تقلّدوا عدّة مسؤوليات في هياكل التّنظيم الثّوري تحلّ علينا هذا الأسبوع الذّكرى 61 لإضراب الطّلبة في 19 ماي 1956، هذه المحطّة التّاريخية الخالدة في ذاكرة الشّعب الجزائري المكافح، بحيث ساهمت هذه الفئة الطلابية في إعطاء دفع قوي للثورة الجزائرية لإقناع الرأي العام الفرنسي والعالمي بشرعية القضية الجزائرية، وأن حربه ضد الاستعمار هي من أجل استرجاع السيادة الوطنية والتخلص من الظلم والقمع المسلّط على شعب أعزل أغتصبت أرضه سنة 1830. لعبت جبهة التحرير الوطني دورًا هاما في إنشاء الإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين، من خلال المؤتمر المنعقد بباريس في 08 جويلية 1955 من طرف الشهيد عمارة رشيد ولونيس، المكلفين من عبّان رمضان. هذا المؤتمر التأسيسي سطّر ثلاثة أهداف هي حماية المصالح المادية والمعنوية والثقافية للأعضاء، محاربة كل أشكال الجهل والأمية وحماية اللغة العربية وتنمية الثقافة العربية الإسلامية، تشجيع المبادلات الثقافية مع كل الدول. وبالمقابل، تمّ إنشاء جمعية لتلاميذ الإكمالي والثانوي ظهرت في هذه المرحلة كحركة نقابية، وبعد أحداث 20 أوت 1955 بالشمال القسنطيني، عبّرت عن رفضها القاطع للممارسات والضغوطات القمعية الاستعمارية ضد أبناء الجزائر. في 20 جانفي 1956، رُفع قرار الإضراب عن الطعام والتمدرس بتنظيم من اتحاد الطلبة المسلمين الجزائريين تضامنا مع إخوانهم الطلبة الذين سجنوا ظلما في حوادث مونبيليي بفرنسا، وفي الفترة من 24 إلى 30 مارس 1956 انعقد المؤتمر الثاني بباريس للاتحاد، حيث طالب باستقلال الجزائر، إطلاق سراح كل المساجين والتفاوض مع جبهة التحرير. وبأمر من جبهة التحرير قرّر اتحاد الطلبة المسلمين الجزائريين بالجزائر وفرنسا، وأمام الوضع العام المتوتّر والضغط المفرط للسلطات الاستعمارية الغاشمة، إضرابا عاما غير محدود عن الدراسة والامتحانات وذاك بنادي التقدم بالعاصمة الجزائر، هذا الأمر الذي تأرجح بين الرفض والقبول (هناك فئة من الطلبة تمسّكت بالحفاظ على مستقبلها التعليمي فكانت رافضة للمشاركة، وأخرى شاركت بصورة عامة في عملية الإضراب). بخصوص زمن الإضراب فقد انطلق في 19 ماي 1956 واستمر إلى غاية السنة الدراسية الموالية 1957 - 1958، حيث عملت جبهة التحرير على تدعيم الإضراب في الداخل، أما في فرنسا فقد تجاوزت الأحداث اتحاد الطلبة المسلمين الجزائريين وتمَّ إعطاء أمر بالعودة للدراسة في 14 أكتوبر. خلال هذا اليوم التاريخي قرّر أبناء الجزائر، من الذين تمكّنوا من تجاوز أساليب التجهيل المفروضة على الأغلبية الغالبة من الشعب الجزائري، التخلي عن مقاعد الدراسة لأداء واجب أجدر وأسمى هو تلبية نداء الجهاد والمشاركة في معركة تحرير الوطن، وتلبية نداء الأمة ومقتضيات المصير الذي تهون أمامه كل الغايات بما فيها الحصول على شهادات دراسية عليا. عزّزت ملحمة الطلبة موقع قيادة الثورة وفتحت الباب على مصراعيه لأفواج جديدة من المناضلين، الذين أعلنوا انخراطهم في الكفاح من أجل الاستقلال مفضّلين الشهادة في ميدان الشرف، على الشهادات الدراسية التي لن تجديهم نفعا. وامتدّت الانتفاضة الطلابية التي انطلقت بعيدا عن أيّة وصاية سياسية، من مدرجات الجامعات إلى مقاعد الثانويات والزوايا، وعكست التظاهرات انصهار مختلف شرائح المجتمع الجزائري في الكفاح المسلح والذي استفادت منه الثورة التحريرية، بانضمام الطلبة الذين يتميزون بمستوى تعليمي لا بأس به، حيث تم استقبالهم في صفوف جيش التحرير ضمن إخوانهم المجاهدين، وتمّ توزيعهم في الكتائب العسكرية التي كانت بدورها مدارس لتكوين الإطارات الثورية. وتقلّد هؤلاء الطلبة عدة مسؤوليات في هياكل التنظيم الثوري، من القسم إلى الناحية إلى المنطقة إلى الولاية، وكذلك في الفروع الملحقة كالصحة والدعاية والأخبار والأمانة. أظهر هؤلاء الطلبة قدراتهم الفائقة في إدارة شؤون الثورة من خلال مناصبهم والمهمات الموكلة لهم، فأعطوا المثل في التضحية والتفاني، فمنهم من تنقّل إلى الدول المجاورة في مهام للثورة وعدد كبير منهم استشهد في ميدان الشّرف. وقد خلّد الشّاعر مفدي زكريا جهاد الطلبة ونضالهم في قصيد أصبح من الأناشيد الوطنية الجزائرية: نحن طلاب الجزائر نحن للمجد بناة نحن آمال الجزائر في الليالي الحالكات كم غرقنا في دماها واحترقنا في حماها وعبقنا في سماها بعبير المهجات نحن طلاب الجزائر نحن للمجد بناة فخذوا الأرواح منا واجعلوها لبنات واصنعوا منها الجزائر وخذوا الأفكار عنا واعصرا منها الحياة وابعثوا منها الجزائر نحن من لبى نداها عندما اشتد بلاها واندفعنا لفداها والمنايا صارخات نحن طلاب الجزائر نحن للمجد بناة معشر الطلاب إنا قدوة للثائرين كم عصفنا بالجبابر سل شعوب الأرض عنا كم صرعنا الظالمين واحتكمنا للمصائر نحن بلغنا الرسالة نحن سطرنا العدالة نحن مزقنا الجهالة وصدعنا الظلمات نحن طلاب الجزائر نحن للمجد بناة ثورة التحرير مدي لبني الجيل يدا دماها أحمر فائر واشهدي كيف نفدي ثورة الفكر غدا يوم تحرير الجزائر وتسود العبقرية في بلادي العربية زخرت بالمدنية في العصور الخالدات نحن طلاب الجزائر نحن للمجد بناة