خص رئيس الإتحادية الجزائرية، محمد روراوة، موقع كل شيء عن الجزائر صبيحة أمس، بحوار مطول تطرق فيه إلى التحول الذي ستقبل عليه كرة القدم الجزائرية الموسم المقبل، بدخول عالم الإحتراف، حيث شرح كل ما يتعلق بهذه الخطوة والشروط المفروضة على الأندية، مقابل التحفيزات المادية التي تنتظرها، كما تحدث عن إيجابيات تجاوب كل الفرق مع هذا المشروع وفوائده المستقبلية. "الفاف" أعلنت الأسبوع الفارط عن الانتقال إلى البطولة المحترفة، ما تعليقك؟ في البداية، نحن لم نقرر دخول عالم الإحتراف في الفترة الأخيرة، لأن قانون تعديل المرسوم الرياضي والذي ينص على ضرورة الإنتقال إلى البطولة الإحترافية سن سنة 2004، كما أن اللوائح التنفيذية نشرت حينها بعد وقت قصير من صدوره، واليوم أصبحت لدينا كل الترسانة القانونية التي تسمح لنا بإنشاء أندية محترفة وبطولة إحترافية بأتم معنى الكلمة، ثم أنه عند إنتخابي كرئيس للإتحادية الجزائرية لكرة القدم، كنت قد صرحت بأن هدفي الأول والنقطة الأساسية لبرنامجي، هو تأهيل المنتخب الوطني إلى نهائيات كأس العالم، وهو ما تحقق والحمد لله، أما الهدف الثاني الذي سطرته فكان إقامة بطولة وطنية محترفة وهذا لسببين رئيسيين. ما هي أسباب إقامة هذه البطولة المحترفة؟ السبب الأول الذي دفعني للتفكير في إقامة بطولة محترفة في الجزائر، هو أن كرة القدم اليوم أصبحت بحاجة إلى التحول للإحتراف، حتى نتمكن من تكوين لاعبين في المستوى وقادرين على تزويد التشكيلة الوطنية، أما السبب الثاني، فهو أنه كان علينا تسيير الأندية بطريقة أفضل لضمان الشفافية وأحسن تكوين للمواهب الشابة، وخاصة إنشاء بطولة جزائرية جديرة بهذا الاسم، وتحتوي على لاعبين محترفين، فمثلا العديد من الأندية اليوم تحوز على لاعبين متعاقدين معا بطريقة غير قانونية، وهناك العديد من اللاعبين غير المصرح بهم، وكل ما يحدث لا يمد بأي صلة بالمحيط الإحترافي الحقيقي. ألا تظن بأن المهلة المحدد للأندية من أجل دخول الإحتراف قصيرة ومحدودة جدا؟ أظن أن القرارات الأخيرة التي إتخذها رئيس البلاد، السيد عبد العزيز بوتفليقة، والتي كانت معظمها إستثنائية وسابقة من نوعها، تجبرنا على دخول عالم الإحتراف في أقرب وقت ممكن وعدم تضييع المزيد من الوقت، فالظروف التي وفرت لنا لن تتكرر في أي بلد آخر حسب رأيي، ولا أحد قادر على تقديم كل هذه المساعدات للأندية من أجل تسهيل مهمتها في دخول الإحتراف، كما أن المهمة أصبحت سهلة وبسيطة للانتقال إلى الاحتراف اليوم، فالأمر يتطلب فقط عقد جمعية عامة تختار الشخص المناسب الذي يرأس الشركة، وبمجرد تحول الفريق إلى شركة ذات أسهم سيكون من حقه الإستفادة من مساعدات وقرارات رئيس الجمهورية بصفة تلقائية، والمتمثلة في الحصول على قرض مالي قيمته 10 ملايير سنتيم لمدة 15 عاما، مقابل نسبة فوائد جد رمزية ولا تتعدى 1 بالمئة، على أن يكون الدفع إبتداء من الموسم الثاني، كما أن كل فريق سيكون له الحق في الاستفادة من قطعة أرضية مساحتها هكتاران، وهو ما يكفي لإنشاء مركز تكوين للتحضيرات مقابل دينار واحد فقط للمتر المربع، وفي المقابل ستمنح الدولة حافلة لكل نادي محترف من أجل ضمان تنقله برا مع الإستفادة من حق تخفيض نسبة 50 بالمائة، من تكاليف رحلاته الجوية عبر الخطوط الجزائرية سواء على الصعيد المحلي أو القاري، خلال مشاركاته في المنافسات الإفريقية، وفضلا عن ذلك فإن الدولة ستتكفل بنفسها بتسديد رواتب مدربي الفئات الشبانية، وتكاليف مشاركة هذه الفئات في المنافسات، بما في ذلك أموال السفر والإقامة في خطوة الهدف منها تشجيع الأندية على التحول للتكوين والإهتمام بالمواهب الشابة... والموازاة مع ذلك، نحن بصدد صياغة تعديلات ومقترحات جديدة، لإدخالها في قانون المالية المقبل، حتى تستفيد الأندية من إمتيازات ضريبية جديدة وتخفيضات في نسبة الضرائب المفروضة على الأجور، بما في ذلك الخاصة برواتب اللاعبين، ومع كل هذه الترتيبات أظن أننا هيئنا كل الظروف لإنجاح عملية الإنتقال إلى عالم الإحتراف. وكيف سيتم التعامل الإداري مع الأندية خلال الانتقال إلى الإحتراف؟ في الإتحادية عندما تستوفي الأندية الأولى الشروط المطلوبة، ستقوم ابتداءً من الموسم المقبل، بإنشاء بطولة وطنية محترفة تضم 16 فريقا، سيكون هناك قسم واحد، وحينها سنفكر في إنشاء مجموعات، وإذا كانت أندية القسم الأول والثاني جاهزة، سنعمل على إنشاء بطولة قسم أول وقسم ثاني إحترافية، مثلما هو الحال في البلدان الأخرى على غرار أوروبا، أما الأندية التي لن تتمكن من إستيفاء الشروط المطلوبة خلال الآجال المحددة ستواصل اللعب في أقسامها الحالية، ولكني متفائل كثيرا وأتمنى رؤية العديد من الأندية تنضم إلى البطولة المحترفة.. وفي المقابل، قررنا إنشاء لجنة خاصة لتسيير البطولة المحترفة على مستوى "الفاف"، وهذه اللجنة ستكون الصورة الأولية للرابطة الوطنية المحترفة مثلما هو معمول به في فرنسا على سبيل المثال، وفي الحقيقة هدفنا تكوين نخبة وطنية تسير بطريقة منظمة وإحترافية مثلما هو حاصل في عديد الدول المتقدمة، حتى نضمن نهائيا إصلاح وتطوير كرة القدم في الجزائر، لأننا نريد توفير الشروط والظروف الملائمة لإنشاء نخبة وطنية في المستوى وقادرة على الألوان الوطنية أحسن تمثيل في المحافل الدولية. وكم سيكلف الإنتقال إلى عالم الإحتراف خزينة الدولة؟ لا يمكننا الحديث عن التكلفة، لأن الأمر يتعلق بمساعدات عمومية لضمان الإنتقال الإضطراري إلى عالم الإحتراف، فكما تعلمون الإتحادية الدولية وضعت قبل موسمين قانونا جديدا يجبر كل الأندية المشاركة في المنافسات الدولية، إبتداءً من سنة 2011 على حيازة إجازة دولية منها، وهذه الوثيقة تمنح للفرق المحترفة التي تسير بإنتظام مثل الشركات الإحترافية، والتي تملك أيضا كل الهياكل من مراكز تكوين، فئات شبانية تشارك بانتظام في المنافسات، مع طريقة تسيير شفافة. وكيف إستقبلت الأندية قرار الإنتقال إلى الإحتراف؟ في الحقيقة هذه المرة الثانية التي يناقش فيها ملف الإحتراف مع رؤساء الأندية، وصراحة هذه المرة وجدت الرؤساء الثلاثين الذين حضروا إجتماع الأسبوع الماضي، وإثنين ممن إلتقيتهم قبلها متحمسين جدا للفكرة، فالجميع إستقبل بارتياح كبير قرارات رئيس الجمهورية التي ستساعدهم من أجل دخول عالم الإحتراف، كما أن الجميع باشر في القيام بالإجراءات اللازمة وقررنا الالتقاء قبل 30 جوان المقبل، وإلى غاية ذلك التاريخ الأندية التي تنظم نفسها وتصبح شركات ستخطر "الفاف" حتى نبدأ في ترتيبات إنشاء البطولة المحترفة. صحيح أن دعم الدول هام جدا لكن كيف للأندية أن تمول نفسها في بلد لا يملك تقريبا حقوق البث التلفزيوني والممولين لا يملكون الإمكانات المادية اللازمة؟ أنتم مخطئون حول حقوق البث التلفزيوني، لأننا إنتقلنا من مبلغ 400 ألف أورو قبل مواسم إلى مليوني أورو بالنسبة للقسم الأول، وليكن في علمكم أيضا أن معظم أندية القسم الوطني الأول حاليا تسير بميزانية تصل إلى أربع ملايين أورو، والتمويل تطور جدا، والأمر الذي يدفعكم للقول بأن الكرة في بلادنا، تفتقد للإمكانات المادية هو حتما الإلتباس وغياب الشفافية في التسيير لدى أنديتنا، ولو كانت كل الحسابات صحيحة ودقيقة تدركون أن هناك أموال باهضة جدا تصرف ببلادنا في كرة القدم، وعلاوة على ذلك فإن قرارات رئيس الجمهورية ما هي إلا تدابير مرافقة لضمان الإنتقال الناجح للإحتراف، وهناك عدة إجراءات أخرى متمثلة في إنشاء صندوق وطني لتطوير كرة القدم، وهناك أيضا المساعدات المالية التي تقدمها البلديات والدائرات والولايات والوزارات للأندية، كل هذه المساعدات ستكون مهمة جدا بالنسبة للفرق، وسيتم توزيعها على الأندية المحترفة حسب وفقا لمعايير محددة كالألقاب المحصل عليها، نسبة التكوين، اللاعبين المقدمين للمنتخبات الوطنية... وغيرها من المعايير. بعيدا عن إنشاء نخبة وطنية جديدة، ما هي الإنعكاسات المتوقعة من هذه التدابير على قضايا مثل العنف في الملاعب؟ محاربة العنف، هو جزء من دفتر شروط الأندية المحترفة، لكن العنف موجود في البطولات الإحترافية أيضا مثلما هو حاصل في البطولات الهاوية، فهو مشكل تسيير في الرياضة عامة، وكل الأندية ولجان الأنصار والتعليم مطالبين بمحاربة العنف ووضع آليات للسيطرة عليه أو الحد منه بصفة نهائية. وكم هو عدد الأندية التي أبدت إستعدادها للانضمام لأول بطولة محترفة الموسم المقبل؟ أنا جد واثق أنها ستكون كثيرة، فكل رؤساء الأندية الذين إلتقيناهم الأسبوع الماضي، فهموا أنه من مصلحتهم ومصلحة كرة القدم الجزائرية الإنتقال إلى عالم الإحتراف.