لا تزال الافراح متواصلة عقب الفوز الباهر والمستحق لعناصر الفريق الوطني امام نظيره المصري بضربة قاضية كانت كافية لردم احلام فريق كان يعتقد انه الاقوى، لكن شجاعة وصمود شباب في مقتبل العمر لقنت درسا اكيد انه قاسيا وليس من السهولة بمكان هضمه وتقبله، خاصة وان هؤلاء الشباب هم ابناء جيل ثورة اول نوفمبر، وجاء الدرس القاسي في شهر الثورة والثوار، وهم الاجدر بأن يكونوا ممثلين للعرب في مونديال 2010. ولانهم ابناء جيل نوفمبر كانت عزيمتهم اقوى لتحقيق الفوز والثأر في الميدان ضد فراعنة لا يجيدون »التفرعن« الا في عقرد دارهم، اما خارج قواعدهم، فكانوا دائما مهزومين والتاريخ يشهد على ذلك، نقولها بكل روح رياضية. وبنفس الروح الرياضية يجب ان يعترف المصريون بان الجزائر تستحق تمثيل العرب اكثر منهم، لان الفريق الوطني لعب ببطولة وناضل ببطولة وواجه الاستفزازات المقصودة والمدبرة ببطولة أيضا،كما واجه الروح اللا رياضية التي وجدها في أرض مصر بعزيمة وارادة وببطولة. هؤلاء هم ابناء جيل نوفمبر الذين صنعوا مجد وتاريخ الجزائر لتبقى شامخة وعالية الرأس علو رؤوس لاعبيها وهم يواجهون قذفات الخصم في الميدان برؤوس عالية وشامخة شموخ الابطال في معركة الكرامة وصدوها لتبقى الشباك نظيفة نظافة هذا البلد من الحقد والضغينة والتعصب والنرجسية الكاذبة التي عرتها صدور الثائرين في الميدان، ثم »تمر غدتها« في التراب بعد اعلان صفارة الحكم نهاية مباراة ابدع فيها ابطالنا فنيا، تكتيكيا واخلاقيا، وقدموا خلالها درسا لن يمحى من ذاكرة الجميع، وفي مقدمتهم المصريين الذين كنا ننتظر منهم اعترافا بقوة ممثلينا واحقيتهم في التمثيل العربي الوحيد في مونديال جنوب افريقيا. لكن الذي حدث ان المصريين ومن هذه النقطة بالذات اي احقية الجزائر في تمثيل العرب لم يهضموها وشكلت عقدة وتأزما حقيقيا، بالنسبة لهم، لماذا؟ لانهم وبساطة اخرجوا الحدث عن اطاره الرياضي ورموه في مستنقعات السياسة واعطوا العنان لهستيريا غير مسبوقة امتزجت فيها الاكاذيب والافتراءات بقلة الادب والانحطاط والرذيلة وسوء الأخلاق والتعدي على كرامة الغير بشكل منظم ومخطط له في سيناريو خبيث، وهو تحويل غضب الشارع المصري بعد هزيمة فريقهم الى جهة اخرى وكانت الجزائر بكل رموزها هدفا لمبتذلين في السياسة والاقتصاد والاعلام والفن وبانحطاط لم يسبق له مثيل. فالهدف الاساسي من وراء هذه المهازل هو توجيه غضب الشارع المصري الى جهة اخرى عوض الجهة التي كانت من المفترض ان تتلقى انفجار الغاضبين عقب نكسة ام درمان بالخرطوم.. وقد نجحوا الى حد ما والى غاية اليوم فقط، لان صانعي هذه المهازل كانوا يراهنون على استثمار تداعيات فوز فريقهم الذي لم يتحقق في تمرير مشاريع »معنية« كانوا يخططون لها منذ زمن بعيد ضمن صراعات داخلية لا تعنينا لا من بعيد ولا من قريب.. لكن بعد مباراة الكراهية والحملة المسعورة المخطط لها مرة اخرى اصبحت الجزائر بكل رموزها طرفا في هذه اللعبة القذرة والحقيرة، وتحول الاعتداء السافر والجبان على حافلة ''الخضر'' في بلد لم يكن ابدا ام الدنيا ولا الشقيقة الكبرى، لان كل الدول العربية سواسية ولا نعترف بوجود لا الكبير ولا الصغير ولا حتى الوسط.. تحول الاعتداء السافر الى حملة مسعورة »خائبة« خيابة محرضيها وترجمها اعلام مصري في قمة الهذيان والابتذال. ولان الله كان دائما ضد الظلم والظالمين، فقد فازت الجزائر في السودان عن جدارة واستحقاق، كما ان سهرات الحقد والكراهية والابتذال التي طبعت الفضائيات المصرية مساء اول امس كان ختامها المزيد من الافراح والابتهاج والسعادة علينا بعد قرار »الفيفا« تسليط عقوبات على الاتحاد المصري لكرة القدم الذي اخل بشرف الروح الرياضية واخلاقياتها عقب الحادث المأساوي الذي تعرض له ''الخضر'' قبل مباراة السبت الماضي. ويبدو ان الاتحاد المصري لكرة القدم يوجد في موقع لا يحسد عليه داخليا وخارجيا، بعد ان تعالت اصوات من الداخل تطالب بمعاقبة من اختار السودان لاجراء مباراة الفصل، ومن الخارج عقوبات الفيفا التي جاءت متأخرة، بعد ان شاهد العالم بأسره كيف استقبلت مصر البعثة الجزائرية والاصابات التي طالت لاعبي ''الخضر'' واثرت كثيرا على معنوياتهم وعلى مردودهم المعتاد، وسط تعتيم اعلامي واستهانة بما حدث قبل المباراة في وقت لا يزال فيه هذيانهم الاعلامي يتحدث عن التحضر، ف »هاردلك« يا مصر.. حاولوا قي 2014.