لم يكن هناك مبرر منطقي ولا أخلاقي لهذا التصعيد المصري الرسمي والإعلامي ضد الجزائر بسبب فوز الفريق الوطني الجزائري على نظيره المصري ، وكان من المعيب أن يطغى هذا الابتذال على تصرفات النخبة السياسية والإعلامية في مصر بسبب خسارة جولة رياضية ومع فريق رياضي شقيق . ما يعني أن وراء الأكمة ما وراءها . فالمتابع للتحريض الذي لم يسبق له مثيل ضد الجزائر لا يسعه سوى الترحم على مصر التي كانت . وكنا نتمنى لو اتسم المعنيون هناك بالمسؤولية والحكمة والرزانة والروح الرياضية التي اتسم بها الجزائريون ، فما أبدوه من تجاهل للإساءة جلب لهم الاحترام أكثر من الدهشة والاستغراب . وكنا نتمنى أيضا لو شهدنا مثل هذه الحملة المسعورة ضد جرائم إسرائيل التي لم تبق للكرامة التي يتباكى عليها البعض في مصر مكانا . وهل كان هناك ما يستحق كل ذلك ، وما هو الغريب في أن يكون هناك منتصر ومهزوم في الملاعب الرياضية ، ومتى لم يكن هناك شغبا كرويا في الملاعب ، وهو الأمر الذي يتكرر في كل ملاعب العالم دون استثناء ، ولماذا فقدت النخبة في مصر أعصابها وتوازنها وتركت الحبل على الغارب لإعلاميين وسياسيين لا يتحلون بالمسؤولية بل يزرعون الكراهية بين شعبين شقيقين ما يجمعهما من أواصر أكثر بكثير مما يفرقهما ؟ . الموتورون في مصر تعمدوا صرف أنظار الشعب المصري عن قضاياه الملحة وتأجيج مشاعر الكراهية نحو الجزائر لأسباب في نفس يعقوب . أقلها توجيه الشعب المصري نحو خصم وهمي بعيدا عن همومه الحياتية والسياسية التي لا تخفى على احد ، وتلميع الوريث الذي كان ينتظر أن تحمله الجماهير المصرية على الأعناق بعد الفوز الذي أطاح به عنتر الجزائري . والغريب في الأمر أن يتلقى الرئيس عمر البشير رسالة متأخرة من نظيره المصري يشكره فيها على حسن الإدارة والتنظيم وتامين سلامة المشجعين المصريين وإيصالهم إلى المطار سالمين ، في الوقت الذي انهال على السودان الغضب الرسمي والشعبي واستدعي سفيره لاتهامه بالتقصير والتعاطف مع فريق الجزائر ومشجعوه ، الأمر الذي استفز أهل السودان الشقيق بعد كل الذي بذلوه . وكنا نتمنى أن تتمتع الفعاليات المصرية بالروح الرياضية وتشارك الجزائر فرحتها ، ففي كل الأحوال الفائز شقيق وسوف يمثل كل العرب في جنوب إفريقيا ولسوف يشرفهم . انه لمن المحزن هذا الإسفاف الذي انحدرت إليه وسائل الإعلام في مصر من ردح وتحريض ضد بلد شقيق يستحق الاحترام والتقدير على مواقفه العربية المشرفة والتي تعرفها مصر أكثر من غيرها . وكان على النخبة في مصر أن تجد ضحية أخرى ، فما فعلته وما تفعله من إيقاع بين شعبين شقيقين لا يليق بمصر ويندى له الجبين . ولكن من شب على شيء شاب عليه .