نبه، الدكتور زهير احدادن، الى عدة حقائق تتعلق بكتابة تاريخ الجزائر، وهي اشكالية لطالما طرحت بحدة، واثارت جدلا كبيرا، ولعل اخطرها، برأيه، الاعتماد على مراجع أجنبية تحمل افكار مؤرخين فرنسيين حرصوا على محو تاريخ ووجود الامة والدولة الجزائرية التي وجدت قبل حضارة الفراعنة، لافتا الانتباه الى أن الدولة الجزائرية العصرية شيدت على يد الأتراك، وخلص الى القول أن المؤرخين للثورة والذين يكتبون التاريخ بما تحمله الكلمة من دقة في المعنى يعدون على رؤوس الأصابع، ووصف بعض المراجع الذين يوجد كتابها بفرنسا بالفاسدة. سلط، الدكتور احدادن، في ندوة ثرية احتضنتها أمس جريدة »الشعب«، الضوء على كتابة التاريخ في الجزائر، وختم محاضرته بجملة تحمل الكثير من المعاني حيث قال »يوم نتيقين بان الامة الجزائرية ليست حديثة العهد ونرجع لتاريخها القديم، نتخلص من الازمة، لكن ما دمنا نعتمد في كتابة التاريخ على مراجع الفرنسيين والمشارقة، فإننا لن نتخلص منها«. وفي سياق سرده لملاحظات حول كتابة التاريخ، قبل تشريحه لبيان الفاتح نوفمبر الذي شكلت رسالته موضوع الندوة، أكد الدكتور احدادن الذي شغل منصب مدير المدرسة العليا للصحافة مطلع السبعينيات بان كتاب التاريخ الدقيق قليلون جدا، ولم يتوان في وصف مراجع بعض المؤرخين وعلى رأسهم محمد حربي بالمراجع الفاسدة على اعتبار أن مضامينها تهدف أساسا الى الطعن في جبهة التحرير الوطني التي قادت حرب التحرير الوطنية المتوجة باستقلال الجزائر. وأعاب ضيف »الشعب« على كتاب المراجع المؤرخة للثورة المجيدة، نقل افكار المؤرخين الفرنسيين والوقوع في اخطاء لا تحمد عقباها كونهم نقلوا وكرسوا محو تاريخ الامة والوطن والدولة الجزائرية واختصار الصورة المنقولة عن تاريخها في انها كانت مطية لسلسلة الاحتلالات الاجنبية واعتبر ذلك مصيبة. وفتح منشط الندوة في هذا السياق قوسا لتقديم بعض التوضيحات، لا سيما بالنسبة لأولئك الذين يقرنون وجود الجزائر بالاحتلال الروماني على سبيل المثال، حيث أكد بان الجزائر وجدت قبل الحضارة الفرعونية وقد وجدت الجزائر بالتحديد 5 آلاف سنة قبل المسيح، ويأتي هذا الطرح ليؤكد من خلاله الاستاذ احدادن بانه وعلى عكس ما تروج له بعض الكتابات التاريخية، فان الجزائر لم تكن دوما مطية احتلال ولم تتجاوز المدة التي كانت محتلة ال 4 قرون في تاريخ وجودها الذي يفوق الستة آلاف قرن. وتساءل الدكتور احدادن الذي ساهم ب 8 مؤلفات حول تاريخ الجزائر، لماذا يحصر المؤرخون على كتابة تاريخ الجزائر في الحديث عن المقاومة، ويتجاهلون كل الحقائق التاريخية، فحرب الجزائر ضد فرنسا وقعت فيها عدة معارك ولم تكن مقاومة فقط، مشددا على ضرورة التخلص من بعض الافكار المسبقة، لا سيما أن تاريخ الجزائر عميق عمق وجودها. ويبقى المشكل في كتابة التاريخ، حسب ما جاء في التوضيحات المقدمة على لسان الدكتور احدادن الذي كان مناضلا في صفوف حزب »الشعب«، الاعتماد على مراجع أجنبية تريد ان تكرس ان الجزائر كانت محتلة معظم الاوقات، كما أنها تهدف إلى ضرب مصداقية جبهة التحرير الوطني وعدم نقل الحقائق التاريخية.