الصحافة الورقية أمام تحدي الزوال بسبب نقص الإشهار ومنافسة الصحافة الالكترونية أجمع أساتذة وإعلاميون أن الصحافة الورقية في الجزائر تعيش في الوقت الراهن تحديات كبيرة، أهمها منافسة الصحافة الالكترونية، ونقص العائد الإشهاري مقارنة مع التكاليف اليومية، متوقعين أن هذا النوع من الصحافة سيزول مع مرور الوقت. وأكد مختصون شاركوا في الملتقى الوطني حول الصحافة الورقية في الجزائر التحديات الراهنة والمستقبلية، احتضنته كلية علوم الإعلام والاتصال بجامعة قسنطينة 3، أمس الأربعاء، أن الصحافة في الجزائر ليست في منأى عما تعيشه الصحافة العالمية، والتي تأثرت بشح الموارد المالية في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، وغياب الدعم المالي من الدول والحكومات وهو ما تسبب في غلق عشرات الصحف عبر مختلف البلدان، وكذا تسريح عدد كبير من الصحفيين. وأوضح الإعلامي ومدير جريدة النصر عبد القادر طوابي في مداخلة حول مدى جاهزية الصحافة الورقية للتعايش مع الوضع الجديد، أن الصحف الوطنية غير جاهزة لتجاوز المرحلة الورقية في المدى القريب، وذلك بالرغم من الضربات الموجعة التي تتلقاها بسبب تراجع السحب إلى حوالي النصف، معتبرا أن سبب عدم جاهزيتها يعود لعدة اعتبارات منها ما هو متعلق بالصحافة الجزائرية نفسها، وأخرى بالمحيط الذي تعيش فيه والذي لا يزال غير قادر على متابعة هذا التحوّل، إلى جانب أن أغلب الصحف الصادرة اليوم تعتمد في أغلبها على الإشهار العمومي الذي يعتبر ملزما للمؤسسات العمومية لإضفاء الشفافية في منح الصفقات العمومية، والحاجة لتقديم خدمة عمومية للمواطنين. كما أن الساحة الإعلامية في الجزائر يضيف مدير جريدة النصر لا تزال تحتوي على فئة واسعة من الأوفياء للنسخة الورقية، وهو ما يدفع بالصحف الورقية الكبرى للمراهنة على البقاء وذلك لجني عائدات مالية أكبر من سوق الإشهار، ليضيف بأن المواقع الالكترونية للجرائد الجزائرية حاليا لا تعتبر بديلا بقدر ما هي سند للنسخة الورقية، في حين أن لغة الأرقام تعكس واقعا آخر وهو انخفاض سحب الصحف بالمطابع العمومية إلى النصف، فعلى سبيل المثال كانت مطبعة الشرق تسحب 700 ألف نسخة يوميا لتنخفض حاليا إلى 300 ألف مع تسجيل اختفاء أكثر من 30 يومية. وبدوره أرجع مدير جريدة المساء العربي ونوغي التراجع الكبير الذي تعرفه الصحافة الورقية حاليا إلى المنافسة الشرسة التي فرضت عليها من نظيرتها الالكترونية، هذه الأخيرة تزايد عدد جمهورها بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، وذلك للفرق الكبير في التكلفة من أجل إيصال المعلومة للقراء، موضحا أن النسخة الواحدة تكلف حاليا حوالي 60 دج، في حين يتم بيعها بعشرة دنانير فقط، كما أن نقص المطابع العمومية يجعل من عملية توزيع الصحف خصوصا في المناطق النائية أمرا شبه مستحيل.الإعلامي والأستاذ عبد الحميد بوشوشة أوضح في مداخلته، أن الصحافة في الجزائر تعاني من صعوبات كبيرة أهمها صعوبة الحصول على مورد مالي أو الإشهار والذي يعتبر المورد الأساسي لأي مؤسسة إعلامية، مرجعا السبب إلى انخفاض الإنفاق العالمي على الإشهار وهو ما دفع الكثير من الجرائد للاختفاء أو تقليص عدد صحفييها ومكاتبها، زيادة على صعوبة أخرى أرجعها إلى هجرة الكثير من الصحفيين والمهنيين إلى التلفزيونات والإذاعات والصحافة الالكترونية خاصة، حيث ساهمت هذه النقطة في إحداث نزيف كبير في المؤطرين والأسماء اللامعة وأصحاب الأقلام.وبدورها أوضحت الأستاذة ليلى بولكعيبات في مداخلة حول التحديات التي تواجه الصحافة المكتوبة في الجزائر هي أن التكلفة التي تتحملها الصحافة الورقية كبيرة مقارنة مع نظيرتها الالكترونية، كما أن حجم التغطية بالنسبة للمواقع الالكترونية حاليا كبير جدا مقارنة مع الجرائد التقليدية خصوصا مع الانتشار الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي والتي خلقت ما يسمى بالمواطن الصحفي، في حين تعاني الصحف من ضعف في المقروئية وتزايد غير مسبوق في المرتجعات، معتبرة أن ظهور مصادر جديدة للمعلومة وبمقابل مادي بسيط جدا بدّد دافع الإقبال على الصحف التقليدية، مع ظهور بوادر توجه تام نحو الصحافة الالكترونية.