يضم المجلس الشعبي الوطني كافة القوى السياسية تقريبا اثر انتخابات الرابع ماي التي عكست إرادة شعبية في الدفع بالقوى الحزبية من كل التوجهات إلى قبة البرلمان حيث ينبغي أن تنصهر الإرادة الوطنية لمجابهة الأزمة التي تحيط بالمجتمع وقد تسللت إلى المنظومة الاقتصادية التي تمثل قاطرة النمو ومن خلالها تتجسد البرامج وتنجز الوعود. في وضعية ترسمها تداعيات الصدمة المالية الخارجية، من الطبيعي أن يواجه النواب الجدد ملفات اقتصادية بالأساس تستدعي إحاطتها بمرافقة تشريعية ملائمة تؤسس للتحول الاقتصادي وتعزز مسار النموذج الجديد للنمو، ذلك أن المبادرة الاقتصادية تتطلب في المنطلق أرضية قانونية فعالة وواضحة وشفافة ضمن المبادئ الدستورية التي تعكس التوجهات الاقتصادية للجزائر. لقد أصبح النائب بصفته ممثلا للشعب في ظل العولمة مطالبا بمواكبة التطورات الاقتصادية محليا وعالميا بحيث ينبغي ان يكون ملما بالمؤشرات وعلى درجة من الكفاءة في تحليلها وتوظيفها من أجل المساهمة الملموسة والناجعة في صياغة التشريعات المطلوبة وتعديل تلك التي لم تعد ملائمة للظرف الراهن. وفي هذا الإطار من الضروري أن يعكف، بغض النظر عن المرجعية الحزبية، على فهم ما يدور في المشهد الاقتصادي وهضم الخيارات التي يجري تجسيدها في الساحة حتى لا يضيع وقت آخر ويستنزف جهد إضافي في جدل لا يسمن ولا يغني من جوع. إن البديل المتاح اليوم يتمثل في الالتزام بالنموذج الجديد للنمو المتميز بمرونة في جزئياته وصرامة في ضوابطه الكلية، بحيث يندرج بشكل جوهري في ديناميكية بناء اقتصاد إنتاجي ومتنوع غير مرتبط عضويا بالمحروقات ومنفتح على التصدير إلى أسواق خارجية. كما يتطلب تنمية ترشيد النفقات العمومية وحتى الخاصة وتعزيز الحوكمة الاقتصادية بالرفع من وتيرة مكافحة الفساد بكافة أشكاله ومواصلة تطهير العقار الصناعي وتمويل الاستثمار الإنتاجي. ومن شأن المبادرة التشريعية في هذا الاتجاه أن تعزز المنظومة الاقتصادية المتجددة، التي ترتكز على دور المؤسسة الإنتاجية والاستثمار المنشئ للثروة، في ظل تأكد ضرورة اندماج كافة الشركاء بمن فيهم السياسيون في معركة النمو التي تضمن المناخ الايجابي لتطور الممارسة الديمقراطية فيحدث الانسجام المطلوب بينهم عن قناعة راسخة بان للجزائر الموارد والقدرات التي تساعدها على تجاوز الظرف الصعب والانتقال إلى مرحلة اقتصادية تنافسية دون مساس بالمكاسب التي تحققت للمجموعة الوطنية.