بادرت قناة "الجزيرة" القطرية نهاية الأسبوع الماضي إلى عقد أول مناظرة من نوعها بهدف التقريب بين المذهبين السني والشيعي، جمعت بين الداعية الكبير الدكتور يوسف القرضاوي والرئيس الإيراني السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وجاءت هذه المبادرة في وقت ازدادت حدة الاتهامات الموجهة لإيران بوصفها الرأس المدبر للحرب المعلنة على سنة العراق، والمنفذة بأيدي عراقيين شيعة منضوين تحت تنظيمات مسلحة مختلفة أبرزها فيلق بدر وجيش المهدي وأيضا فرق الموت التابعة لبيان جبر صولاغ وزير الداخلية العراقي السابق. وفي ما وجه الشيخ القرضاوي ملاحظاته مستعينا في ذلك بخطاب دعوي مؤثر ومباشر لرفسنجاني الذي يشغل أيضا منصب رئيس هيئة تشخيص مصلحة النظام الإيراني، ارتدى هذا الأخير عباءة السياسي والدبلوماسي في محاولة منه لرد التهم الموجهة لبلده بشأن تورطها في صياغة المشهد العراقي منذ بداية الاحتلال الأمريكي للعراق قبل أزيد من ثلاث سنوات و إلى غاية اليوم. وحظيت المسائل الخلافية بين السنة والشيعة بالنقاش بين الرجلين كمسألة التشيع ومسألة سب الشيعة لصحابة الرسول الكريم وقضية تكفير الآخر وملف المشاركة السياسية لأتباع المذهبين في البلاد الإسلامية، وقد ظهرت بشكل واضح صرامة الشيخ القرضاوي عندما قال لرفسنجاني بخصوص جرأة الشيعة على سب الصحابة "لا أستطيع أن أضع يدي في أيديكم إذا بقيتم تشتمون الصحابة"، وهو الأمر الذي حاول رفسنجاني نفيه بالقول "أن أئمة الشيعة في كل خطبهم بالمساجد يقولون اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وأصحابه". وفي قضية التشيع التي حظيت باهتمام إعلامي في المدة الأخيرة، استفسر الشيخ القرضاوي مناظره عن الفائدة التي يجنيها أهل الشيعة من كسب مؤيدين لهم في البلاد السنية الخالصة مثل مصر أو الجزائر أو المغرب، موضحا له انهم يمكن ان يكسبوا مئات او آلاف، لكنهم سيخسرون الأمة التي يمكن ان تفتتن بمثل هذه السلوكات. وفي موضوع التمثيل السياسي لأتباع المذهبين في البلاد الإسلامية، قارن القرضاوي بين وضع 15 مليون سني إيراني الذين ليس لهم أي تمثيل سياسي في الحكومة، في حين حصل الأقباط مثلا وهم أقلية في مصر على ثلاث وزارات في الحكومة. وفي الإطار ذاته، ردد الشيخ القرضاوي ما كان يقوله في كل مناسبة تتاح له بشأن ضرورة توضيح قيادات المذهب الشيعي سواء في إيران أو العراق لحقيقة الدور الذي تقوم به في بلاد الرافدين، موجها دعوة مباشرة لمسؤولي إيران كي يتدخلوا لتوقيف المذابح اليومية التي يتعرض لها سنة العراق، والتي أجبرتهم على هجرة أحيائهم وممتلكاتهم باتجاه محافظات أكثر أمنا وأحيانا يجبرون على مغادرة البلاد كلية. رمضان بلعمري : [email protected]