قبل أكثر من ست سنوات ، فوجئت القارة السمراء بتأهل المنتخبين الأنجولي والتوجولي إلى نهائيات كأس العالم 2006 بألمانيا على حساب منتخبات أخرى عريقة في مؤشر قوي على أن خريطة كرة القدم بالقارة الأفريقية ستشهد تغييرات تدريجية في السنوات التالية. ورغم نجاح المنتخبات الكبيرة في العودة لإحكام قبضتها على بطاقات التأهل الأفريقية إلى نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا وفوز المنتخب المصري صاحب التاريخ العريق بلقب كأس الأمم الأفريقية على مدار أخر ثلاث بطولات ، جاءت تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2012 لتؤكد على وجود طفرة كبيرة على هذه الخريطة. وأخفقت العديد من المنتخبات الكبيرة في التصفيات ليصبح الحذر هو شعار باقي المنتخبات الكبيرة التي بلغت النهائيات خوفا من مفاجآت جديدة. وشهدت التصفيات العديد من المفاجآت ذات العيار الثقيل وأسفرت عن تأهل وجهين جديدين إلى النهائيات جاء أحدهما على حساب اثنين من أبرز القوى الكروية في القارة ، مما يضفى مزيدا من الإثارة على النهائيات التي تستضيفها غينيا الاستوائية والجابون في الفترة من 21 كانون ثان/يناير الحالي وحتى 12 شباط/فبراير المقبل. وحرمت التصفيات أكثر من فريق بارز من التأهل للنهائيات لكن أبرزها على الإطلاق كانت منتخبات مصر والكاميرون ونيجيريا والجزائر ذات الصولات والجولات على مستوى القارة السمراء والتي تجمع فيما بينها ألقاب 14 من 27 بطولة أقيمت حتى الآن في تاريخ كأس الأمم الأفريقية. وبينما خرجت هذه المنتخبات الأربعة ومعها المنتخب الجنوب أفريقي الفائز باللقب عام 1996 من التصفيات ، شقت منتخبات أخرى أقل قوة وخبرة طريقها إلى النهائيات مثل منتخبات بوركينافاسو وأنجولا والجابون ومالي وغينيا إضافة إلى منتخبي بوتسوانا والنيجر اللذين يشاركان في النهائيات للمرة الأولى في تاريخهما. وتشهد البطولة وجها جديدا آخر هو منتخب غينيا الاستوائية الذي يشارك في النهائيات دون خوض التصفيات بصفته ممثل الدولة المضيفة. ومع غياب خمسة منتخبات من الفرق ذات السطوة في القارة الأفريقية عن نهائيات البطولة هذه المرة ، ينتظر أن تنحصر الترشيحات للمنافسة على اللقب بين عدد محدود من المنتخبات مثل المنتخبين الإيفواري والغاني أقوى المرشحين والمنتخبين التونسي والمغربي صاحبي الخبرة الكبيرة بالبطولة. وكانت أبرز مفاجآت التصفيات هي خروج المنتخب المصري الفائز بلقب أخر ثلاث بطولات لكأس الأمم الأفريقية أعوام 2006 و2008 و2010 وصاحب الرقم القياسي في عدد مرات الفوز باللقب برصيد سبعة ألقاب. وتزامنت كبوة المنتخب المصري في التصفيات مع ظروف ثورة 25 كانون ثان/يناير 2011 التي أطاحت بالنظام الحاكم في مصر وعدم استقرار الأوضاع السياسية والاجتماعية والأمنية التي أعقبتها. لكن أحدا لا يستطيع الجزم بأن هذه الظروف كانت وراء هذه الكبوة بشكل مباشر لاسيما وأن بداية المنتخب المصري في التصفيات قبل أحداث الثورة لم تكن بالشكل المطلوب حيث تعادل الفريق مع نظيره السيراليوني وخسر أمام منتخب النيجر. وبعد قيام الثورة ، لم ينجح المنتخب المصري "أحفاد الفراعنة" في تكرار النهج الذي اعتاده في الماضي بالتعويض في الجولات الأخيرة وفي الأوقات العصيبة حيث سقط الفريق أمام منتخب جنوب أفريقيا ليخرج من التصفيات صفر اليدين. وربما تأثر المنتخب المصري بالظروف التي تمر بها بلاده وبتوقف مسابقة الدوري المحلي لفترة طويلة ولكن من الصعب التأكيد على أن ذلك كان السبب المباشر وراء إخفاق أحفاد الفراعنة خاصة وأن منتخبات أخرى نجحت في اجتياز ظروف أكثر صعوبة في بلادها لبلوغ النهائيات وفي مقدمتها منتخبا تونس وليبيا اللذان مرا بظروف الثورة أيضا وكذلك المنتخب السوداني الذي مرت بلاده بظروف تقسيمها. وأطاحت كبوة التصفيات بالمدرب الوطني حسن شحاتة من تدريب المنتخب المصري بعدما قاد الفريق للقب كأس الأمم الأفريقية في البطولات الثلاث الماضية على التوالي. وفي المقابل ، صعد منتخب النيجر إلى النهائيات على حساب كل من منتخبي مصر وجنوب أفريقيا ليكون من المفاجآت ذات العيار الثقيل مثل المنتخب البوتسواني الذي كان أول المتأهلين للنهائيات عبر مجموعة تضم معه منخبات أكثر خبرة مثل المنتخب التونسي الذي حصل بصعوبة على البطاقة الثانية من هذه المجموعة إلى النهائيات. ولم تكن صدمة عشاق الساحرة المستديرة في القارة السمراء أقل بعد خروج المنتخب الكاميروني من التصفيات ليودع الأسود التصفيات وتحرم البطولة من فريق آخر يحظى بتاريخ هائل في البطولة وسبق له الفوز باللقب أربع مرات. وكان خروج أسود الكاميرون من التصفيات خسارة فادحة للبطولة لاسيما وأنه من أبرز المنتخبات التي تقدم عروضا مثيرة ويضم بين صفوفه العديد من المهارات الرائعة مثل المهاجم الخطير صامويل إيتو مهاجم برشلونة الأسباني وإنتر ميلان الإيطالي سابقا وأنجي الروسي حاليا وصاحب الرقم القياسي لعدد الأهداف التي يحرزها أي لاعب في تاريخ مشاركاته بالبطولة وذلك برصيد 18 هدفا. ولكن ما يعزي أسود الكاميرون أن خروج الفريق من التصفيات جاء لصالح فريق آخر كبير وهو المنتخب السنغالي الذي مثل القارة الأفريقية في كأس العالم 2002 بكوريا الجنوبية واليابان وبلغ دور الثمانية للبطولة. ومع فوز المنتخب الكاميروني بنقطة واحدة من مباراتي الذهاب والإياب أمام السنغال كان فوز الأسود على منتخب الكونغو الديمقراطية 3/2 في عقر داره في ختام مباريات الفريق بالتصفيات بلا فائدة. وفي الوقت نفسه ، عاند الحظ المنتخب النيجيري الفائز بلقب البطولة في عامي 1980 و1994 وصاحب المركز الثالث في البطولة الماضية ليسقط في التصفيات هذه المرة لصالح المنتخب الغيني. بينما جاء خروج المنتخب الجزائري من التصفيات مفاجأة كبيرة بعدما مثل القارة الأفريقية في مونديال 2010 وبلغ المربع الذهبي في البطولة الأفريقية الماضية ولكنه خرج من التصفيات لصالح شقيقه المغربي.