صادق أعضاء مجلس الأمة بالأغلبية، أمس، على مشروع القانون المتمم للأمر رقم 03 / 11 المتعلق بالنقد والقرض، الذي يكرس تفعيل خيار التمويل غير التقليدي، وقد أكد بشأنه الوزير الأول بأنه ضرورة حتمية لا بديل عنها، لمعالجة العجز وضمان استمرارية وتيرة التنمية الاقتصادية، وحاز خلال جلسة المصادقة التي ترأسها رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح على موافقة 120 عضو فيما صوت 4 أعضاء ب «لا». رافع وزير المالية عبد الرحمان راوية لمشروع القانون المتمم للأمر رقم 03 / 11 المتعلق بالنقد والقرض، في محاولة منه لإقناع أعضاء مجلس الأمة بجدوى وضرورة اللجوء إلى خيار التمويل غير التقليدي الذي تبنته الحكومة، على أساس أنه يضمن الحفاظ على وتيرة التنمية الاقتصادية والبشرية، خطوة أخيرة بعد افتكاك موافقة نواب المجلس الشعبي الوطني، لتجسيد الخيار في الميدان على مدى الأعوام الخمسة المقبلة. ودعم عبد الرحمان راوية طرحه بالأرقام، لافتا إلى أن تحقيق توازن في الميزانية العمومية مرتبط ببلوغ سعر البرميل الواحد 70 دولارا، إلا أنه لا يتجاوز 60 دولارا، وفي السياق ذكر بأن سعره تراجع ب 58 دولارا للبرميل الواحد بين 2014 و2017، ما تسبب في تقلص حاد في موارد العملة الصعبة، وانخفضت قيمة الصادرات من المحروقات من 60 مليار دولار قبل 3 سنوات إلى 18 مليار دولار في غضون 7 أشهر الأولى من السنة الجارية، ونتج عنه بذلك تقييد للخزينة العمومية ماليا، وتوقع ذات المسؤول انخفاض احتياطي الصرف إلى 97 مليار دج مع نهاية السنة، بعدما استقر في حدود 105 مليار دولار نهاية السداسي الأول من السنة الجارية. واستعرض المسؤول الأول على قطاع المالية في بلادنا، مجددا أسباب اللجوء إلى صيغة التمويل غير التقليدي، وأمام أعضاء مجلس الأمة هذه المرة أشار إلى أن تعديل قانون النقد والقرض «تم إعداده ضمن سياق اقتصادي ومالي خاص، يطبعه تدهور الوضعية المالية للبلاد»، مؤكدا أن «الخزينة تواجه قيودا قوية منذ السداسي الثاني لسنة 2014، بفعل تقلص الموارد المالية من جهة، واستنفاد المدخرات العمومية من جهة أخرى». ولمواجهة احتياجات التمويل منذ سنة 2015، تم اللجوء أضاف يقول وزير المالية إلى جملة من الأدوات النقدية والمالية، من أجل تعبئة موارد إضافية تم استعمالها في 2016 و2017، غير أن أثرها حسبه كان محدودا رغم الجهود المبذولة في هذا المجال، وكان لابد من تغطية العجز الميزاني إما باللجوء إلى صيغة التمويل الداخلي، أو إلى التمويل المزدوج أي الداخلي والخارجي، ووقع الاختيار على الأول لتفادي الاستدانة الخارجية. مبالغ التمويل تحددها الحاجيات..وتحويل ديون «سونلغاز» يحررها وفي معرض رده على انشغالات أعضاء مجلس الأمة، الذي قرأه نيابة عنه وزير العلاقات مع البرلمان الطاهر خاوة، ذكر بأن اللجوء إلى التمويل غير التقليدي يمتد على مدى 5 أعوام، وبخصوص مستوى المبالغ، فإنه مرتبط وفق توضيحات الوزير بالحاجيات المتطلب تغطيتها، التي تحدد بعد استنفاذ كل الموارد المالية التي بحوزة الحكومة، وكذا تحديد مخصصات ميزانية التجهيز، على أن يتم كل ذلك في إطار قانون المالية يعرض سنويا على البرلمان للمصادقة. بخصوص انشغالاتهم المتمحورة حول مرافقة تبني هذا الخيار بالإصلاحات الاقتصادية الضرورية، ذكر بالإصلاحات التي تم الشروع فيها على غرار النموذج الاقتصادي الجديد وترشيد الإنفاق العام، إلى جانب اعتماد إطار ميزاني متوسط الآجال، لتخصيص أحسن للموارد المتوفرة وضبط الأولويات، أما بخصوص التحصيل الضريبي وعصرنة المنظومة الجبائية، ذكر بالإجراءات المتخذة من قبل الجهاز التنفيذي بتعميق الإصلاحات لمحاربة التهرب والغش، وتحسين التحصيل مع توسيع الوعاء وتفادي الضغط الجبائي، ما سمح بتحسين العائدات الإيجابية ب 10٪. كما ذكر بأن الإنفاق العمومي يتم ضمن الحدود القانونية التي يؤطرها قانون المالية، وأشار في سياق آخر إلى أن تحويل ديون شركة «سونلغاز» سيسمح بتحرير نشاطها وتحريرها من عبء المديونية، فيما يتوقع من جهة أخرى انخفاض نسبة التضخم إلى حدود 5.5٪ في 2018، وإلى حدود 3.5٪ في 2020. عملة بديلة الخيار الأنجع لامتصاص الكتلة النقدية المتداولة في السوق الموازية اقترح أعضاء مجلس الأمة، أمس، لدى مناقشتهم المشروع القانون المتمم للأمر رقم 03 / 11 المتعلق بالنقد والقرض، عملة بديلة كحل ناجع لامتصاص الكتلة النقدية الموجودة في السوق الموازية، بعدما استنفدت الحكومة كل سبل احتوائها، كم شددوا على ضرورة مرافقة خيار التمويل غير التقليدي بإصلاحات جذرية تحول دون اللجوء إليه مجددا. اعتبر عضو مجلس الأمة جمال السعيد، بأن التمويل التقليدي ضرورة ترافقها إجراءات إعادة هيكلة البنك المركزي، لافتا إلى أن البنوك العمومية تعاني من سوء التسيير وهدر الأموال، معتبرا التمويل غير التقليدي بمثابة حل ظرفي، قد يتم اللجوء إليه لاحقا مرارا، إذا لم تواكبه إصلاحات، حل لابد من إرفاقه بخطوات أخرى لا تقل أهمية وفق رأيه، وفي مقدمتها العمل على التحصيل الضريبي، وامتصاص أموال السوق الموازية، مؤكدا أنه من غير المعقول إدراج ضرائب جديدة، في وقت لم يتم فيه تحصيل الضرائب المفروضة. من جهته، أشار زميله عبد الوهاب بن زعيم إلى أن الحل مقبول ماليا لا سيما في ظل صعوبة إقفال العام 2017، وفي وقت يتوقع فيه أن تكون سنة 2018 مليئة بالتحديات والعقبات، وبرأيه كان الأجدر تحسيس إطارات القطاعات بالمسعى لضمان نجاحه، مضيفا في السياق بأن عدم تغيير العقليات ومواجهة نفس العراقيل سيترتب عنه استهلاك أموال التمويل غير التقليدي، واعتماده مجددا بعد مرور 5 أعوام، وبرأيه لا مناص من عصرنة قطاع المالية عموما، منتقدا بشدة وجود خزينة عمومية واحدة فقط بالعاصمة. العضو محمد رضا أوسهلة، أشار إلى أن التعديل يخص مادة واحدة وحيدة، يتمخض عنه تعديل هام للوضع الاقتصادي والمالي في بلادنا، خيار محاسنه تتمثل أساسا في تجاوز المديونية الخارجية، لافتا إلى أن المعارضة في المجلس الشعبي الوطني لم تعارضه، وإنما طالبت بتحديده كميا وزمنيا، كما ثمن قرار رئيس الجمهورية القاضي بإنشاء هيئة مراقبة تتابع الحل الظرفي الممتد على 5 سنوات. ومادامت الحكومة استنفدت كل السبل لامتصاص الكتلة النقدية في السوق الموازية، تساءل محمد رضا أوسهلة «ألم يحن الوقت للتفكير في عملة جديدة؟» وذهب عضو مجلس الأمة محمود قيصري في نفس الاتجاه مقترحا وضع حد للاقتصاد الموازي بتغيير العملة، وانتقد بشدة اقتطاع الضرائب المباشر على الضعفاء في إشارة إلى الإجراء فيما يتخلف عن ذلك تجار القطاع الموازي. وحذر ابراهيم مزياني عن حزب القوى الاشتراكية «الأفافاس» من خيار التمويل غير التقليدي، لما له من عواقب وخيمة حسبه على ذوي الدخل المحدود، وزيادته في حدة تدهور القدرة الشرائية، مؤكدا أن الحل في محاربة المهربين وأباطرة الاستيراد استيراد، وأشباه «الباترونا» الذين يستفيدون من امتيازات جبائية.