رغم إمكانياتها الطبيعية وموقعها الآخاذ الذي يجمع بين الجبل والسفح والبحر في صورة طبيعية نادرة لقلما تجدها في هذه المعمورة ورغم ثرائها التاريخي وحضارتها الضاربة في الأعماق وثراوتها اللامتناهية، إلا أن مدينة دلس لا تزال تعاني التهميش واللامبالاة وغياب تنمية حقيقية بالمنطقة تؤهلها لأن تكون في مصف البلديات المنتجة للثروة والمساهمة في إدخال العملة الصعبة للبلاد، فالتنمية بها تحت درجة الصفر والسبب تجميد العديد من المشاريع الاستثمارية بالمنطقة وتأجيل البعض منها إلى أجل غير مسمى رغم أن كل العوامل والظروف متوفرة لبعث التنمية من جديد بفضل إرادة أبنائها وعزمهم على بنائها بعد أن قست عليها الظروف الطبيعية وتناساها المسؤولون إلى غاية اليوم. لشعب زارت البلدية في الأسبوع المنصرم لتستطلع الوضع التنموي بالمنطقة، وكما بدا لنا فالمدينة العريقة لم تفق بعد من فاجعة زلزال 2003 وفيضانات ,2007 إذ لا يزال الوضع بالمنطقة كارثي، البنايات القديمة تكاد تتهدم على رؤوس ساكنيها ووجه المدينة الناصع بالبياض تخضب بسواد الأوحال التي بقيت عالقة من الفيضانات الأخيرة وبين المدينة القديمة والمدينة الأوربية التي تطل على الساحل جهود محلية لإعادة بناء ما هدمه الزلزال وأغرقته الفيضانات وإن كانت ليست في مستوى الطموحات والآمال بسبب انعدام السيولة المالية الكافية لتحقيق مطلب المواطنين بتوفير مستوى معيشي محترم. رئيس بلدية دلس السيد رابح زروالي وخلال استضافته لنا بمكتبه، أكد أن الوضع كارثي بالمنطقة منذ زلزال 2003 وفيضانات 2007 التي خلفت كوارث مادية وبشرية لازالت أثارها لحد اليوم، وبالنسبة للتنمية المحلية، فقال إنه إذا قارناها بالسبعينيات، فهي في تدهور حيث كانت في ذلك الوقت الوحدات الإنتاجية والمصانع مثل مصنع السمك والأحذية وهي اليوم غير موجودة وقد خلف إغلاقها بطالة وخسائر إقتصادية جمة على المنطقة وهو ما ترك البلدية اليوم تحت درجة الصفر في مجال التنمية وهنا لابد التأكيد أنه يجب العمل بجد للخروج من هذه الوضعية كما يجب إعطاء الأهمية لأولويات مواطن بلدية دلس التي يفتقدها منذ 20 سنة ف 30 طريقا بلديا حاليا في وضعية متدهورة، ضف إلى ذلك مشكل قنوات صرف المياه وسط المدينة التي لم تجدد منذ العهد التركي وأكبر مشكل يواجه مدينة دلس هي وقوعها في حافة الجبل، مما يعرضها لخطر الفيضانات وهنا نسجل غياب مخطط تهيئة أو دراسة تحمي المنطقة من هذا الخطر، كما أن المنطقة لم تصنف لحد الآن كمنطقة منكوبة رغم الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها بفعل الكوارث الطبيعية على الأقل كانت السلطات المعنية تخصص مبلغا ماليا للتكفل بالمخلفات ورغم موافقة السلطات الوصية على هذا الطلب لا تزال وزارة المالية لم تقل كلمتها بعد. ما العمل؟ ولنتجاوز مستوى الصفر في التنمية، يؤكد رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية دلس أنه لابد من رصد غلاف مالي يقدر ب 150 مليار سنيتم لبعث التنمية من جديد وإعادة الاعتبار للمنطقة الحيوية بالمنطقة التي صنفت منذ 1984 دون أن تستغل لغاية كتابة هذه الأسطر - فحسبه- لا الموارد الطبيعية المتوفرة ولا تاريخ المنطقة وحضارتها سيشفع لدلس ويسمح بتسريع وتيرة التنمية والنهوض بها، بل يجب على أبنائها العمل لتحريك التنمية بالمنطقة وللأسف تعاقب على البلديات العديد من المسؤولين دون أن يحركوا شيئا، فالموارد الطبيعية لوحدها لا يمكن أن تفعل شيئا، وعلينا كمسؤلين اليوم الاهتمام بالتنمية بالمنطقة، فهدفنا الأول هو إعطاء مستوى معيشي محترم للمواطن وهنا لا بد من توفير الطرق وأول مشروع سينجز طريق الحدادة من تقدامت شرقا إلى مدينة الجديدة غربا وقد رصد لهذا المشروع أكثر من 10 ملايير سنتيم، ضف إلى ذلك إنجاز قنوات صرف المياه وقد رصد لها 4 ملايير سنتيم وإعادة بعث المشاريع المجمدة منذ .2003 أما المداشر التابعة للبلدية. فاستفادت هي الأخرى من مشاريع أهمها إعادة تهيئة الطريق الرابط بين دلس وتيزغوين، فيما تقرر تخصيص قسمين بمدرسة قديمة بمنطقة الثوابت إلى قاعة علاج وأخرى قاعة للشباب تنتظر التجهيز لتصبح جاهزة للاستعمال. مشروع توسيع ميناء دلس.. الحلم الذي لم يتحقق بعد رغم أن طلب توسيع الميناء الوحيد بالمنطقة وإعادة تهيئته بشكل يسمح بتوسيع الحركة التجارية والاقتصادية بالمدينة قدم للسلطات الوصية منذ سنوات، إلا أن الاستجابة لهذا المطلب لا زال يعرف تأخرا غير مبررا وهي الوضعية التي أثرت سلبا على نشاط الصيد البحري بالمنطقة والحركة التجارية، فلا يمكن ممارسة هذين النشاطين في مساحة ضيقة سواء على مستوى البحر أو اليابسة، فضيق الميناء والشاطئ باتا هاجسان حقيقيان للناشطين بالمنطقة لا سيما الصيادين الذين باتوا لا يجدون مكانا لإرساء بواخرهم وسفن الصيد مهما كان حجمها . ويقول السيد زروالي أن ملف مشروع توسيع الميناء مازال بين يدي وزارة الصيد البحري، وقد سبق للمجلس البلدي أن قدم دراسة لتأهيل الميناء ننتظر تطبيقها حتى تتنفس دلس على كل المستويات، باعتبار أن الميناء يعد حلقة ربط بين كل القطاعات ويساهم بشكل كبير في الحركة التجارية والإقتصادية، كما أنه سيمتص عددا كبيرا من البطالين، فسنويا نستقبل طلبات للتشغيل تقدر ما بين 3 آلاف إلى 4 آلاف وأغلبها من جامعيين وحاملين شهادات عليا يطالبون بأي منصب شغل. السكن.. مشكل تفاقم بعد زلزال 2003 ملف زلزال 2003 لم يأخذ بعين الاعتبار، هذا ما رد به رئيس بلدية دلس ونحن نستفسره على قطاع السكن بالمنطقة وأضاف سجلنا توزيع سكنات بطريقة غير قانونية، إضافة إلى استفادة أشخاص لم تضرر مساكنهم من الإعانات التي خصصت للمنكوبين، ويوجد بنايات مهددة بالهدم لم تعلّم ضمن البنايات المنكوبة رغم أن بقاءها يهدد حياة السكان هي مخلفات المرحلة السابقة تحاول المصالح الولائية إعادة ضبطها، حيث أعاد والي ولاية بومرداس فتح ملف الزلزال مجددا. أما عن المشاريع السكنية التي استفادت منها بلدية دلس في إطار برنامج رئيس الجمهورية، فقد تم انجاز 200 وحدة سكنية إجتماعية في المدينةالجديدة و150 مسكن لتعويض السكن الهش و40 مسكنا تساهميا. والسكن الريفي الذي جمد منذ سنوات، تم إعادة فتح ملفه من قبل رئيس الدائرة والسلطات المحلية للبلدية حيث ينتظر بناء ما بين 500 إلى 600 وحدة سكن ريفية ستوزع على كل مناطق البلدية. وبخصوص سكان الشاليهات وإمكانية إعادة إسكانهم، فقد تم تجهيز 440 مسكن ستوزع فور الانتهاء من الأشغال التهيئة، طبقا لتعليمات وزير السكن الذي أمر بتوزيع السكنات بعد الانتهاء من الرتوشات والأشغال الجانبية على غرار تهيئة المساحات المحيطة بالبنايات وتعبيد الطرقات ووضع شبكات الماء والصرف الصحي. وزارة السياحة تمنع استغلال منطقتين سياحيتين منذ الثمانينيات أما السياحة فحدث ولا حرج، رغم الإمكانيات الهائلة التي تتوفر عليها المنطقة لتصبح في مصف البلديات السياحية الجاذبة للسياح وللعملة الصعبة بفضل جمال شواطئها ونظافتها إلى جانب قصبتها العريقة وآثار الحقبة القرطاجية والرومانية، إلا أن ذلك لم يشفع لها بافتكاك مشاريع سياحية ضخمة رغم تخصيص منطقتين سياحيتين، واحدة في شرق المدينة وأخرى بغربها منذ الثمانينيات دون أن تستغل لحد الآن لأسباب لازالت مجهولة، حيث لحد الآن ترفض وزارة السياحة منح الضوء الأخضر للمستثمرين باستغلالها، رغم تحسن الوضع الأمني بالمنطقة وإعلان الكثير من المستثمرين عن رغبتهم في الاستثمار بالمنطقة. ويمنع القرار الوزاري الخاص بهاتين المنطقتين السياحيتين السلطات المحلية من استغلالها في توسيع المدينة وبناء مشاريع يستفيد منها المواطن، حيث القرار يمنع استغلالها في غير المشاريع السياحية وهو ما بات يشكل عائقا آخرا أمام التنمية المحلية بالمنطقة. وباستثناء القصبة العتيقة التي تعود للعهد العثماني بالمنطقة، التي استفادت من غلاف مالي يقدر ب 170 مليون سنتيم لترميمها تبقى المشاريع السياحية بدلس مجمدة إلى حين. رغم كل الصعوبات.. جهود متواصلة لبعث التنمية يؤكد رئيس المجلس الشعبي لدلس، أنه برغم العجز المالي التي تعاني منه البلدية، إلا أن مجهودات متواصلة تقوم بها مصالحه لتحسين مستوى معيشة المواطن بدلس، من خلال انجاز المشاريع ذات الأولوية على غرار إعادة تهيئة الطرقات البلدية التي تتواجد أغلبها في حالة كارثية وانجاز السكنات وربطها بشبكة الغاز وفي هذا السياق، كشف السيد زروالي أنه شرع منذ أكثر من أسبوع في ربط 5 أحياء بدلس بالغاز الطبيعي وهي العملية التي ستكلف 700 مليون سنتيم تم اقتطاعها من ميزانية البلدية، في حين تبقى عملية ربط كافة أحياء المدينة لاسيما الكبيرة منها صعبة في الظرف الحالي بسبب المليارات التي تتطلبها . وفي قطاع التربية، أوضح ذات المسؤول أن البلدية تعاني من سوء برمجة إعادة تأهيل مقاعد الدراسة، حيث في بعض الأحيان تتم البرمجة دون معاينة الوضع والطلبات، مثلما حدث في منطقة الثوابت، حيث توجد 6 أقسام لحد الآن غير مستغلة، لأن المدرسة لازالت تستغل الشاليهات لتدريس التلاميذ الذين لا يتجاوز عددهم بالقسم العشر أفراد في حين مدارس بمدينة دلس تعاني ضغطا داخل الأقسام. ومن جهة أخرى، أحصى ذات المسؤول إعادة ترميم 19 مدرسة، وأعلن عن الانطلاق في انجاز مدرسة ابتدائية وإكمالية وثانوية بالمدينةالجديدة. قطاع الشبيبة والرياضة سيستفيد هو الآخر من مشاريع توضع تحت تصرف الشباب ومنها انجاز ملاعب جوارية بلصواف، ازرو، الثوابت وفتح قاعة متعددة الخدمات للرياضات القتالية بقالوطة، وإعادة تهيئة ملعب كرة القدم القديم بالمدينة مع إعادة ترميم المرافق الملاعب التابعة للبلدية والتي تحتاج إلى 800 مليون دينار. أما قطاع الصحة، فاعترف السيد زروالي بعجز المستشفى الوحيد بالبلدية عن استقبال الآلاف من المرضى المتوافدين إليه، لاسيما بعد أن بات يتوجه إليه المواطنون من دوائر مجاورة على غرار دائرة برج منايل، وهو الأمر الذي بات يستوجب توسيع المستشفى لأكثر من 1500 سرير، بدل 160 سرير التي لم تعد تسع حتى سكان البلدية .