لم تستمر أسواق النفط التي انتعشت أسعارها فوق ال 50 دولارا منذ نحو عشرة أيام، في الاستقرار لتعاود التذبذب الطفيف حيث صارت تتجه نحو الانكماش التدريجي، منذ يوم أمس، على اعتبار أنها تراجعت بنسبة 1.5 بالمائة، بالرغم من أن مخزون الخام في الولاياتالمتحدة قد تراجع بحوالي 6.5 مليون برميل، خلال بحر الأسبوع الماضي، ويمكن تفسير ذلك بارتفاع معدلات تشغيل المصافي إلى أعلى مستوياتها منذ أزيد من 12 سنة في ظل كثرة الطلب، وبلغة تفاؤلية تتوقع “أوبك” تسجيل انتعاش في الطلب والإنتاج للطلب العالمي على نفطها الخام في الثلاثي الأخير من عام2017 و2018، لأنها تترقب ارتفاع في الاستهلاك ب 1.28 مليون برميل يوميا في آفاق العام المقبل. تعرف ملامح السوق النفطية الكثير من الغموض أمام التحديات التي تشهدها الأسواق سواء تعلق بمعدل الأسعار أو الكميات التي تضّخ على صعيد العرض، ورغم ارتفاع الأسعار إلى حدود ال 53 دولارا للبرميل، خلال الأيام القليلة الماضية، بدا هذا المؤشر كبداية حقيقية لعودة تماسك الأسعار ونجاح منظمة “أوبك” في مسعاها التصحيحي، لكن يبدو أن المنحى التصاعدي كان ظرفي، لأن الأسعار سرعان ما عاودت الانخفاض، حيث بلغ خام القياس العالمي مزيج البرنت حوالي 51.62 دولار للبرميل، علما أنه أدنى مستوى له تم تسجيله منذ حلول شهر أوت الجاري، ومن جهة أخرى تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بدوره إلى 48.27 دولار للبرميل، مسجلا أدنى مستوياته منذ 26 جويلية الماضي، وترجع معظم هذه التقلبات بفعل التخوف القائم من عودة تخمة العرض. جاءت تصريحات منظمة “أوبك” جد متفائلة في آخر تقرير لها كشفت عنه نهاية الأسبوع الماضي، متوقعة انتعاش فعلي في الطلب على المدى القصير أي خلال العام المقبل. ولم تخف ذات المنظمة النفطية أن إنتاجها ارتفع ب 173 ألف برميل يوميا منذ شهر جويلية الماضي، لأنه وصل إلى 32.87 مليون برميل يوميا، علما أن التزام منظمة “أوبك” بعملية التخفيض قدر بنسبة 86 بالمائة، وبدت ذات المنظمة متأكدة من الارتفاع التدريجي للاستهلاك العالمي، والذي يعد مؤشر حقيقي على تحسن الطلب على مستوى الأسواق، وبالتالي يؤكد نجاح مساعيها المتواصلة من أجل امتصاص التخمة المسجلة على مستوى العرض،والذي من شأنه أن يفضي إلى استعادة السوق لتماسكها والأسعار لمستواها المقبول والعادل، الذي من شأنه أن ينصف المنتجين. على ضوء دراسات منظمة البلدان المصدرة للنفط، فإن السوق العالمية في حاجة إلى 32.42 مليون برميل يوميا من نفطها، خلال عام 2018، بزيادة لا تقل عن 220 ألف برميل يوميا، علما أن “أوبك” تخفض 1.2 مليون برميل يوميا من إنتاجها، في حين تعكف روسيا ومنتجون آخرون من خارج المنظمة المعنيين باتفاق فيينا من التخفيض من إمداداتهم بنصف هذه الكمية إلى غاية شهر مارس المقبل، بحسب ما ينص عليه الاتفاق، ويندرج كل ذلك في إطار جهود الحد من العرض الفائض. يذكر أن آخر الأرقام التي تتوفر لدى “أوبك” تكشف أن المخزون النفطي في اقتصاد الدول المتقدمة تراجع في شهر جوان، على اعتبار أنه انخفض ب 87 مليون برميل، في ظل توقع تسجيل انخفاض محسوس في المخزون الخام الأمريكي.