أحيا أمس الفلسطينيون الذكرى الخامسة لوفاة زعيمهم التاريخي ورمز قضيتهم الشهيد ياسر عرفات وسط أزمة حرجة تمر بها السلطة الفلسطينية التي فقدت هيبتها في ظل استمرار الانقسام الداخلي وبقاء مفاوضات السلام في غرفة الإنعاش مما يطيل من حلم الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة. وبهذه المناسبة نظمت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" أمس مهرجانا مركزيا بمقر المقاطعة في رام الله بالضفة الغربية شارك فيه عشرات الآلاف من أبناء الحركة وقياداتها وقادة الفصائل الفلسطينية ومناصريهم. وتوافد المئات من الفلسطينيين صباح أمس من مختلف أنحاء الضفة الغربية على ضريح الرئيس ياسر عرفات الذي أصبح مزارا للفلسطينيين ليس في ذكرى وفاته فحسب بل على طول أيام السنة. يذكر أن ياسر عرفات كان قد توفي في 11 نوفمبر 2004 في أحد المستشفيات العسكرية قرب العاصمة باريس بمرض عجز الأطباء عن تحديده وهو ما أثار ولا يزال تساؤلات كثيرة حول الأسباب الحقيقية وراء وفاته وما إذا كان موتا طبيعيا أو توفي مسموما. ويأتي إحياء ذكرى وفاة القائد الرمز ياسر عرفات الذي حمل عاليا قضية شعبه وسعى إلى وضع فلسطين على خارطة العالم وسط ظرف خاص تمر به الساحة الفلسطينية التي تشهد انقساما داخليا طال أمده وسلطة فقدت هيبتها ووعود أمريكية كاذبة واحتلال إسرائيلي ماض في التهام المزيد من الأرض الفلسطينيةالمحتلة دون أن يجد أي رادع له. وهي عوامل جعلت الرئيس الفلسطيني يرمي المنشفة بإعلانه عدم ترشحه إلى رئاسيات جانفي القادم مما فتح المجال أمام عديد التفسيرات والتخمينات حول اتخاذه مثل هذا القرار، لكنه بالمقابل أراد أن يثبت أنه لم يقدم المزيد من التنازلات في قضية تجاوزت عقدها السادس بعدما جدد تمسكه بضرورة تجميد كلي للاستيطان قبل الشروع في أي مفاوضات سلام. وقال في خطاب ألقاه أمس بمناسبة إحياء ذكرى رحيل ياسر عرفات أن "العودة إلى المفاوضات مرتبطة بمدى استجابة إسرائيل لمتطلبات السلام، وهو ما يعني الوقف التام لكل الأنشطة الاستيطانية من ضمنها النمو الطبيعي في المستوطنات بالقدس". كما طالب الرئيس عباس بتفكيك كل المستوطنات الصهيونية في الأراضي المحتلة وقال إنه "من حقنا المطالبة بذلك لأنها غير شرعية". ولكن هل يجد الرئيس الفلسطيني أذانا صاغية لدى إدارة الاحتلال التي ضربت بقوة بعدما نجح رئيسها اليميني المتطرف بنيامين نتانياهو في دفع الإدارة الأمريكية إلى تغيير موقفها بخصوص قضية الاستيطان في انقلاب جذري قضى على آمال الفلسطينيين في كسب الدعم الأمريكي في تحقيق حلمهم في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. طبعا الإجابة ستكون "لا" كون حتى القادة الفلسطينيين أقروا وفي ذكرى رحيل زعيم الفلسطينيين التاريخي بأن هذا الحلم وفي ظل هذه الظروف أصبح بعيد المنال ولا يمكن إقامة الدولة الفلسطينية مادامت إسرائيل مصرة على مواقفها المتصلبة ووجدت من يساندها في ذلك على حساب حقوق شعب اغتصبت أرضه بقوة الحديد والنار. ولا يمكن إخراج تصريحات صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين عن هذا الإطار بعدما اعتبر "أن وقت الحقيقة قد حان ويجب أن نكون صرحاء مع الشعب الفلسطيني والقول له إننا لم نتوصل إلى حل الدولتين فلسطينية وإسرائيلية بعد 18 سنة من المفاوضات". وأضاف "أظن أن الرئيس عباس وصل إلى حد حيث يجب القول أن إسرائيل لا تريد حلا أو مسارا للسلام يقود إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة". وهو ما يعني أن كل المساعي الدولية الرامية إلى إحياء مسار السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتي تقودها إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لن يكون لها أي معنى مادامت نتيجتها محسومة سالفا بالفشل.