عادت شوارع مدينة الحسيمة المغربية للالتهاب من جديد وبحدّة أكبر مباشرة بعد أن كسّر الملك محمد السادس صمته تجاه الاحتجاجات التي تهز منطقة الريف منذ سبعة أشهر كاملة، وسعى إلى التملّص من مسؤولية عجزه عن مواجهة هذه الأزمة التي تعصف بعرشه، وحمّلها لوزرائه، ما يعني أن تدخّله زاد من صبّ الزيت على النار، وفاقم من نقمة الشارع الغاضب الذي يصرّ على مواصلة حراكه واضعا المملكة في مأزق حقيقي، خاصة وأن الإدانات الدولية ماانفكّت تحاصرها بسبب ردّها البوليسي والقمعي على الاحتجاجات الشعبية الشرعية التي لا تحرّكها مطالب غير تلك التي تدعو إلى رفع التهميش والإقصاء والغبن المفروض على الريف وأهله. ككلّ مرّة، كانت قوات الأمن بالمرصاد للمحتجين، إذ تدخّلت بقوة وعنف شديدين لإجهاض النداء الذي أطلقه «الحراك» للمطالبة بالإفراج عن قادته وأنصاره الموقوفين، وقال أحد الناشطين إن الشرطة «أغلقت الحسيمة بالكامل» و»ضاعفت نقاط التفتيش» المؤدية إلى المدينة. بدوره قال صحفي محلي طالبا عدم نشر اسمه إن «متظاهرين أتوا من المناطق المجاورة ولا سيما من آمزورن وتماسين ولكنهم منعوا من الوصول» إلى الحسيمة. وأضاف أنه في أجدير المجاورة لمدينة الحسيمة «اندلعت صدامات بين قوات الأمن ومتظاهرين أرادوا التوجه إلى الحسيمة»، مؤكدا أن الصدامات أسفرت عن وقوع «إصابات» إضافة إلى «اعتقال عشرات» المتظاهرين. وفي مدينة الحسيمة نفسها تمكن متظاهرون من التجمهر قرابة الساعة الخامسة عصرا لكن «قوات الأمن قمعتهم بوحشية»، كما أضاف. وحسب شهادات نقلتها وسائل الإعلام عن مناضلين محليين نظم الاثنين يوم عيد الفطر بالحسيمة «تجمع كبير» استجابة لنداء الحركة الاحتجاجية غير أنه لتفريق هذا التجمع لجأت قوات الأمن إلى «القوة» حيث حاصرت «الحسيمة» و»كثفت عمليات التفتيش» على مستوى الطرقات المؤدية إلى هذه المدينة التي تعد مركز الحركة الاحتجاجية التي تهز شمال المغرب منذ 8 أشهر. وجاء المحتجون للمطالبة بإطلاق سراح معتقلي «الحراك» اسم الحركة الاحتجاجية التي تطالب بتطوير منطقة مهمشة تعيش في ركود اقتصادي وبنسبة عالية من البطالة. انتقادات متزايدة تضاعفت انتقادات المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية للتنديد ب»القمع» و»الاعتقالات التعسفية» مع الدعوة إلى إطلاق سراح المعتقلين. وأوضحت المنظمة غير الحكومية هيومن رايتس ووتش أن زعيم الحراك الشعبي بالريف المغربي ناصر الزفزافي تعرض إلى اعتداءات جسدية من عناصر الشرطة أثناء عملية توقيفه في شهر ماي الأخير. وصرحت المنظمة غير الحكومية الأمريكية نقلا عن محامي ناصر الزفزافي أن «الشرطة قد أوقفت وانهالت بالضرب المبرح على زعيم المظاهرات الاجتماعية بالريف المغربي». كما نقلت ذات المنظمة الحقوقية أن الزفزافي قد طلب يوم 5 جوان إجراء فحص طبي من أجل توثيق العنف الأمني الذي تعرض له إلا أن طلبه لم يلبى حسبما أشار إليه عبد العزيز النويضي أحد محامي الزفزافي. وأضاف النويضي أن «هذه الوضعية تدعوا للقلق بخصوص المحكمة « التي «لم تقم بواجبها في التحقيق حول العنف الذي قامت به الشرطة». كما نددت المنظمة غير الحكومية بالاتهامات الخطيرة التي وجهها قاضي التحقيق للزفزافي من بينها تهمة يعاقب عليها بالإعدام مع أنه لم يتم تقديم أي دليل حول المزاعم بارادته المساس بأمن الدولة. كما لم تجب الحكومة على طلبات هيومن رايتس ووتش التي كانت تريد الحصول على معلومات حول وضعية الزفزافي.