حسب وكالة الإنماء التابعة للأمم المتحدة أن الدمار الذي ألحقه العدوان الإسرائيلي على لبنان في يوليو . تموز 2006 قد أتى على منجزات 15 سنة من الأعمار الذي أعقب الحرب الأهلية التي امتدت طوال الفترة من 1975 إلى 1990 . طبقا لما قاله الناطق بلسان الوكالة جين فاب. وحسب مصادر لبنانية رسمية وبالأرقام تم تجاوز الدمار الذي أحدثته إسرائيل بعد عام تقريبا . فقد أعيد تأهيل 97 بالمائة من البنى التحتية وإعادة بناء 85 بالمائة من الوحدات السكنية وتقديم مساعدات لكافة القرى المتضررة ودفع تعويضات لكافة عائلات الشهداء والجرحى وتقديم كافة التسهيلات الضرورية . علما أن منطقة الضاحية الجنوبية ذات الكثافة السكانية العالية كانت أكثر المناطق تضررا . والعمل يجري على قدم وساق لاستكمال الأعمار والتأهيل على كل المستويات . غزة بدورها وبعد أثنين وعشرين يوما من الحرب الإسرائيلية عليها تعرضت إلى دمار كلي كما لو أن زلزالا قويا ضربها فالدمار و الخراب الذي خلفه العدوان شمل البشر و الحجر، و قتل فيه أكثر من 1450 فلسطيني ، بينهم أكثر من 200 طفل ، و5000 جريح وتدمير أكثر من عشرين ألف منزل يعيش أصحابها في ظروف غير إنسانية في ظل أنقاضها... وبعد عام تم إعادة بناء بيت واحد من الطين وبجهود وكالة الغوث الدولية -الاونروا . !... - لماذا ..؟ من المعروف أن مؤتمر إعادة اعمار غزة للدول المانحة الذي عقد في شرم الشيخ في الثاني من مارس . آذار 2009 بمشاركة 71 دولة و 16 منظمة إقليمية ودولية قد جمع حسب مصدر رسمي أكثر من 2,5 مليار دولار منها 5,4 مليار جرى التعهد بتقديمها خلال الجلسة حسب الناطق الرسمي باسم المؤتمر . وهذا أكثر مما توقعته الجهات الفلسطينية إذ تردد أنها بحاجة إلى 8,2 مليار دولار . ولكن بعد عام على الحرب والدمار بقي كل شيء على حاله . صحيح أن البدء في إعادة اعمار غزة يتطلب من إسرائيل فتح المعابر المؤدية إلى القطاع لإدخال مواد البناء . وصحيح أن ربط ذلك بمصير الجندي الأسير جلعاد شاليط جريمة لا تقل عن العدوان بحد ذاته لان الأسرى لدى الطرفين موضوع قائم بذاته . ولكن الأصح من كل ذلك يكمن في تقاعس وعجز وفشل المعنيين الفلسطينيين عن إيجاد المخرج والحل بوحدة الموقف والقرار من هذه القضية الملحة وبما يسقط عنهم المسؤولية ويلقيها على إسرائيل ويضعها في مواجهة الدول المانحة وبالتالي في مواجهة العالم كمعرقلة لإعادة اعمار قطاع غزة الذي دمرته -ولو كان في ذلك تنازل لبعضهم البعض - فالمنكوبين في غزة يستحقون ذلك التنازل . وهنا نقول لو كان في لبنان خلاف على الاعمار وأين تذهب أموال الاعمار لما كان هناك اعمار . ولو لم يسابق حزب الله الدولة في الاعمار والتعويض والانحناء للعاصفة قليلا بالموافقة على قرارات مجلس الأمن الدولي والقوات الدولية لما كان هناك مصالحة . لم يكن من اللائق بهذه المناسبة أن يقول الأستاذ خالد مشعل موجها كلامه للمانحين : أقول لكم هذا المال الذي هو باسم بلادكم الكريمة وشعوبكم الخيّرة دققوا أين تضعوه في أي أيدٍ تضعوه ، لا تضعوه في أيدي الفاسدين، هناك خياران: إما أن تعطوه للحكومة الشرعية في غزة حكومة أخي إسماعيل هنية ذات الأيدي النظيفة والخبرة المعروفة في خدمة الشعب وهم سيتولون الإعمار تحت إشرافكم ورقابتكم، والخيار الآخر: أن تتولوا بأنفسكم عبر دولكم وعبر شركات من بلادكم وصناديق ومؤسسات من بلادكم وبأي طريقة تريدونها أن تتولى بأنفسكم برامج الإعمار. وهو يعرف انه لا توجد دولة واحدة ممن يوجه لهم النصيحة تعترف بحماس أو بحكومتها وكل ما هناك - علي وعلى أعدائي . - وبالطبع كان الرد عليه من الأستاذ عزام الأحمد سريعا .. : بالتأكيد هذه ليست حكومة شرعية هذه حكومة خارج إطار الشرعية، انقلبت على القانون انقلبت على النظام وهي هناك لتكريس الانقسام، ونحن ضد هذا الخط . مثل هذه الخلافات على أنقاض وعويل غزة المحترقة ، ومن يتسلم الأموال المخصصة لإعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية في القطاع أبقت وضع المشردين على حاله بعد مرور عام . الحرب في غزة توقفت لكن أموال إعادة إعمار قطاع غزة بقيت من القضايا الشائكة في العلاقات المتوترة بين المعنيين إلى جانب الخلافات المتفجرة حول شكل المصالحة . وما بين حق السلطة الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي والرسمي للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة وفي المحافل والأوساط الدولية في أن تتسلم هذه الأموال ، وما يقوله الأستاذ خالد مشعل وما تراه أوساط غربية بإيجاد جهة دولية تباشر عملية الإعمار، منها البنك الدولي ... يبقى الوضع المزري على حاله ، والصراع بين حكومة مقالة وأخرى لتصريف الأعمال عقبة أمام إعادة الإعمار وعقبة أمام الجهود العربية لإصلاح ذات البين والخروج من الأزمة.