل من الأشكال ، حيث كان حريصاً على إبقاء علاقات طبية مع الجميع ، فلا يختلف أحد على أن حياته تعد تجسيدا للقضية الفلسطينية وكفاح الشعب الفلسطيني ووحدة الفلسطينيين . وعندما نتكلم عن فلسطين وقضيتها لا بد أن نذكر رمز هذه القضية والمدافع عنها في كل المحافل الدولية ،فلقد كان أبو عمار يدافع عن القضية بشتى الوسائل ، ويناضل من أجل تحقيق حلمه (تحرير الأقصى) ، وكان لا يهاب الموت حيث كان حريصا على الشهادة في سبيل الله دفاعا عن الوطن ومقدساته ، فقد كان دائما يقول 'رصاص الأعداء يحيينا' و كانت ردة فعل ياسر عرفات للحصار الإسرائيلي عليه أنه يتوق للشهادة التي سبقه أيها أعداد كبيره من أبناء شعبه الفلسطيني وقال على الملأ ما يتمنا وما يحلم به هو لا ما يحلم به الاحتلال ' يريدوني أسيرا ، وإما طريدا، وإما قتيلا، أقولهم شهيدا ، شهيدا ، شهيدا' ، فعلى درب الشهادة ماضون ،و على درب الجهاد سائرون إلى أن نلقى ربنا . في يوم الخميس الحادي عشر من نوفمبر 2004 أعلن رسميا وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ، في ذاك اليوم رحل الزعيم بجسده ولكن لا تزال ذكراه خالدة في قلوبنا ،رحل ابو عمار وترك بزته العسكرية التي لم يخلعها طوال حياته ، ليوصل رسالة للجميع أننا مناضلون ، مجاهدون حتى نحصل على حقوقنا ولن نعطي الدنية ولن نفرط في ثوابتنا ، رحمة الله عليك يا سيدي من كنت والدا عطوفا للجميع . رحمك الله أيها الغائب الحاضر ،الغائب عنا بجسدك والحاضر فينا بروحك الطاهرة ويا من ستبقى حاضراً في قلوبنا وعقولنا.يعلم الله كم نفتقدك يا أبا عمار!!، فمهما قلنا لن نوفيك حقك و مهما يؤتى الشعراء من سحر الكلام والأدباء من البلاغة فإنهم ليسوا بقادرين على أن يوفوك حقك بقدر ما عرفنا منك وفاءا للوطن يا من كنت صمام الأمان للقضية الفلسطينية والوحدة الوطنية ، ولا يعرف أصحاب الفضل إلا عند فقدانهم ولسان حالنا يقول سيذكرني قومي إذا جد جدهم وفى الليلة الظلماء يفتقد البدر نم قرير العين يا سيدي أبا عمار وإلى اللقاء على حوض الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم نشرب من يديه الشريفتين شربه لا نظمأ بعدها أبد