المجمّعات الجديدة وسلطة ضبط الصّحافة المكتوبة ستعطي دفعا للقطاع 67 بالمائة من الجرائد تطبع 2000 نسخة...وتراجع السحب ب 45 بالمائة السّحب السّنوي من 282 مليون نسخة إلى 120 مليون بين 2012 و2017 قال الرئيس المدير العام لمطبعة الوسط والجنوب عبد القادر مشاط، في حوار خص به «الشعب» بمناسبة اليوم الوطني للصحافة الذي أقرّه رئيس الجمهورية، إنّ الدولة رصدت استثمارات ضخمة في المطابع تواكب ثراء المشهد الإعلامي الذي يحصي اليوم ما لا يقل عن 140 عنوان، وذلك لضمان حق المواطن في الإعلام. كما أقرّ بالوضع الصعب الذي تعيشه المطابع بسبب التراجع الكبير في سحب الصحف، التي تأثّرت بدورها بالتراجع الحاد في نسبة الإشهار، وتقدّر نسبة التراجع ب 45 بالمائة بالنسبة لمطبعة الوسط والجنوب، واستنادا إلى توضيحاته فإنّ 67 بالمائة من الجرائد تسحب 2000 نسخة يوميا. ❊ الشعب: ما مدى مواكبة المطابع لتطوّر الصحّافة في الجزائر؟ ❊❊ عبد القادر مشاط: لابد أن ننوّه في بداية هذا الحوار التقدير الذي نكنّه لجريدة «الشعب» الغرّاء التي ترعرعنا فيها جميعا، ورضعنا منها الوطنية وتسلّحنا بمصلحة البلاد، ويوم 22 أكتوبر الذي أقرّه رئيس الجمهورية يوما وطنيا للصّحافة، يعد مكسبا هاما للقطاع بشكل عام، ويثمن الجهود التي قام بها الرئيس بوتفليقة والتي أعطت دفعا كبيرا للصّحافة الوطنية التي رافقت الدولة في الثورة ولاحقا في مرحلة التّشييد. الإعلام وبعد التفتح السياسي كان بمثابة ثورة كبيرة في البلاد، فمن عنوان واحد تفرّع عدد كبير من وسائل الإعلام، نفتخر بها اليوم كمكسب وطني حقّقته الجزائر بفضل كفاح الشّهداء، والوطنيّين الأحرار، يوم يحتفل فيه جميع الصّحافيّين العاملين قي قطاع الإعلام المكتوب والسمعي البصري، ويأتي في وقت افتكّت فيه الصّحافة الجزائرية مرتبة ريادية من حيث ثراء المشهد الإعلامي. وبخصوص مواكبة المطابع لتطور الصحافة في الجزائر، لقد ساهمت الدولة بشكل كبير في دعم المطابع العمومية قصد مواكبة التطور الذي شهدته الساحة الإعلامية، خاصة فيما يتعلق بالصحافة الورقية، وتجسيدا للنظرة الإستراتيجية للدولة في هذا المجال، قامت المطابع بالاستثمار في التجهيزات المتطورة، التي تستلزم تكوينا متميزا للعاملين عليها بتوفير الشروط الضرورية للتكوين العالي داخل وخارج الوطن. وتحسّبا للعدد الهائل من الصحف والأسبوعيات، خصّصت الدولة أموالا طائلة لإنشاء مطابع على المستوى الوطني، حرصا منها على انتشار الصحافة الورقية، وتجسيدا لتعليمات رئيس الجمهورية الصارمة بخصوص ضمان حق المواطن في الإعلام، ونثمّن اليوم عاليا ما يقوم به الأخير في الجزائر. ❊ أين موقع المطابع الجزائرية اليوم، في ظل التحول التّكنولوجي الكبير؟ ❊❊ بعد الانفتاح السياسي والديمقراطي، لعبت الدولة دورا كبيرا في دعم الصّحافة، إذ قامت باستثمارات ضخمة على المستوى الوطني عموما، وفي الجنوب الكبير تحديدا لتوفر الجرائد لسكانه في نفس اليوم الذي تطبع فيه، بعدما كانت تصل متأخّرة في وقت سابق، ما يعكس الأهمية التي طالما أولتها الدولة للسلطة الرابعة، وقد لعبت المطابع دورا هاما في انتشار الجرائد وتوسّعها. وبفضل جهود الدولة نحصي اليوم حوالي 10 مطابع تابعة لمطبعة الوسط والجنوب، وقد ارتفع عددها بفضل التنظيم الجديد، الذي تم بموجبه ضم مطبعتي «سمبرال» و»ليناب» 9 منها عملية، وتصل قدرة السحب اليومية 5. 2 مليون نسخة، كما تم برمجة إنجاز 4 مطابع في الجنوب بكل من أدرار، تندوف، إليزي وتمنراست، تمّ تأجيلها إلى غاية تحسّن الوضع المالي. إذا هناك إمكانيات كبيرة، كما قامت الدولة باستثمارات هامة، تأتي عملا بتعليمات رئيس الجمهورية الذي يلح دائما على حق المواطن في الإعلام. ❊ أثّر الوضع الاقتصادي الحرج النّاجم عن التّراجع الحاد في مداخيل المحروقات سلبا على قطاع الإعلام عموما، ما هي انعكاساته على المطابع؟ ❊❊ التطور التكنولوجي بقدر ما ساعد الصّحافة المكتوبة من حيث العتاد والتجهيزات ليس في الطباعة فقط، بقدر ما ساهم في تضرّرها بعد الانتشار الكبير لشبكة «الأنترنت» ومواقع التواصل الاجتماعي، الذي ترتّب عنه تراجع رهيب في الصحافة الورقية ليس في الجزائر فقط وإنما في العالم بشكل عام، ما تسبّب في انخفاض السّحب بشكل كبير. لعل ما يؤكد هذه الحقائق، أنّه في مطلع سنوات العشرية الماضية كان يصل عدد السحب اليومي في مطبعة الوسط إلى 300 ألف نسخة، وقدّر بحوالي 900 و5000 آلاف نسخة يوميا في العام 2012، وانخفض في غضون السنة الجارية إلى حدود 500 ألف نسخة، بسبب الأزمة الاقتصادية التي كان لها وقع كبير، إلى درجة أن 67 بالمائة من الجرائد تطبع 2000 نسخة، بعدما كانت تطبع حوالي 100 إلى 200 ألف نسخة في وقت سابق، أما عدد السحب السنوي في نفس الفترة فقد قدّر ب 282 مليون و441 ألف و200 نسخة، وبلغ حجمه خلال 9 أشهر الأولى من العام 2017 حوالي 120 مليون نسخة. ومن هذا المنطلق، فإنّ الوضع الاقتصادي أثّر على المطابع بسبب انخفاض السحب، حيث بلغت نسبة تراجعه بالنسبة لمطبعة الوسط والجنوب 45 بالمائة، ولأنّ الصّحف تعتمد كثيرا على الإشهار الذي سجّل تراجعا كبيرا بدوره، فإنّها تأثرت بفعل ذلك، والجريدة باعتبارها مؤسسة اقتصادية يمكنها التفكير في بدائل من خلال دراسة السوق والجدوى الاقتصادية. كما أنّ المنافسة الشديدة بين الصحف أثّرت أيضا في الوضع لأنّنا نحصي اليوم في المشهد الإعلامي حوالي 140 عنوان، 120 منها كانت تقوم بسحبها مطبعة الوسط والجنوب، قبل أن يتراجع عددها إلى 92 صحيفة، بعد توقف 48 يومية وأسبوعية منذ العام 2012، ما أثّر سلبا على المطابع التي وصل البعض منها إلى وضع حرج من الناحية المالية، وزاد سوءاً بفعل عدم تمكّنها من دفع مستحقاتها لدى المطابع. وكان وزير الاتصال قد تطرّق خلال استضافته في القناة الإذاعية الثالثة مؤخرا، إلى إشكالية الصّحافة الورقية التي سجّلت تراجعا كبيرا في كل دول العالم، بسبب التوجه الكبير إلى «الأنترنت» مواقع التوصل الاجتماعي وكذا الإعلام الالكتروني، والصحافة الورقية في الجزائر تعيش نكسة حقيقية، وترتّب عن ذلك انخفاض كبير في السحب، متسبّبا في زلزال قوي. إنّنا نعلّق آمالا كبيرة على المجمّعات الثلاثة التي تنظّم القطاع، والتي تشمل الصحافة المكتوبة والإشهار والطباعة، للنّهوض بالقطاع والتحكم في التسيير، وفسح المجال أمام المنافسة والبقاء يكون حتما للأصلح، وتكتسي سلطة ضبط الصحافة المكتوبة بالغ الأهمية، كونها ستلعب دورا كبيرا في دعم الصحافة المكتوبة من خلال الاهتمام بكل انشغالاتها سواء في التسيير أو التنظيم، ولعل ما يزيد تفاؤلنا إعلان الوزير الأول بمناسبة عرض مخطط عمل الحكومة، عن تفعيل صندوق دعمها سيحول على الأرجح دون زوالها، وهي فرصة كبيرة لها ولابد أن تلعب دورها لتعبئة الشعب في معركة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ❊ تقع اليوم على المطابع مسؤولية مادية وشبه معنوية تجاه الصّحف التي لديها مستحقّات بسبب شح الإشهار وتراكم الدّيون، كيف تتعاملون مع هذه المعطيات؟ ❊❊ بسبب تراجع السّحب وعدم تسديد الديون، ارتأت مطبعة الوسط والجنوب وعلى أساس تناول الإشكال من جميع الجوانب، اللّجوء إلى جدولة ديون الجرائد في مرحلة أولى، وإعادة الجدولة في مرحلة لاحقة، إذ رافقتها الدولة للحيلولة دون زوالها مفضّلة دعمها باعتبارها تكرّس الثّراء الإعلامي. وفي نهاية المطاف مصير المطابع مرتبط بمصير الصحف، التي تعاني من مشكل آخر لا يقل أهمية ممثلا في التوزيع، إلى درجة أن بعض الجرائد تطبع ولا توزع، لسيطرة بعض المجموعات عليه لا علاقة لها بالمهنة. ❊ ما هو حجم ديون الصّحف لدى مطبعة الوسط والجنوب؟ ❊❊ ستناهز 103 مليار سنتيم حسب التوقعات نهاية السنة الجارية، أغلبها مستحقّات ليومية «الشروق»، بعض الجرائد تسدّد وأخرى لا تسدّد بسبب تراجع الإشهار. ❊ كيف ستواجهون الوضع؟ ❊❊ أرى أنّه من الضروري البحث عن نماذج اقتصادية جديدة لتنويع مصادر التمويل، المرتبط بتنويع النشاطات قصد الاستفادة من الأدوات الحديثة، التي توفّرها التكنولوجيا الرقمية، والقيام بتحول سلس يسمح للشركة بالاستمرار وتفادي الزوال. مطبعتنا تحاول التأقلم مع الوضع والمستجدّات، وعملت جاهدة على إيجاد البدائل لأنّ الصّحافة الورقية تراجعت بشكل كبير في العالم، وقمنا في هذا الصدد بولوج مجال طباعة الكتب والمجلات والملصقات، وسنعمل على بذل المزيد من الجهود في هذا الاتجاه.