تلوح في المدى القريب تحديات اقتصادية سوف يواجهها البرلمان القادم، مما يتطلب إدراك مدى الملفات التي سوف تطرح للنقاش من أجل مرافقتها وتأطيرها تشريعيا ضمن التوجهات الاستراتيجية المسطرة التي ترتكز على الفعالية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، لتستمر عجلة التنمية فتتجاوز إفرازات المرحلة نحو أفق تتجسد فيه الطموحات والتطلعات لكافة الشركاء. طبيعي أن تفرز الأزمة المترتبة عن الصدمة المالية الخارجية، التي تشير التوقعات إلى أنها تستمر طيلة السنة الجارية، تداعيات تنعكس على المنظومة الاقتصادية وبالأخص المؤسسة الإنتاجية وتستلزم أرضية قانونية لضبط التوجهات ومنع أي انزلاقات محتملة، بما يحمي المكاسب المحققة ويفتح الآفاق أمام التطلعات المشروعة للمنظومة الاقتصادية بكافة الفاعلين فيها. إلى غاية هذه المرحلة، لاتزال التوازنات الكبرى على درجة من الصلابة، بالنظر لجملة من المؤشرات المالية والتنظيمية، تتقدمها حصيلة احتياطي الصرف بالعملة الصعبة، الذي يستوجب تأميناً، بحيث لا يمكن أن يترك عرضة لممارسات من مستثمرين وأصحاب مؤسسات ورجال أعمال حان الوقت ليندمجوا في الديناميكية الجديدة للنمو، بالاعتماد على القدرات المحلية ضمن الضوابط المحددة لترشيد النفقات. وتعزز عناصر أخرى إرادة تجاوز الأزمة بأقل الأضرار، تتمثل في جملة التحفيزات لفائدة الاستثمار وتوسيع دائرة المرافقة لصالح الاندماج المحلي في الصناعة وغيرها من القطاعات، التي يراهن عليها في إنتاج القيمة المضافة وتقليص التبعية للمحروقات. لذلك، لا يمكن البقاء على مستوى نقطة البداية وسط جدل يستنزف القدرة ويضيع الوقت، بقدر ما يجب تفعيل مسار التحول الاقتصادي ضمن الإطار العام لاقتصاد السوق الاجتماعي، تفاديا لعودة كوابيس التقشف القاتل للنمو. ومن ثمة لا ينبغي السقوط في مطبّ الخيارات السهلة التي تذكر بعواقب وخيمة سبق للاقتصاد الوطني أن تعرّض لها مثل الخوصصة التي أضاعت الجهاز الإنتاجي، خاصة المؤسسات التي كانت تمتاز بأوعية عقارية ثمينة وتسريح العمال وتراجع معدلات التنمية الاجتماعية. لقد تحسّنت مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في السنوات الأخيرة، في ظل إرادة واضحة للدولة، بوضع العنصر البشري في صلب البرامج، الأمر الذي عزز من صلابة الاستقرار وأعطى مناعة للمجتمع في مواجهة ما يحاك بالخارج ضد الدول الناشئة. لعل هذا ما يجعل إحياء اليوم العالمي للشغل، الموافق ليوم غد 1 ماي، يتميز بالتفاف شركاء العقد الاقتصادي والاجتماعي للنمو المسجل أنموذجا لدى المكتب الدولي للعمل حول خيار واحد ومصيري، يتمثل في إنجاز مسار التحول الاقتصادي من خلال إنتاج الثروة خارج المحروقات وفقا للمبادئ المتضمنة في الدستور، الذي أنهى كل جدل إيديولوجي وأبطل كل اجتهاد تجاوزته التطورات، ليكرّس تجاه المبادرة والابتكار بالبعد الاجتماعي. وضمن هذا المشهد، بكل تحدياته، تقف المؤسسة الجزائرية في طليعة معركة النمو لتترجم مدى إدراك الأخطار المحدقة بها ومن ثمة ضرورة انتقالها إلى مستوى المبادرة برؤية واسعة يدرج فيها عامل التصدير إلى الخارج.