حمّل وزير المجاهدين محمد الشريف عباس فرنسا مسؤولية الأضرار التي لحقت بصحة الجزائريين في الجنوب، جراء التفجيرات النووية الفرنسية التجريبية ودعاها إلى "ضرورة فتح أرشيف هذه التجارب أمام الباحثين قصد تحديد الآثار البيولوجية المترتبة عنها، بما يمكن من وصف ما يجب فعله. وأكد وزير المجاهدين في الكلمة الافتتاحية للملتقى، التي تلاها نيابة عنه مدير التراث التاريخي ابراهيم عباس، أن "كل القوانين والأعراف الدولية تؤكد مسؤولية الملوث في مثل هذه الحالات وإلزامه بالتكفل بالآثار السلبية الناجمة عن ذلك". من جهة أخرى، دعا رولان بوير أولدهام رئيس جمعية بولينيزيا الفرنسية، التي اتخذتها الحكومة الفرنسية حقلا لتجاربها النووية بداية من سنة 1966، السلطات الجزائرية إلى العمل على بلورة نتائج الملتقى الدولي حول آثار التجارب النووية في العالم، والتي قدمت فيها التجارب النووية الفرنسية بالصحراء الجزائرية كنموذج، في شكل أرضية صلبة، من أجل الضغط على الحكومة الفرنسية وحملها على الاعتراف بجرائمها المترتبة عن تجاربها النووية في البلدين وما خلفته من أضرار بيولوجية على الإنسان والطبيعة. النائب بالبرلمان الفرنسي عن مقاطعة ما وراء البحر، المعروفة باسم بولينيزيا، الواقعة على بعد الآلاف من الكيلومترات عن الضفة الغربية لقارة أمريكا الجنوبية، أوضح في تصريح صحفي على هامش الملتقى الدولي المنظم بفندق الأوراسي، أن الفرصة مواتية لإجبار فرنسا على الاعتراف بجرائمها، خاصة وأن الانتخابات الفرنسية على الأبواب، كما قال، مشيرا إلى أن الأمر يتطلب بعض التنسيق بين الحكومتين البولينيزية والجزائرية ومعهما قليل من الضغط الشعبي، من أجل الوصول على الغاية المرجوة، والمتمثلة في اقتطاف الاعتراف الرسمي قبل الحديث عن أية مصالحة تاريخية. وفي هذا الصدد، طالب أولدهام الحكومة الفرنسية، بالكشف عن نتائج لجنة التحقيق الحكومية بشأن الجرائم المترتبة عن تجاربها النووية في كل من الجزائر وبولينيزيا الفرنسية، والتي انتهت من عملها في النصف الثاني من السنة المنصرمة، لكن من دون تعلن عن نتائج هذا التحقيق، وتقديم الوثائق ذات العلاقة، مشددا على ضرورة الاعتراف بالحقوق الشرعية لضحايا التجارب النووية، وفي مقدمتها التكفل بمصاريف العلاج، وهذا لا يتأتى، كما قال، إلا بصياغة قانون يقر التكفل السريع بالمتضررين، الذين مات منهم الكثير قبل أن يحصلوا على التعويضات، بسبب طول مدة المتابعة القضائية التي عادة ما تستغرق تسع سنوات على الأقل. وكانت السلطات الاستعمارية قد أجرت 17 تجربة نووية في الصحراء الجزائرية بداية من سنة 1960 إلى غاية 1966، قبل أن تنقل تجاربها النووية إلى منطقة بولينيزيا الفرنسية المحتلة، وهو ما يفسر التضامن الظاهر بين الحكومة الجزائرية ونظيرتها البولينيزية في هذا المجال. محمد مسلم: [email protected] أكدت وزارة الدفاع الفرنسية، في ملف حول التجارب النووية ومتابعتها في الصحراء الجزائرية، مراعاة الحكومة الفرنسية للمعايير الدولية الأمنية خلال التجارب النووية التي قامت بها فرنسا في صحراء الجزائر بين 1960 و1966 والمتمثلة في 4 تجارب جوية و13 تحت الأرض وصفتها ب"الآمنة" كونها لم تطلق طاقة نووية. وأوضحت في ملف تقني، تسلمت "الشروق اليومي" نسخة منه، أنه من بين التدابير الأمنية التي اتخذتها الحكومة الفرنسية آنذاك إنشاء وزارة الدفاع الفرنسية في 6 جانفي 1958 لجنة استشارية لأمن المواقع مكلفة بدراسة المشاكل الأمنية المتعلقة بالتجارب النووية وكذا المجمع العملي للتجارب النووية في فيفري 1959 المكلف بضمان الأمن في المواقع التجريبية في كل من "المركز الصحراوي للتجارب العسكرية" في رقان و"مركز التجارب العسكرية في الواحات" في منطقة إنكير بالهقار" وبذلك، فقد حددت اللجنة في الفترة ما بين 1958 و1959 مسافة أمنية مقدرة ب 50 كلم بين نقاط التجارب والمواقع السكنية برقان، بالإضافة إلى منع استغلال الفضاء الجوي خلال تدفق الأشعة على بعد 50 كلم، مشيرة إلى التزامها ببعض الإجراءت قبل كل تجربة، كالاعتماد على التوقعات الجوية التي تحدد اتجاه السحابة الناتجة عن الانفجار. أما عن حصيلة الإشعاعات النووية الناتجة عن التجارب الجوية في الصحراء، فأشارت الوثيقة إلى أن المنطقة المصابة بالإشعاعات في ران حددت، 24 بعد التجربة، بين 10 و150 كلم طولا و10 إلى 20 كلم عرضا، لتتراجع بعد عدة أشهر إلى 100 و300 متر. ونفت الوثيقة وجود أية أضرار بيئية خلفتها تلك التجارب، وهو ما تم التأكد منه، حسبها، بعد انتهاء كل تجربة عند معاينة المياه والمنتوجات الزراعية في المناطق القريبة من المواقع النووية التي كانت إشعاعاتها "ضعيفة"، حسب المصدر ذاته. وهو ما أكدته مؤخرا - تضيف الوثيقة - لجنة ضمت خبراء أجانب وجزائريين بخصوص الوضعية الإشعاعية المبدئية في منطقتي رقان وإنكير التي خلصت إلى أن معظم المناطق المحيطة بمواقع التجارب لوحظ فيها نشاط إشعاعي ضعيف. تجدر الإشارة إلى أن أول تجربة نووية فرنسية جوية في الصحراء الجزائرية تعود إلى 13 فيفري 1960، في حين تعود أول تجربة تحت الأرض إلى 7 نوفمبر 1961. إيمان بن محمد: [email protected]