في هذا الحوار الشيق مع أحد أقطاب الكرة الفرنسية سابقا، ميشال هيدالغو، الذي يفتح قلبه ل"الشباك"، حيث تناولنا عدة مواضيع مع لاعب مارسيليا السابق ومدرب المنتخب الفرنسي من 1976 إلى غاية 1984، بالإضافة إلى إشرافه على العديد من الفرق الفرنسية والذي كان مشغولا في كأس العالم بتحليل المباريات على القنوات الفرنسية والآن قبل بإجراء معنا هذا الحوار المطول لأنه في راحة وليس لديه ارتباطات مهنية حيث قيم أداء المنتخب الجزائري في نهائيات المونديال الأخير بجنوب إفريقيا التي أسدل الستار عليها مؤخرا بتتويج المنتخب الإسباني وهو الذي اعتبره مستحقا، كما أبدى رأيه في مسألة المدرب الوطني حين أكد أن تجاربنا فاشلة مع الأجانب ودعم بقاء سعدان على رأس العارضة الفنية للمنتخب الوطني، كما تفاجأ بإمضاء نذير بلحاج في قطر، بالإضافة إلى كشفه للفوائد التي جناها المنتخب الوطني من كأس العالم التي عاد للمشاركة فيها بعد 24 سنة من الغياب، وقد كان الحوار ممتعا للغاية خاصة لتلقائية وصراحة مدرب المنتخب الفرنسي سابقا. صباح الخير.. سيدي معك صحفي من جريدة الشباك الجزائرية؟ صباح الخير.. كيف حالك وكيف هي الجزائر الآن إنه الصيف عندكم الحرارة أليس كذلك؟ نعم إنه وقت الإصطياف، نريد أن نجري معك حوارا مارأيك؟ تفضلوا.. أنا في خدمتكم لأني في راحة ولست مشغولا. بعد انتهاء كأس العالم.. كيف يقيم هيدالغو المونديال في طبعته الإفريقية؟ أرى أن المستوى كان مقبولا جدا وعلى كل الجوانب سواء التنظيمية أو الفنية وحتى الحضور الجماهيري كان كبيرا، حيث احتل مونديال جنوب إفريقيا المركز الثالث منذ نشأة كأس العالم، وهو أمر إيجابي للكرة الإفريقية خاصة وكرة القدم عامة، حيث من الرائع أن تلعب مباريات كرة القدم بحضور الجمهور لأنه صانع الفرجة، أما على مستوى المنتخبات فهناك فرق تألقت وأخرى خيبت وهي دروس ستتعلم منها الدول المشاركة. ما رأيك في تتويج المنتخب الإسباني بطلا للعالم؟ أرى أنه تتويج مستحق وأي فريق كان سينال كأس العالم غير إسبانيا سيكون أمرا غير عاد خاصة أنه بطل أوروبا في 2008 ويملك أقوى بطولة في العالم حاليا دون أن ننسى أنه يضم نجوما كبارا وعالميين برهنوا في فرقهم وعلى المستوى الفردي أيضا، إنه فريق متكامل ومثالي وعرفوا كيف يدخلون التاريخ من أوسع الأبواب. كلمة عن المدرب ديل بوسكي؟ إنه مدرب غني عن التعريف ومسيرته حافلة بالألقاب والإنجازات، كما أنه نجح في شيء أساسي هو كيفية التعامل مع الأرمادة الكبيرة التي يضمها الفريق الإسباني وعرف كيف يوظفهم حسب طبيعة المباريات وكما لاحظتم لا يوجد لاعب أساسي وآخر احتياطي، فقد استعمل أكبر عدد من اللاعبين ولاعب مثل نافاس تألق ضد الشيلي، لكنه لم يشارك بعدها وغيره كثيرون وأؤكد أن مرور ديل بوسكي على الريال في وقت كان يضم نجوما كبيرة ساعده على التحكم في المجموعة ككل ولم نسمع أن أي لاعب يناقش القرارات لأنه ليس من السهل أن تكون نجما ولا تلعب أساسيا في المنتخب وأي فريق آخر كان سيشرك توريس أساسيا دون نقاش. إذن الفضل يعود إليه؟ لا يمكن أن نرجع الفضل إلى لاعب أو مدرب أو شخص واحد في التتويج بلقب مثل كأس العالم فديل بوسكي لم يكن ليفعل شيء دون اللاعبين أو الطاقم الإداري والمجموعة ككل حيث ساهم كل فرد في الفوز بكأس العالم، كما أن المدرب لا يهم عندما يكون فريق قوي ومنتخب متكامل يملك قاعدة كروية وعادات وتقاليد في كرة القدم. نعود إلى المنتخب الوطني الجزائري، ما رأيك في نتائجه التي حققها في كأس العالم؟ إنها مقبولة على العموم من حيث الفوائد التي سيجنيها من مشاركته، كالخبرة في المنافسات الكبيرة، بالإضافة إلى الإحتكاك بأقوى الفرق العالمية والعودة إلى المشاركة في كأس العالم بعد 24 سنة من الغياب، على ما أظن وحتى لاعبيكم أصبحوا الآن مشهورين ومعروفين ولا يحب النظر إلى الأرقام حاليا لأنه فات الأوان وأقصيتم من الدور الأول، خاصة أن الهدف كان مشاركة مشرفة، والشيء الآخر الذي يجب الإستفادة منه هو غرس ثقافة المنافسات الكبرى واكتساب قاعدة كروية في الجزائر. لكن هذا لا يخفي السلبيات التي ظهرت على مستوى المنتخب الوطني؟ الوقت أمامكم الآن لتصححوا أخطاءكم وتستفيدوا من الدروس، وعلى العموم المشاركة إيجابية، دون أن ننسى أنكم قبل سنتين لم تلعبوا حتى كأس إفريقيا والعودة كانت تدريجية، من نصف نهائي كأس إفريقيا، ثم المشاركة في المونديال وبعدها القادم سيكون أحسن. وماذا يجب ليكون المنتخب بطل إفريقيا في 2012؟ أن تبقى هذه المجموعة وتواصل العمل بجد لأنه السبيل الوحيد لتحقيق النتائج، بالإضافة إلى تشبيب المنتخب الوطني بتدعيمه بعناصر شابة وفي مقتبل العمر حتى تتكون في المنتخب الجزائري وتكون نضجت كرويا بعد سنتين أو أربع سنوات، كما أن الإستعانة باللاعبين الذين ينشطون في أقوى البطولات الأوروبية، مع الإعتناء بالمنتوج المحلي. ماذا عن المدرب الوطني سعدان؟ أنا لا أعلم إن قرر البقاء أو رحل، لكن أرى أن مصلحة الفريق الجزائري في أن يواصل المهمة التي بدأها مع هذه المجموعة الجيدة لأنه قام بعمل كبير في السنتين الأخيرتين واستطاع أن ينتقل بالمنتخب الجزائري إلى المشاركة في كأس العالم لأنه مع المدرب الذي كان قبله لم يشارك المنتخب حتى في كأس إفريقيا وأظن أنه كان أجنبيا، لذلك فلنمنحه فرصة أخرى لتحقيق شيء ما للجزائر، خاصة أنكم تريدون الفوز بكأس إفريقيا القادمة والإستقرار عامل ضروري في نجاح أي منتخب. وهل ترى أنه قادر على قيادة المنتخب إلى التتويج مثلما فعل ديل بوسكي في سنتين مع إسبانيا؟ يضحك.. الأمر مختلف فديل بوسمي وجد فريقا كبيرا ونجوما عالمية ونجح فقط في تسيير المجموعة، أما سعدان فهو من سيبني هذا الفريق ويكونه.. أظن أن أي مدرب لا تكفيه سنتان لتكوين منتخب قوي إلا ديل بوسكي الذي وجد منتخبا رائعا، وترك سعدان أفضل للجزائر لأنه سيحقق في 6 سنوات أو 4 أحسن مما سيحققه في سنتين، خاصة أن لديكم تجارب فاشلة مع الأجانب وهذا يبقى رأيي فقط. وماذا عن اللاعبين الجزائريين.. ما رأيك في أدائهم؟ أرى أن أغلب لاعبيكم تكونوا في المدارس الفرنسية وتلقوا تكوينا في المستوى والدليل أنهم يلعبون في أوروبا ومختلف البطولات، ومن الطبيعي أن يظهروا بوجه مشرف في المونديال ولن يشعروا بفارق المستوى لأنهم يلعبون في بطولات هي نفسها التي ينشط فيها النجوم الكبار واعتادوا على مواجهتهم وأعجبوني أمام إنجلترا ولعبوا بتلقائية كبيرة، مما مكنهم من آداء مباراة في القمة يومها. ألم يلفت انتباك أي لاعب من المنتخب الوطني؟ هناك لاعبون برزوا وآخرين لم يتألقوا أظن أن اللياقة البدنية عامل أساسي في الآداء وقد لفت انتباهي الحارس الجزائري مبولحي وبعض اللاعبين الآخرين الذين لا أحفظ أسماءهم.. على العموم لديكم منتخب لا بأس به، بالإضافة إلى لاعبين لم يبرزوا بالشكل المنتظر منهم مثل لاعب مارسيليا السابق (زياني) الذي نقص آداؤه كثيرا مقارنة بالفترة السابقة. وهل تعلم أن بعض لاعبينا كانوا في مفكرة أكبر النوادي الأوروبية؟ إنه شيء جميل ومفيد للكرة الجزائرية أن تهتم مختلف الأندية الأوروبية الكبرى باللاعبين الجزائريين وأتمنى أن يمضوا ويلتحقوا بهذه الفرق لأن ذلك سيطور الكرة الجزائرية وفي مصلحتكم أنتم كذلك، لكني للأسف غير مطلع على أخبار التنقلات لأني في عطلة بعيد عن كرة القدم. نريد أخذ رأيك فقط في بلحاج الذي أمضى رسميا في السد القطري؟ هل تقصد الظهير الأيسر إنه لاعب ممتاز ولديه فنيات كبيرة، وقد تألق في مباريات المنتخب الجزائري في كأس العالم، ربما أمضى هناك لأنه كبير في السن أو لم يستطع ضمان منصب أساسي في فريقه الإنجليزي، على كل حال كنت أتمنى رؤيته رفقة كل اللاعبين الجزائريين في أوروبا، خاصة أنهم تكونوا هناك (نقاطعه )... لا.. سنه 27 سنة ومطلوب من لازيو وويست هام، لكنه اختار قطر؟ إنه أمر مؤسف أن يلهث لاعب في سنه وراء المال والإمتيازات التي تمنح للاعبين في قطر، إنه لاعب بدون طموح لأنه لا يمكن رفض لازيو وويست هام من أجل الأموال في قطر وخاصة أن سنه صغير وبإمكانه اللعب لاحقا هناك، فاللاعب الذي يفضل عرض الخليج على الفرق الأوروبية، أكيد أنه لا يبحث عن تطوير مستواه، بل يريد ملأ رصيده بالأموال فقط عوض التقدم في الجانب الفني والرياضي. الكل في الجزائر محبط بسببه؟ أكيد لأنكم تعرفون الكرة جيدا وأي شخص يعرف كرة القدم يتفاجأ للاعب مطلوب في لازيو سنه 27 سنة يختار قطر أتمنى أن لا يندم مستقبلا. لماذا صار لاعبو المنتخب لا يفضلون البطولة الفرنسية؟ إسأل لاعبيكم الذين أصبحوا يفضلون إنجلترا وألمانيا وإيطاليا، رغم أنهم تكونوا في المدارس الفرنسية وهذا شيء طبيعي لأن اللاعب يريد تغيير الأجواء بعد أن يقضي سنين في فرنسا، كما أنهم يريدون اكتشاف بطولات أخرى، خاصة أن الأندية الفرنسية كانت ومازلت تعتمد على الأفارقة ويبدو أن فرقنا لم تصبح تتلائم مع طموحات لاعبيكم. وما هي البطولة التي تتناسب مع مؤهلات اللاعبين الجزائريين؟ الأمر مختلف بين اللاعب الجزائري في سنوات مضت أين كان ينجح في فرنسا والآن تكوينهم يختلف عما كان في السابق، حيث كان اللاعب يأتي من الجزائر أما الآن فهو يتكون بفرنسا ولديه نفس مؤهلات اللاعب الفرنسي، لذلك لا يوجد أي مشكل واللاعبون الجزائريون بإمكانهم اللعب في أي بطولة، والدليل لديكم لاعبون في كل البطولات من الألمانية إلى الإنجليزية والإيطالية والفرنسية وحتى البرتغالية واليونانية. شكرا سيدي.. كلمة أخيرة... إنكم تملكون منتخبا لا بأس به وعليكم وضع الثقة فيه ومع الوقت سيحقق هذا المنتخب شيئا ما ولا يجب أن تغيروا كل شيء بعد إقصاء من الدور الأول في منافسة كنتم تحلمون بالتواجد بها والأمور لا تأخذ هكذا، بل تعالج بواقعية والتخطيط أمر رئيسي في تحقيق أي هدف وأوجه تحياتي إلى كل الجزائريين وإلى اللقاء.