يلعب الإعلام دورا متميزا في مرافقة مسار البلاد على طريق الإصلاحات الهادئة والمتدرجة التي تتم ضمن إطار مبادئ العدالة الاجتماعية والفعالية الاقتصادية. وتزداد مسؤوليته الوطنية في ظل أزمات كالتي تواجهها الجزائر تحت ثقل الصدمة المالية الخارجية وذلك بالمساهمة في تنوير الرأي العام حول التحديات القائمة والحرص على إبطال مفعول كل التهديدات التي تشكل خطرا محدقا على معنويات المجموعة الوطنية. ويمكن من خلال الالتزام بالمهنية وقواعد الاحترافية الرفع من درجة الممارسة التعددية والحرة التي تمثل مكسبا للبلاد بكافة مكوناتها الحزبية وتعزيز الحرية في التعبير والمبادرة الاقتصادية لكل الفئات بمختلف مراكزها الاجتماعية والمالية ما يستدعي التوازن بين حرية الكلمة المضمونة ومسؤولية الموقف المطلوبة. ويندرج الإعلام الاقتصادي في هذا الاتجاه لكونه مرآة مطلوبة اليوم أكثر من أي وقت مضى لتوضيح المشهد وتشخيص مؤشراته وتقديم الخيارات الممكنة بفضل المتابعة الحثيثة للتقلبات الاقتصادية وتوسيع نطاق إشراك الخبراء وأهل الاختصاص من كافة المدارس وجميع التوجهات الفكرية والإيديولوجية. إن الانشغال الأول والأخير يكمن في العمل جميعا من أجل حماية المصالح الاقتصادية الوطنية والسهر على توفير مناخ شفاف من شأنه أن يوضح الرؤية المستقبلية للمتعاملين ويبدد الغموض حول المسائل الحيوية التي تشكل جوهر المنظومة الاقتصادية تفاديا لأي كبوة مكلفة أو ضرر محتمل يتعرض له الاقتصاد الوطني وبدرجة أكبر المؤسسة الجزائرية. ولهذا الغرض يقع على الإعلام الجزائري واجب خطير ومصيري يتعلق بالحرص على مستوى كافة منابر التعبير الحر على حماية الأمن الاقتصادي للبلاد من خلال التعامل الحذر والمسؤول مع المعطيات والمعلومات في وقت بلغت فيه التنافسية على الأسواق مرحلة أقرب إلى حرب غير معلنة تجند لها الشركات العالمية ومن ورائها دولها القوية كافة الإمكانيات والوسائل لمعرفة الأوراق الحاسمة لدى منافسيها، ذلك أن من تكون بحوزته المعلومة يمكنه التأثير في القرار وصياغة الموقف. وتكتسي الصراعات العالمية اليوم طابعا اقتصاديا بصورة مباشرة ومن خلال مدى التحكم إعلاميا في تسويق المؤشرات والتعامل الذكي مع معطيات الأسواق والتفاصيل الجوهرية للصفقات الكبرى والمشاريع الحيوية يتحدد مستقبل كل بلد يواجه تحديات مثل التي تتصدى لها الجزائر مرتكزة على إمكانياتها على قلّتها، والأكثر أهمية الرهان على مواردها البشرية الخلاقة للثروة والابتكار. لذلك يمكن للإعلام أن يعزز هذا المناخ إدراكا لخطورة الوضع الإقليمي والعالمي ووعيا بالأبعاد الجيواستراتيجية للعولمة التي أطلق الفاعلون فيها من الدول الكبرى العنان لمشاريع الهيمنة الاقتصادية من خلال استهداف السيادة الوطنية للبلدان الناشئة بواسطة تسويق شعارات مغالطة على ما فيها من بريق وإغراء لا يمكنها أن تتسلل إلى المواطن الجزائري المتمسك بحرية التعبير مثلما ترسمها معالم اليوم الوطني للصحافة الموافق ل 22 أكتوبر، التي تصبو إلى العمل بلا هوادة من أجل حماية مصالح الشعب الجزائري والتصدي لأي خطر يهدد سلامة البلاد.