بقلم: خضير بوقايلة: kbougaila@gmail.com لعل هذه من المرات النادرة التي أجد فيها نفسي حائرا بين الاستسلام لشعور الخوف أو الابتهاج.. والحق أن مواظبتي على مطالعة الصحف الجزائرية ساهمت إلى حد بعيد في تشكيل هذا الشعور الغامض لديّ. قد أكون مخطئا في قراءاتي مثلما قد يكون هذا الشعور مركبا لدى كثير من الجزائريين غيري. منذ أشهر نقلت الصحف أن الجماعة السلفية للدعوة والقتال أعلنت انضمامها رسميا إلى تنظيم القاعدة وأنها اختارت لنفسها اسما جديدا ينتسب إلى هذا التنظيم العالمي، ومنه جاءت التسمية الجديدة (تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي)، هكذا مرة واحدة! تداول العالم هذه الأخبار الطيبة، ومع مرور الأسابيع بدأ العالم ينسى هذا الحدث، إلا صحفنا الغراء التي واصلت بكل جدّية واهتمام متابعة أخبار الوليد الجديد. وبقدرة قادر صارت أخبار قاعدتنا تطغى على أخبار قاعدة أسامة بن لادن وأيضا على قاعدة بلاد الرافدين. ويوما بعد يوم صار الرأي العام عندنا يتابع بشغف أخبار القاعدة من صنع محلي، نعم، هكذا مرة واحدة ارتقينا إلى مصاف الدول التي تصول فيها القاعدة وتجول، وتحوّل جزء من الصحافيين المحليين إلى مختصين وخبراء في شؤون تنظيم القاعدة. وأعتقد أن هذه القفزة المهنية الجديدة ستفيدهم كثيرا في رحلة بحثهم عن وظائف جديدة خارج البلد، لأن سيرتهم الذاتية ستحمل من الآن فصاعدا جملة رائعة تقول إن صاحب هذه السيرة مختص في متابعة وتغطية نشاطات القاعدة والمحظوظون سيزيدون عليها عبارة محاورة قادة القاعدة. صارت الجزائر منافسة لأفغانستان والعراق من حيث النشاط القاعدي فيها، وشهدنا ذلك التعايش المذهل بين تنظيم من أعتى وأفتك التنظيمات المسلحة وبلد معروف عن نظامه أنه من أشرس أعداء الإرهاب. وتحولت القاعدة في الجزائر إلى تنظيم يكتفي بزرع قنبلة في بومرداس وأخرى في قرية نائية، تنظيم يقيم أعضاؤه حاجزا مزيفا في جبال معزولة وينهب من الناس مصروف جيبهم وأحيانا سياراتهم. تنظيم لطيف جدا، أليس كذلك؟! أخبار كثيرة قرأتها في صحفنا المتميزة عن نشاطات القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (وليس في جبال سيد علي بوناب)، أخبار أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، قوات الأمن في قرية كذا تعتقل عنصرا خطيرا من تنظيم القاعدة، مقتل عنصرين من القاعدة قرب مدينة كذا، قوات الجيش تدكّ معاقل القاعدة، الصحيفة الفلانية تخترق الحصار وتدخل لأول مرة عرين تنظيم القاعدة وتنقل لقرائها الأعزاء (يستاهلو أكثر من هذه التضحية) وقائع الحرب على تنظيم القاعدة، توقيف 7 أشخاص مجندين مع تنظيم القاعدة ويقيمون ببلدية المقرن الواقعة على بعد حوالي 30 كلم من مدينة الوادي (والبعيدة آلاف الكيلومترات عن جبال تورا بورا)، القضاء على 22 إرهابيا منذ حصار القاعدة في بجاية. نفس البجاية التي تقود وزارة السياحة حملة دولية للإشهار بها وبمعالمها السياحية! لكن أطرف ما قرأته هو حوار أجراه مراسل صحفي مع أحد المرشحين للانتخابات البرلمانية غير المزورة القادمة، وهو ممثل عن حركة العروش اختطفه مسلحون ثم أطلقوا سراحه بعد أن افتداه أبناء قريته بمليار سنتيم فقط لا غير طلبها الخاطفون مقابل تحريره. يقول المرشح المختطف وهو يروي تفاصيل الاختطاف والساعات العسيرة التي عاشها مع خاطفيه إن هؤلاء فعلوا فعلتهم ووجوههم مكشوفة. وعندما سأله المراسل الحربي عن هوية خاطفيه قال إنه لا يعرف، لكنه استدرك قائلا إنه متأكد من شيء واحد هو أنهم ينتمون إلى تنظيم القاعدة، نعم، أحلف غير حانث أن هذا ما نُقِل في نصّ الحوار على لسانه. القاعدة بلحمها وشحمها ولحيتها اختطفته وأخذت مليار سنتيم وأخلت سبيله وذهبت لحالها. أقرأ هذا الأخبار (وما أكثرها في أيامنا هذه) وأتحوّل إلى الضفة الأخرى أنتظر ردّ فعل، فلا أرى شيئاً. أين هم الأميركيون؟ أين بوش وبلير وألدّ أعداء القاعدة؟ أين قوات التحالف؟ أين مجلس الأمن؟ أين حاملات الطائرات العملاقة؟ أين رجال المارينز؟ أين العالم؟ في بيتنا قاعدة والعالم يتفرّج. ماذا تنتظرون يا عالم لتهبّوا لنصرة بلد تجثو عليه القاعدة وتختطف مرشّحيه وتبتزّ أموالهم وتفجّر هنا وهناك قنابل تقليدية الصنع؟ أتساءل مرات إن كانت سفارات بلدان التحالف ضد قوى الشر في العالم تقرأ صحفنا المحلية وتتابع أخبار قاعدتنا أم أنّ أعضاءها منصرفون إلى عالم البزنس مثلما يفعله دبلوماسيونا في أصقاع العالم؟! بل حتى صحفهم لم ألاحظ فيها اهتماما كبيرا بقضيتنا، وقد وقفت الأسبوع الماضي على تقرير في النيويورك تايمز عن الجيل الجديد لقيادة القاعدة وكنت أنتظر أن أقرأ عن زعيم السلفية الجزائرية أو عن أي كبير في جماعتنا فلم أجد شيئا، من بين كل الخبراء والمسؤولين الأميركيين المهتمين بموضوع القاعدة لم يتحدث أحد منهم لمعدّي التقرير عن القاعدة الجزائرية. بل أكثر من ذلك وجدت أن إخواننا المغاربة والليبيين أخذوا منا قصب السبق. فمن بين خمسة أسماء من أهم قادة القاعدة الشباب ولا جزائريا واحداً، هناك أبو جهاد المصري، أبو عبيدة المصري، عبد الهادي العراقي، عطية عبد الرحمن الليبي وخليل حبيب المغربي.. لم يبق لي إلا أمل واحد في أن يسمع العالم صوتنا، ويهتم بأمر قاعدتنا. أن يركز المرشح المختطف في حملته الانتخابية ثم تحت قبة البرلمان على موضوع القاعدة، وأن يفعل باقي المرشحين مثله! منذ أسابيع وأنا أتابع على شاشتنا الذهبية برنامج منتصف الليل، والحق أنني تشجعت على متابعته لأنني أبقى الوحيد المستيقظ في البيت في تلك الساعة، وقد كنت أفعل ذلك خفية اعتقاداً مني أن الأمر يتعلق ببرامج منتصف الليل، لكن بعد طول متابعة قرّرت أن أوجّه إلى كل العالم دعوة عامة للمواظبة على متابعة هذا البرنامج اليومي وإلى مسؤولي البرمجة في التلفزيون دعوة خاصة ليقدموا موعد بث البرنامج ليكون مباشرة بعد نشرة الأخبار أو في نفس توقيت الأخبار، وأطمئن الإخوة أن الاهتمام بالبرنامج سيكون أكثر من متابعة نشرة الأخبار وأنا متأكد أن لا يلقى هذا الإجراء إلا استحساناً وثناءً، وإذا تعذّر ذلك فلا بأس أن تخصِّص فقرة موجزة لدعوة المشاهدين إلى متابعة البرنامج بعد الجنيريك! البرنامج اسمه (فكّر واربح)، وهو كما يدل عليه اسمه برنامج تثقيفي لأن فيه تفكيراً ومربح لأنّ فيه جوائز مالية معتبرة للفوز. كل ماعليكم فعله هو البقاء مستيقظين بعد منتصف الليل والتأكّد من أن إلى جانبكم هاتفا يتحمّل الاتصال بالأرقام التجارية التي تجدونها مكتوبة أمامكم على الشاشة طول الحصة، حتى جماعة فرنسا خُصِّص لهم رقم للمشاركة. أعلم أن هذا الكلام لا يكفي لتشجيعكم على السهر مع واحد من أرقى البرامج التي تنتجها تلفزتنا بعد نشرة الأخبار. لهذا فإنني كلفت نفسي عناء تسجيل إحدى الحصص وها أنا أقترح عليكم قراءة المقدمة التي تتحفنا بها مقدمة البرنامج كل ليلة وأنا متيقن أنكم ستندمون على ما ضيّعتم من حصص. أفتح القوس لأترك الميكروفون للأخت المنشطة الكريمة، وأنتم تقرأون تخيّلوا صوتا مخمليا رخيما يرنّ في آذانكم وسط سكون الليل الرهيب (أهلا وسهلا بكم أعزائي المشاهدين في حصة جديدة من حصص فكر واربح، فكروا معايا اليوم أيضا، عندي جوائز كبيرة وعندي ألعاب اللي ممكن تربحوا بيها، وأول لعبة اليوم وأول سؤال اللي ممكن تربحوا بيه إذا جاوبتوني عليه أكيد، هو كم عدد الدوائر في هذه اللعبة اللي راهي باينة معانا اليوم.. عندي هنا دوائر كثيرة أعزائي المشاهدين، علينا التركيز على على كل دائرة موجود في اللعبة.. كل الألوان موجودة تقريبا معي.. عندي أخضر، أحمر، أصفر، أزرق، بنفسجي، برتقالي.. كل الألوان. ما علينا غير نحسب أعزائي المشاهدين كل دائرة موجودة في هذه اللعبة باش نتوصّل مع بعض إلى الإجابة الصحيحة، لأن الإجابة الصحيحة عليها جوائز موجودة معايا هنا، على الأقل 10 آلاف دينار، أعزائي المشاهدين اللي ممكن تتوصلوا إليها، وعندي بونيس على هذا اللعبة اللي حيكون مليون دينار. ركزوا معايا مليح.. اللي حاب اليوم يلعب ويربح لازم يركز لي على كووول دائرة موجودة في هذا اللعبة... آني حابة نسمع منكم هذا الرقم، آني حابة نسمع منكم رقم واحد اللي حيربّحكم، اللي رايح يعطيني الرابحن الرابح الأول اللي رايح يربح معايا اليوم المليون دينار! الدوائر موجودة والجوائز موجودة أكيد راهي تستنّا فيكم، وأنا أيضا راني نستنّا فيكم، راني نستنّا في الرابح... عندي دوائر ملونة مختلفة الأحجام أيضا، أنا ما يهمنيش أكيد ولا اللون ولا الحجم، أنا اللي يهمني الرقم، وهذا الرقم أكيد آني حابة نسمعو من عندكم..)، وبعد مشاركات عديدة تقول لنا المنشِّطة كاملة الأوصاف (ما نقدرش نستنّا بزّاف، راني نستنّا فيكم..). واش راكم تستنّاو باش قرائي الأعزاء حتى تصبحوا مثلي من أشد المغرمين بهذا البرنامج المثقف حقا. ومساعدة مني الخبير في متابعة البرنامج، أنصحكم أن لا تتصلوا إلى عندما تقترب الحصّة من نهايتها، لأنكم ولو حسبتم عدد الدوائر بالمكروسكوب فإنكم لن تتوصّلوا إلى العدد الصحيح إلا بعد مرور الوقت الكافي. والجائزة هي 10 آلاف دينار، أما المليون دينار فعليكم أن تنتظروا عودة الخليفة ليحرر لكم المبلغ!