المساجد هي بيوت العبادة للمسلمين، والمسلم يحرص على الذهاب إلى المسجد لأداء الصلوات به لما في ذلك من أجر عظيم، قال صلى الله عليه وسلم: «من غدا إلى المسجد أو راح، أعد الله له نُزُلا من الجنة كلما غدا أو راح» (متفق عليه). وقال صلى الله عليه وسلم: «من تطهّر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداها تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة» (مسلم). ومن يداوم على عمارة المساجد والصلاة فيها، ويتعلق قلبه بها فهو من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة. وللمسجد آداب، يلتزم بها المسلم ويحافظ عليها، منها: الطهارة: لا يدخل المسجد جنب، ولا نُفَساء، ولا حائض إلا عابري سبيل وذلك لينال المسلم الأجر العظيم. التطيب ولبس أجمل الثياب: قال تعالى: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} (الأعراف: 31). وعلى المسلم أن يتجنب تناول الأطعمة التي لها رائحة كريهة، كالثوم والبصل والكراث وغيرها، قال صلى الله عليه وسلم: «من أكل ثومًا أو بصلا فليعتزلنا، أو فليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته» (متفق عليه). كثرة الذهاب إليه: حث الإسلام على كثرة الذهاب إلى المساجد، والجلوس فيها، فقال صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلّكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟». قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغُ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطَى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط» (مسلم). الدعاء عند التوجه إليه: كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول وهو في طريقه إلى المسجد: «اللّهم اجعل في قلبي نورًا، وفي سمعي نورًا، وفي بصري نورًا، وعن يميني نورًا، وعن شمالي نورًا، وأمامي نورًا، وخلفي نورًا، وفوقي نورًا، وتحتي نورًا واجعل لي نورًا» (مسلم). التزام السكينة أثناء السير إليه: قال صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتكم فأتمّوا) (متفق عليه). الدخول بالرِّجل اليمني مع الدعاء: المسلم يدخل المسجد برجله اليمني، ويقول: بسم الله، اللهم صلِّ على محمد، رب اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك. (مسلم). صلاة ركعتين تحية المسجد: قال صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس» (مسلم).عدم الخروج منه بعد الأذان: إذا كان المسلم في المسجد، وأُذِّن للصلاة، فلا يخرج من المسجد إلا بعد تمام الصلاة، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلي) (أحمد)، ويجوز له الخروج للضرورة. ملازمة ذكر الله: المسلم يحرص على ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن الكريم وتجنب الانشغال بأمور الدنيا وهو في المسجد، قال صلى الله عليه وسلم: «...إنما جُعِلَت المساجد لذكر الله وللصلاة ولقراءة القرآن» (متفق عليه). عدم المرور من أمام المصلي: المسلم لا يمرُّ من أمام المصلي؛ قال صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم المارُّ بين يدي المصلى ماذا عليه، لكان أن يقف أربعين، خيرًا له من أن يمر بين يديه» (مسلم). وإذا كان المسلم في جماعة فالإمام سترة للمأمومين، أما إذا كان منفردًا في صلاة فلا يجوز لأحد أن يمر من أمامه إلا بعد اتخاذ سترة.عمارة المساجد: المسلم يعمر المساجد، ويحافظ على الصلاة فيها، وقلبه مُعلَّق بالمساجد على الدوام، ولا يهجر المساجد أبدًا؛ فالمسجد بيت كل تقي، وبيوت الله في الأرض المساجد. قال الله تعالى: {إنما يعمّر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} (التوبة: 18). وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان» (أحمد والترمذي وابن ماجه). تجنب رفع الصوت أو التخاصم فيه: المسلم عندما يدخل المسجد؛ فإنه يحافظ على الوقار والسكينة والهدوء. ذات يوم دخل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - المسجد، فوجد رجلين يتخاصمان ويرفعان صوتيهما، فقال لأحد الصحابة: اذهب فأْتني بهذين، فلما جاءه الرجلان قال: من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف، فقال عمر - رضي الله عنه - لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ضربًا، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم (البخاري). والمسلم لا يشوش على أحد يصلي في المسجد ولو بقراءة القرآن.الحرص على نظافته: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «البصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنه» (متفق عليه).الدعاء عند الخروج منه: المسلم يخرج من المسجد برجله اليسرى، ويقول: «بسم الله اللهم صلِّ على محمد، اللهم إني أسألك من فضلك» (مسلم). عدم انتظار الجنب والحائض فيه: ويجوز مرورهما فيه لقضاء الحاجة، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولوا ولا جنبًا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا} (النساء: 43). عدم بناء المساجد على القبور: قال صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (متفق عليه).الاقتصاد عند بنائها وعدم زخرفتها: قال صلى الله عليه وسلم: «ما أُمِرْتُ بتشييد المساجد» (أبو داود). والتشييد يعني: المبالغة في زخرفة المساجد، وقد أمر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ببناء مسجد، وقال للقائم على بنائه: «إياك أن تحمِّرَ أو تُصَفِّر فتفتن الناس» (البخاري) بناء المساجد ابتغاء وجه الله: وذلك حتى يحصل المسلم على الأجر والثواب العظيم من الله تعالى، قال الرسول صلى الله عليه وسلم «من بنى مسجدًا يبتغي به وجه الله؛ بنى الله له مثله في الجنة» (متفق عليه).عدم البيع والشراء فيها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله لك، وإذا رأيتم من ينشد ضالة فقولوا: لا ردها الله عليك» (الترمذي والنسائي). الاعتكاف فيها: وهو الجلوس في المسجد والإقامة فيه بقصد التقرب إلى الله وعمل الخير من صلاة، وذكر وتسبيح ودعاء، ويمكن أن يعتكف المسلم لأية مدة شاء، وله أن يقطع اعتكافه في أي وقت، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، فيلزم المسجد ولا يخرج منه إلا إلى صلاة العيد. النوم في المسجد: لا حرج من النوم في المسجد، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام في المسجد، وكان الصحابة - رضوان الله عليهم - ينامون فيه، لكن المسلم عليه أن يحافظ على نظافة المسجد ونظامه. ترتيب الصفوف: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينظم الصفوف للصلاة، فكان الرجال يقفون في الصفوف الأولى، ثم يقف خلفهم الصبيان والأطفال، ثم تقف النساء في آخر المسجد، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسوي الصفوف ويقول: «استووا، ولا تختلفوا، فتختلف قلوبكم، لِيَلِنِي منكم أولو الأحلام والنُّهَى» (مسلم). وكان صلى الله عليه وسلم يقول: «سَوُّوا صفوفكم، فإنّ تسوية الصف من تمام الصّلاة» (مسلم).